موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ٢٣ يناير / كانون الثاني ٢٠١٧
لغة المسيح بخط كاهن سرياني مقدسي

القدس - الجزيرة نت :

يتقن رجال الدين المسيحيون اللغة الآرامية، لكن الكاهن السرياني "بولس خانو" لم يكتف باستخدامها في صلواته بدير مار مرقس للسريان الأرثوذكس داخل أسوار البلدة القديمة بالقدس حيث يقدم خدماته، بل أخذ على عاتقه تعريف العالم بلغة السيد المسيح وإعادة إحيائها بطريقة عملية.

يخطط الأب بولس، من بيت لحم، باللغة الآرامية على كل ما يقع بين يديه من مواد خام، مع تركيزه على خشب الزيتون والجلد الطبيعي، ليقدر إنتاجه -بعد حوالي سنتين من بدء مشروعه- بألفي قطعة يقدمها هدايا تذكارية للعائلات المسيحية وغيرها من الزوار.

يسعى الكاهن السرياني بمهارته في التخطيط باللغة الآرامية إلى إيصال التراث السرياني الآرامي للعالم، فإلى جانب رجال الدين يوجد في فلسطين خمس عائلات فقط تتحدث الآرامية، تقطن في الناصرة وبيت لحم والقدس.

يقول الأب خانو: الناس تسمع عن اللغة الآرامية، لكن المعظم لم يروها مكتوبة، أهديهم إنتاجي وفي كل مرة أنتهز الفرصة لأشرح عن اللغة وخصائصها وأهميتها، خاصة أن مليوني سرياني فقط في العالم يتحدثون بها من أصل خمسة ملايين يتوزعون ما بين الهند والقارة الأوروبية ومنطقة الشرق الأوسط.

لم تعرقل مهارة الأب بولس في التخطيط عمله الرئيسي كسكرتير لمطران السريان الأرثوذكس بالقدس أو كراهب في الدير، فالصباح هو وقت للصلوات وأداء المهام الدينية المكلف بها، وما تبقى من وقت يستثمره إما في التخطيط أو الرسم وهي مهارة اكتشفها منذ سنة تقريبا.

ووصل الأب بولس خانو إلى دير مار مرقس للسريان الأرثوذكس بعمر الثالثة عشرة، حيث تعلم فيه بعض الكلمات السريانية، لينتقل لاحقا إلى دير ما أفرام في معرة صيدنايا في سوريا، ويتعلم هناك في دير إكليريكي حيث المركز الوحيد في العالم الذي يعلم اللغة الآرامية.

يتقن الأب بولس خانو اللغة الآرامية الفصحى (الطورانية) والمحكية (الفشيتو)، ويطور مهارته في التخطيط بالتمرين الدوري على تشكيل الحروف، ويمارس اللغة بالتراتيل الدينية فقد حباه الله صوتا رخيما، وها هو مقبل على مشروع جديد في التخطيط بالآرامية حيث خط الصفحات الأولى من الكتاب المقدس باللغة الآرامية.

من جهته يبين مازن عبد اللطيف من قسم السياحة والآثار في جامعة النجاح الوطنية أن اللغة الآرامية التي تنسب إلى القبائل الآرامية التي هجرت جزيرة العرب في القرن الثاني قبل الميلاد، انتشرت في بلاد الشام حتى أصبحت اللغة الدبلوماسية المعتمدة والشائعة بين القوى السياسية حينها.

ويضيف أن اللغة الآرامية واحدة من اللغات السامية الغربية، وأن إحدى نظريات الخط العربي تشير إلى تطوره عن الآرامية، "فالعلاقة بين هاتين اللغتين قوية وهناك تشابه في المفردات والتراكيب وأقسام الكلام".

والآرامية كلغة فيها مواقع من الإعراب، وتستخدم فيها الحركات التي تقسم إلى نوعين: "النسطورية" وهي حركات تستخدم في النصوص الدينية، و"اليعقوبية" وتستخدم الحروف المصغرة كحركات تخط فوق المفردات، وتنتهي المفردات مضمومة، فكلمة "مدرسة" كمفردة باللغة العربية يرادفها "مدرشتو" بالآرامية.

وتتميز اللغة الآرامية بوجود خط الإلغاء الذي يوضع تحت الحروف التي تكتب ولا تلفظ، أما الاختلافات بين اللغتين العربية والآرامية فمنها غياب "ال" التعريف، وتعتبر اللغتان الآرامية والسبأية الوحيدتان اللتان تحتويان على 22 حرفا بدلا من 28 كباقي اللغات السامية.