موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٩ أغسطس / آب ٢٠١٤
مسيحيو الشرق ومأساة المسلمين

مدحت قلادة :

"أن كنت محباً، كن صادقاً، وإن كنت غير ذلك فأنت متلون".

مأساة مسيحيي الشرق وكل الأقليات في المنطقة: صابئة، مندائيين، أيزديين، شيعة، وسنة أيضاً كلها تكمن في وطنهم الأصلي، فتراب أرض الوطن هي أجساد أجدادهم وذكرياتهم وولائهم على اختلافهم. تتفاقم المأساة في عالم اليوم، عالم بلا ضمير، عالم فقد انسانيته وأصبح شغله الشاغل هو العمل على أجندته.

مأساة يعيشها المختلف في الشرق، فالذبح والنحر وسط التكبير، والسرقة والنهب حلالاً والاغتصاب أصبح جهاداً، والنساء أصبحن سبايا، وتغيرت كل القيم الإنسانية لنعود إلى أزمنة غابرة يتسلح فيها الغوغاء والدهماء بأسلحة فتاكة حديثة وبعقول وأفكار بائدة.

مأساة يعيشها المسيحيون في بلاد الشرق ويعيشها 30 ألف أيزدي فى العراق، يموت الأطفال عطشاً ويذبح الرجال والنساء تغتصب أو تاخذ سبايا طبقاً للشرع.

يعتقد العديد أن ماساة الأقليات في منطقة العالم الإسلامي هي مأساة للأقليات فقط ولكنها في الحقيقة هي ليست كذلك هي ماسأة المسلمين أنفسهم فأصبح الدين بعد تشويهه دين الذبح والنحر، وبات للعالم أجمع أن صور الذبح والنحر والرايات السوداء وعلامة لا إله الا الله ما هي إلا صورة لسفاحين وقتلة ليسوا باسم الدين فقط بل هم أمام العالم الدين بعينه.

مأساة المسلمين في تشويه دينهم فأصبح الدين يحلل الإرهاب والقتل والذبح والنكاح أيضاً وانتهاك الأعراض والاغتصاب.. لذلك ليس بعجيب أن ترى الملايين من البشر تركوا الإسلام طوعاً والتجأوا إلى الإلحاد.. ليس بغريب أن ترى أي شخص يخاف الاقتراب منك لأنك مسلم.. ليس بغريب أن ترى على أرض الواقع تغيير واقعي لكلمات مأثورة، فبدلاً من دخلوا في دين الله أفواجا أصبح خرجوا وهربوا بعدما اختطف الدين وأصبحت الغالبية صامتة والأقلية ذاعقة.

مأساة اليوم هي ماساة المسلمين من الذين اختطفوا الدين واختطفوا الله ذاته فأصبحت كلماتهم هي كلمات الله وشرعهم وأفكارهم هي أفكار الله نفسه فأباحوا سفك الدماء.

مأساة المسلمين في أنهم متشرذمون، ليس لهم صوت واحد، حكومات وملوك وأفراد انقسموا، فالنسبة الكبيرة من الشعوب تهلل لانتصار داعش السنية على العلويين والشيعة والمسيحيين والأيذديين والصابئة والمندائين، فهؤلاء كل شخص منهم داخله داعش ولو أتيحت الفرصة لسلك طريق الجهاد وأصبح ذابح ناحر مغتصب، وربما يعتقد أنه سوف يقف أمام الله المحب يتباهى بكم نفس نحر وكم بشر ذبح وكم فتاة اغتصب "حاشا لله".

مأساة المسلمين العقلاء بالأكثر الذين يدركون أن هذه الأعمال هي تشويه للدين ولهم، ولكن ذنبهم أكبر لأن صمتهم ضعف وتخاذلهم هوان..

والواقع أن أدانتهم ليست قوية وليست لها صدى على أرض الواقع وليست لها قدرة على التغيير.

مأساة العالم الإسلامي القابل على تشويه الدين وملوك ورؤساء العالم الإسلامي فالكل ملك يقف ينتظر تحرك الشيطان الداعشي نحو مملكته ليندم على صمته وربما تعضيده لهم.

ومأساة العالم الإسلامي أجمع الذي يقف ويتنظر تحرك الغرب ليؤكدوا للعالم أجمع أنهم دمى في سوق السياسة العالمية.

والمسأة الكبرى أن من احتضن ثعباناً مات مسوماً، ومن آمن إرهابياً مات مقتولاً، ومن صمت على سرق بيت جاره سيكون هو الضحية غداً، والصامت عن الحق شيطان أخرس".