موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الأحد، ٣ يوليو / تموز ٢٠١٦
لماذا نمنع المسيحيين من بناء كنائسهم؟

عماد الدين حسين :

كلاكيت للمرة التريليون.. صراع بين مسلمين ومسيحيين في إحدى القرى بسبب شائعة عن تحويل منزل لأحد المسيحيين إلى كنيسة.

ولا أعرف لماذا لا تتحرك الحكومة وتنهي هذه المأساة بإصدار قانون دور العبادة الموحد، بدلا من سياسة المسكنات والمجالس العرفية والاحضان والقبلات المزيفة!.

أحدث هذه القصص المأساوية وقعت قبل أيام قليلة، في قرية «كوم اللوفي» التابعة لمركز سمالوط بمحافظة المنيا، حينما هاجم نحو ٣٠٠ مسلم منزلًا كان يقوم ببنائه أيوب خلف بحجة أنه سيتم تحويله إلى كنيسة. المهاجمون أشعلوا النيران في الشدة الخشبية للمنزل وامتدت لثلاثة منازل أخرى.

قبل ذلك كانت كل الأمور قانونية، حيث حرر 15 شخصًا محضرًا ضد المواطن المسيحي، ومجلس المدينة أصدر قرارا بوقف البناء لعدم وجود ترخيص، لكن فجأة قرر الشباب الهائج حسم الأمر بيده.

الآن هناك ٢٥ شخصًا يتم التحقيق معهم على ذمة الحادث منهم أربعة متهمون بحرق المنازل والاعتداء على قوات الأمن بالطوب والحجارة وتهشيم زجاج سيارتي الشرطة.

لا جديد في هذه القصة، لأنها تتكرر تقريبًا نصًا في العديد من القرى المصرية خصوصًا في الصعيد. وشخصيًا شهدت واقعة مشابهة في قريتي التمساحية مركز القوصية بمحافظة أسيوط في أوائل التسعينيات، حينما قررت الكنيسة الرسمية وضع صليب ضخم فوقها وبه نيون. شباب القرية المسلمون تجمعوا وحاولوا إزالة الصليب بالقوة؛ لأنه من وجهة نظرهم سيكون أعلى من مئذنة المسجد، وسيراه القادمون من خارج القرية منيرًا دائمًا!. وقتها تدخل الأمن، ولكن بعد أن تفاقمت الأمور.

إذًا هذا الأمر قابل للتكرار كل يوم.. هناك قرى كثيرة لا توجد بها كنائس. المسيحيون يبحثون عن مكان يؤدون فيه عباداتهم، وعندما يعجزون، يقومون بالصلاة في البيوت، وبعدها يتحرك بعض الشباب المسلم الغاضب والمتحمس، معتقدا أن هدم هذا البيت هو الذي سيجعل حال الإسلام والمسلمين أفضل!

الدولة والحكومة وكافة أجهزتها عليها أن تحسم الأمر مرة واحدة، بدلًا من سياسة المسكنات.

بداية الحل أن نسأل أنفسنا سؤالا واحدا هو: هل من حق المسيحيين أن يؤدوا عباداتهم فى كنائس رسمية ومرخصة ومعترف بها أم لا؟!.

ولماذا نسمح باستمرار هذا الاحتقان الشعبي الذي يستغله المتطرفون؟. والغريب أن أنصار القوى والتيارات الإسلامية المعتدلة والمتطرفة على حد سواء، الذين ينكرون على المسيحيين بناء كنائس للتعبد، هم أنفسهم الذين يشيدون ببلدان أوروبية كثيرة تسمح للمسلمين بالتعبد وإقامة المساجد، بل وتعطي لقادة المتطرفين حق اللجوء السياسي. والمثير أن أعضاء بجماعة الإخوان -الذين يتحمسون أو على الأقل لا يدينون الهجمات ضد الكنائس- ينسون أن قادتهم يتمتعون بحرية العبادة في أوروبا بل وحرية العمل السياسي!.

نتغنى جميعًا في البلدان العربية والإسلامية بالقيم الأوروبية التي تتيح للجميع حرية العمل، والإقامة والعبادة للقادمين من أي مكان بالعالم، لكننا ــوفي تناقض صارخ- ننكر على المصريين المسيحيين أن يتعبدوا في كنيسة رسمية معترف بها من الحكومة.

مشروع قانون دور العبادة الموحد، جاهز منذ فترة طويلة، والدستور نص على ضرورة إصداره فى الفصل التشريعى الأول. والحكومة مشكورة قالت إنها ستعجل بإصدار القانون الخاص بدور العبادة المسيحية أولا. لكن لم يتم أى شىء على أرض الواقع حتى الآن. على الحكومة أن تحسم الأمر بإصدارالقانون، وتجبر الجميع على احترامه حتى ننزع هذا اللغم الذى قد ينفجر بصورة كارثية، ووقتها لن ينفع الندم.

(نقلاً عن جريدة الشروق المصرية)