بعد يومين من اندلاع كارثة حريق كاتدرائية نوتردام بالعاصمة الفرنسية باريس، كشفت تقارير إعلامية عن بلوغ حجم التبرعات المتدفقة لإعادة ترميم الصرح الديني والتاريخي نحو مليار دولار، فيما دقت أجراس كاتدرائيات فرنسا، البالغ عددها نحو مئة، لدقائق عدة في الساعة التي اندلع فيها الحريق الرهيب.

وقال مبعوث الرئاسة الفرنسية للتراث الثقافي ستيفان بيرن لمحطة «فرانس إنفو» الأربعاء إنه تم جمع نحو 880 مليون يورو (995 مليون دولار) بعد نحو يوم ونصف يوم فقط من الكارثة المروعة. وأوضح أن التبرعات تفد تقريبًا من كل مكان حول العالم، ومن كل فئات الداخل الفرنسي، سواء كانوا أثرياء يملكون شركات عملاقة مثل لوريال وشانيل وديور، أو مصلين عاديين تأثروا بمشاهد حريق كنيستهم التاريخية.

وكانت الحكومة الفرنسية قد أطلقت حملة جمع التبرعات لإعادة ترميم الصرح التاريخي، وأنشأت مكتبًا خاصًا لتلقى التبرعات الضخمة. وعلى الرغم من حملة التضامن الكبيرة مع الحريق المروع، فإنها لقيت أيضًا انتقادات واسعة في أوساط الرأي العام الفرنسي، الذي اعتبر أنه من الممكن توجيه تلك الأموال لإنجاز مهام أخرى.

هبات وانتقادات

وأمام سيل الوعود بتقديم هبات بمبالغ طائلة لترميم كاتدرائية نوتردام، علت أصوات كثيرة تندد بما اعتبرته سخاء انتقائيًا في فرنسا الغارقة منذ أشهر في أزمة "السترات الصفراء" والتي تسجل تراجعًا في الهبات المقدمة للفقراء. وقال فيليب مارتينيز الأمين العام للاتحاد العمالي العام، "إذا كانوا قادرين على منح عشرات الملايين لترميم كاتدرائية نوتردام، فليكفّوا عن القول لنا إن ليس هناك مال لمعالجة الحالة الاجتماعية الطارئة".

وعلى تويتر، دعا الكاتب الصحافي الكاثوليكي إروان لو موريديك الأشخاص الذين قد يعتبرون هباتهم "هزيلة" في مواجهة سيل الأموال المتدفقة من الشركات الكبرى لترميم كاتدرائية نوتردام، إلى "تحويل وجهتها نحو جمعيات تداوي البشر في ظل الانهيار الذي سجلته الهبات الممنوحة لها".

وكتبت مؤسسة الأب بيار، أحد أبرز وجوه الإحسان في فرنسا في العقود الماضية، عبر تويتر "400 مليون يورو لترميم نوتردام. شكرًا كيرينغ وتوتال وال في ام اتش على سخائكم فنحن متعلقون جدًا بالمكان الذي شيع فيه الأب بيار، لكننا متمسكون بشدة أيضًا بكفاحه. سنكون في قمة السعادة إذا ما قررتم تقديم 1% إضافية من هذا المبلع للفقراء".

لكن المسؤول عن التراث في الرئاسة الفرنسية ستيفان بيرن قال إن "الربط بين الحجارة القديمة والناس أمر سخيف إذ إنه من هذه الحجارة يتغذى الناس" بسنوات العمل التي تؤمنها الورشة "للنحاتين والنجارين" الذين سيعملون فيها.

مسابقة دولية

وترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء اجتماعًا لمجلس الوزراء خصص لكاتدرائية نوتردام. وبعد الاجتماع، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب أن مسابقة دولية لهندسة العمارة ستطلق لإعادة أعمار برج الكاتدرائية الذي دمره الحريق.

وقال إن ذلك "سيسمح بحسم قضية ما إذا كان يجب بناء برج مطابق" لذاك الذي دمر، أو "برج جديد يتلاءم مع تقنيات ورهانات عصرنا". وستدرج هذه المسابقة في إطار مشروع قانون نوتردام الذي يمنح إطارًا قانونيًا للمساهمة الوطنية في عملية إعادة البناء وينص على خفض كبير في الضرائب.