موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ١١ مارس / آذار ٢٠١٩
ما الحل مع أسئلة الطفل الغريبة؟

عمان - غدير سالم :

لماذا ؟ هذه أكثر كلمة يقولها الأطفال وبالتالي هي أكثر كلمة تزعج الأهل من تكرارها و لكنها تعبر عن كم الشغف المعرفي لدى الطفل، فربما يسأل ليدرك شيئا معينا لم يفهمه، والإحتمال الآخر هو أن الطفل يريد زيادة حصيلة المعرفة العلمية أو اللغوية أو حتى الاجتماعية لديه فيلجأ لهذه الكلمة، لأنه عندما يستخدمها و يقولها لوالديه أو لأحدهما يجيبوا ببعض المعلومات الجديدة و عندما يكررها يجيبا بأشياء أخرى توسع وتزيد الكم المعرفي لديه.

وبحسب المستشارين التربويين، فمن المهم جداً الاهتمام بالأسئلة التي نتلقاها من الطفل في مختلف مراحل عمره، وإعطاؤه الإجابات الصحيحة عليها، وذلك حتى لا يبحث عن مصدر معلومات غير الأم، فالطفل عندما يسأل والدته سؤالاً وقد يكون محرجاً فإن أعطته إجابة خاطئة أو لم تجبه فقد الثقة فيها، وبحث عن مصدر اخر كصديق له أو قريب وقد يكون الأخير يملك معلومات خاطئة من شأنها أن تضر بالطفل.

ويعتبر الباحثون أن الإجابات البعيدة عن منطق الطفل وعقله قد تسبّب له الكبت، والتعقيد، لأنه لم يجد ضالته، ولم يتلقَّ جوابًا مقنعًا، أو جوابًا يستطيع عقله استيعابه، فالأهل يمكنهم الإجابة دون الخوض في التفاصيل، فتأتي الإجابات مفهومة ومختصرة، حتى يستطيع الطفل فهمها دون سأم أو ملل.

ويقول أخصائي الصحة النفسية الدكتور عمار التميمي أنه: «فيما يخص الأفكار والأسئلة الغريبة التي تصدر منهم يهمنا في البداية أن نعرف المرحلة العمرية للطفل ففهم خصائص المرحلة العمرية جزء مهم لمعرفة النمو المعرفي والادراكي والخيالي للطفل، فهناك مرحلة من مراحل نمو الأطفال تسمى مرحلة نمو الخيال أو ثورة السؤال وفي هذه المرحلة التي تبدأ من ثلاث سنوات إلى ست وتستمر أكثر فيصبح لدى الطفل أسئلة كثيرة لا تقتصر فقط على المجال الديني وإنما هناك أسئلة كثيرة قد تكون غريبة للكبار أو صادمة أو مفاجئة ».

وعن طريقة التعامل مع الطفل عند سؤاله وحديثه عن موضوع غريب يقول التميمي :» من المهم جداً أن لا نقمع حرية الطفل في التفكير فذلك قد يكون مؤشراً إيجابياً على نضجه، لكن يهمنا أن نربطه أكثر قدر الإمكان بالواقع ونميز في غرابة هذه الأفكار من واقعيتها وإذا كانت هذه الأفكار غير صحية ولا تتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا، وغالباً فإن الأطفال يسألون عن أمور دينية أو جنسية فالأهل يتجنبوا الاجابة عن هذه الأسئلة، وهذا خطأ، فمن المفترض من الناحية التربوية أن نجيب على هذه الأسئلة بطريقة بسيطة سهلة تتناسب مع قدرة الطفل في هذه المرحلة وادراكه وفهمه للعالم الخارجي».

وأضاف: «يجب أن نوصل للطفل الأمور بطريقة مبسطة وأن نتحاور معه ونسأله كيف جاءت هذه الأفكار ومن أين سمعها، وكيف خطرت على باله، وأن نقول له «شيء جميل» أن يفكر الإنسان فالتفكير نعمة من رب العالمين ميز فيها الإنسان عن باقي المخلوقات الأخرى، ولكن بنفس الوقت لا بد من معرفة مدى واقعية هذه الفكرة وكم هي مناسبة ولا تؤثر علينا بشكل سلبي، فكلما كان هناك حوار بين الأم وابنها والأب وابنه للإجابة عن هذه التساؤلات بطريقة سلسة وحلوة وتفتح مجالا من الثقة والحوار وتجعل الطفل منطلقا، وإذا لم أجد إجابة للسؤال أخبره بانني سأبحث له عن اجابة وسأناقشها معه وبهذه الطريقة لا نقمع فكر الطفل وحريته بالتفكير وإنما نعزز نمو الخيال لديه».

ويرى التميمي أن: «الخيال جزء من النمو والتطور المعرفي والإدراكي عند الطفل لأن كثيرا من الأشخاص الذين انتجوا وابدعوا أشياء كثيرة بدأت نقطة الإلهام من الطفولة عندما فكروا بشيء معين وبسيط فاهتموا بهذه الفكرة وبدأوا بالبحث عنها فانتجت وأفرزت ابداعا، لذا أرى انه من المفترض عدم قمع هذه الأسئلة واعطاء الطفل حرية للتعبير عنها والإجابة بطريقة مبسطة وتضيف تتوافق مع مستوى عمره وفهمه، وأن نطور هذه القدرة والمهارة على التفكير.

وتبين التربوية المتخصصة في مجال الإرشاد والصحة النفسية نجوى حرز الله أن :«الطفل يولد صفحة بيضاء والنضج الفكري والعقلي والجسمي يجعله يكتشف معلومات جديدة الأساس في تكوينها هم الأهل سواء كانت هذه الأفكار إيجابية أو سلبية هدامة».

وأضافت: «ولكن دخل على مجتمعنا أكثر من وسيلة أثرت على طريقة تفكير أطفالنا كوسائل التواصل الإجتماعي التي أدخلت أطفالنا على مجتمعات تختلف اختلافا واضحا عن الواقع الذي يعيشونه، ولأن الطفل لا يملك التحليل المنطقي لهذه الأفكار سيتأثر بها ويبدأ بسؤال أهله وأصدقائه عن هذه الأفكار».

وعن كيفية التعامل مع الطفل عند سؤاله أو سلوكه لأمر غريب تقول حرز الله: «إجعل الطفل يعرف ويفهم بأن نتيجة هذه الأفكار أو الممارسات نتائج سيئة، واجعل طفلك هو من يحلل ويجاوب ولا تعطيه أو تأمره بالنتائج وإن اتخذ قرارا اسأل ما سبب ذلك، واجعله يتوقع نتائج هذا القرار سواء كان ضده أو معه، واجعل هذا الأمر يتخذ من البداية بأن تناقش وتحلل هذه الأفكار حتى لا يعتقد الطفل بأن ما قاله أو تصرفه هو الصحيح ».

وتابعت: «هناك العديد من الأهالي يضعون حجة ضيق الوقت للتهرب من مناقشة الأسئلة والمواضيع الغريبة التي يتطرق لها الطفل، فهم يعتقدون أن هذا الموضوع غير مهم وأن طفلهم سيكبر ويفهم الصواب من الخطأ علماً بأن تجاهل هذه الأفكار هي تعزيز لهذا السلوك فيبدأ الطفل بالتعود على هذا الأمر، فيجب مناقشة الطفل بهذه الأمور لأن النقاش دليل على اننا لا نقبل هذه الأفكار أو الممارسات والنقاش يولد لدى الطفل سلوكا جديدا وهو الحوار والتفكير».

وأضافت: «وهناك عدد من الاطفال تكون طريقة حوارهم بسيطة ومضحكة لذا علينا أن نكون لبقين ومنطقيين حتى لا نشعر الطفل بأنه مستصغر في خياله أو تافه بأفكاره، لأن هذا السلوك يجعله غير واثق بنفسه مترددا من قول أفكاره والسؤال عن ما يحدث معه ويجعله يتخذ قرارات لأفكاره نتيجتها بالطبع سيئة ، وهناك بعض الأباء يرفضون مساعدة ابنائهم في التفكير المنطقي لأنه برأيهم يهدم الإبداع والخيال لدى الطفل ولكن حتى هذا الرفض يحتاج بأن يكون بطريقة منطقية».

(الرأي الأردنية)