موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٤ يوليو / تموز ٢٠١٦
لأن الحصاد قد حان

رافي سايغ - القامشلي :

"إِنَّه مِثلُ حَبَّةِ خَردَل: فهِيَ، حينَ تُزرَعُ في الأَرض، أَصغَرُ سائرِ البُزورِ الَّتي في الأَرض. فإِذا زُرِعَت، اِرتَفَعَت وصارَت أَكبَرَ البُقولِ كُلِّها، وأَرسَلَت أَغْصانًا كَبيرة، حتَّى إِنَّ طُيورَ السَّماءِ تَستَطيعُ أَن تُعَشِّشَ في ظِلِّها".

كلمات من الإنجيل ولو أنها منذ آلاف السنين.. إلا أننا نجد بين طياتها ما قد نبحث عنه في لحظات حياتنا الحالية..

رجاء ما بعده رجاء.. رجاء لا ينتهي.. فكيف نجد ونفهم هذا الرجاء..

حبة الخردل.. الصغيرة..!

كثيرا ما تقرأ على مسامعنا نصوص من الإنجيل عن حبة الخردل.. ولو لنا إيمان كمثل حبة الخردل لفعلنا المستحيل؟

ولكن نص إنجيل اليوم (مرقس) هو فريد من نوعة ويمنحنا مفهوم آخر عن معنى وقيمة حياتنا المسيحية على الأرض..

نولد في مجتمعات ونشعر تارة أننا مهمشين.. غير مرغوب بنا.. مضطهدين.. ويصل الأمر لبعض الأحيان إلى حد الشهادة في بلدان عديدة من أجل معتقدنا..

وهذا ينبع من ضعف إيماننا وعدم عيشينا لحقيقة رسالتنا كمسيحيين وخوفنا من أن نفقد حياتنا ولكن..!

أصغر سائر البذور التي في الأرض.. كم ينطبق هذا المقطع على ما نشعر به في ظروفنا الراهنة.. كأننا لا نملك أي قيمة في هذه الحرب.. ولكن لقصة حبة الخردل بقية..

فإِذا زُرِعَت، اِرتَفَعَت وصارَت أَكبَرَ البُقولِ كُلِّها وأَرسَلَت أَغْصانًا كَبيرة .كم علينا أن نثق بالزارع لانه هو من زرعنا في هذا المشرق لنكون رسله وعلامة نور في وسط دائرة الحرب هذه وبذلك برسالتنا نعطي الآخرين معنى وجود وقيمة حياة الانسان فنحن نكبر ونرتفع برسالة المحبة التي تميزنا.. ونصبح الأغصان الكثيرة التي تنمو وتنمو.

"حتَّى إِنَّ طُيورَ السَّماءِ تَستَطيعُ أَن تُعَشِّشَ في ظِلِّها" أن الانسان المسيحي يخرج من فكرة الأنعزال والتقوقع في مجتمعه.. فالذي نعيشه اليوم يعطينا بعد جديد لفكرة حياتنا المسيحية.. حياتنا ليست فقط مقتصرة بداخل مجتمعنا الصغير (الرعية) بل تمتد وتكبر لتشمل المدينه والوطن وشركائنا في هذا الوطن.. فنحن نفخر بأننا في كل بقعة نقطنها تكون الحياة المتطورة والمتقدمه لنا ولمن نعيش معه.. وهذا ليس بفضل لنا على الآخرين بل واجب علينا.. ﻻننا عندما نبني وننتج ونصنع ليس من أجل طوائفنا.. بل أيمان مننا بوطن نعتز ونفتخر به وأننا نبنيه مع شركائنا لان المحبة ورسالتنا تفرض علينا هذا الواقع.. وبهذا الفكر الذي نعتمده يعيش الآخرين في ظل رسالة المحبة التي شملنا الوطن بها وبظل هذه الرساله يعيش بقية الناس معنا نعمة التعايش والأخوة.

لذلك لا تقلق كثيراً من أجل معرفة متى سيُعطي البذار ثماره، ومتى سيكون أوان الحصاد. إرفع عينيك وسترى الحقول وقد ابيضّت للحصاد. وبدلاً من أن تدَع الضغوطات والإحباطات تشلُّ حركتكَ، أقطُف ثمر كلّ يوم. "أزهِر حيث تزرع!". ولتكن لديك الثقة بحضور الله الخفيّ وملكوته. إعمَل، هنا واليوم، بكلّ الإمكانيات الّتي لديك. فالله شاء أن تكون حبة الخردل في بدايتها صغيرة ولكن كتب لها أن تنمو وسط الحروب.. وترتفع مع المخاوف.. وتكون الظل الذي اسفله يرتاح بني البشر من شمس الحرب والحقد.