موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ١٣ مايو / أيار ٢٠١٩
كيف يغير المال من الطبيعة البشرية؟

إسراء الردايدة – الغد :

في ظل مواجهة العالم لأزمات اقتصادية ضخمة، ولد تفاوت واضح بين الطبقات الاجتماعية، إذ تراجعت بعض منها أو تلاشت، وباتت الثروة حلما يسعى له الأفراد، ورغم كل ذلك، إلا أن الدراسات تشير إلى أن “الثراء والمال” ليسا جيدين.

فالمال عنصر الحیاة الأساسي، ومفتاح الراحة والحل لكثیر من المشاكل. وفي الوقت ذاته هو واحد من أبرز العوامل والمسببات التي تعمي البصیرة وتثیر الجشع والطمع، وتدفع العديد للتخلي عن مبادئهم من أجله، نتیجة حبهم الشدید له، خصوصا وأن المال هو الإغراء الحقیقي في غالبیة الأوقات.

المال لا يشتري الحب، وإن وفر حياة رغيدة، لكنه قد يكلف المرء إنسانيته، ويكلف البشرية أشياء عديدة، بحسب موقع سيكولوجي توداي، فكيف يمكن التمسك بالأشياء التي لا يمكن للمال شراؤها، أو ماذا يكلفنا المال؟

– اللباقة، ففي دراسة نشرت في العام 2012 عن تصرفات غير أخلاقية من قبل أصحاب المال، ونشرتها PNAS. عبر سلسلة دراسات تجريبية لأفراد من الطبقة “المخملية” وتصرفاتهم اللامنطقية التي تميل للتكبر وكسر القيود والجشع مثل: القيادة والتجاوزات في الأماكن العامة.

والأمر ليس حصريا على من يملك المال، ولكن في الغالب وجدت الدراسة أن مالكي الثروات والمال يميلون للتصرف بعنجهية أحيانا، البعض منهم بالطبع، وليس بالعموم، ويمارسون سلوكيات مخالفة بحكم أنهم يملكون سلطة تفقدهم اللباقة في التعامل باعتبار أنهم أفضل من غيرهم.

– التعاطف، وجدت سلسلة من الدراسات في مجلة العلوم النفسية أن الأفراد ذوي الوضع الاقتصادي المنخفض أكثر قدرة على قراءة تعابير الآخرين وعواطفهم مقارنة بنظرائهم من الأثرياء. فمن خلال الدراسة التي قسمت لمجموعتين أعطيت الأولى فيها سلما مقسما من (0-10)، وطلب منهم التعريف بطبقتهم الاجتماعية من خلال السلم الرقمي، والذي يمثل وفق ما قيل لهم أن الطبقة الأدنى هم الأسوأ من لديهم أقل قدر من التعليم والمال، والوظيفة الأقل الأدنى، أو عدم امتلاكها. وعلى النقيض من هذا كانت أعلى الدرجات لمن هم الأفضل من حيث التعلم، وتوفر المال والوظيفة الأكثر احتراما.

وبعد تحديد هذا على السلم الرقمي طلب منهم خوض تجربة مقابلة عمل افتراضية، وقام باحثان بسؤال المشتركين في كل مرة بأسئلة قياسية مثل: “ما هي نقاط القوة والضعف لديك؟”، ليقيم كل مشارك مشاعره المتنوعة، كالغضب والاحتقار والحزن والأمل والمفاجأة والقلق.

ومن ثم طلب منهم أن يعلقوا برأيهم عن قوة نظيرهم، وكيف كان شعور كل تحد منهم، وبحسب النتيجة فإن المشاركين الذين صنفوا بأنهم من طبقات أدنى “ذوي المال الأقل والتعليم الأقل”، كانوا أكثر قدرة للحكم بدقة على شركائهم في المقابلة، مقارنة بمن صنفوا في طبقات أعلى، فهؤلاء كانوا أقل مهارة بقراءة وجوه وتعابير الآخر وعواطفهم.

– الرحمة، تصور الثقافة الشعبية في كثير من الأحيان الناس الأكثر ثراء بأنهم باردو القلب ومحصلون فقط، ولكن ما مدى صحة هذه الصورة النمطية. فأظهرت دراسة نشرها موقع researchgate تناولت الفئات الاجتماعية والرحمة من خلال العوامل الاجتماعية والاقتصادية والاستجابة لها.

وبينت النتائج للدراسة التي وجدت أن الذين يحملون رحمة كبيرة تختلف دقات قلبهم، إذ أن الأفراد من الطبقات الأقل تكون استجاباتهم الرحيمة أكبر ممن هم أعلى منهم فيما يتعلق باختيار العواطف السلبية المرتفعة. وأظهر الأفراد من الطبقات الأدنى تباطؤا في معدل ضربات القلب، والتي تعتبر استجابة فسيولوجية مرتبط بتوجيه البيئة الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين. وهم أكثر انسجاما مع الذين يواجهون محنا بالنسبة لنظرائهم من الطبقات العليا.

وتم قياس هذا من خلال شريط فيديو مصور تعليمي لامرأة تشرح كيف تعلمت أن تبني جدارا في حديقتها، والفيدو الآخر مقطع وثائقي لأطفال مصابين بالسرطان خلال مرحلة تلقيهم العلاج الكيميائي. وطلب منهم مشاهدته أثناء الاتصال بجهاز مراقبة معدل ضربات القلب. وكان التعاطف أكبر من أفراد الطبقة الدنيا مع الأطفال المصابين بالسرطان مقارنة بالمشاركين من الطبقة العليا.

– الأخلاق، أمر نسبي ويختلف من فرد لآخر، ولكن وفقا لدراسة نشرها موقع PANS، أظهرت أن الطبقات العليا تظهر زيادة من السلوكيات غير الأخلاقية، وذلك من خلال الثراء وعقلية الاستقلالية والترابط. إذ أن الدراسة أكدت على أن ثروة الأغنياء تجعلهم مستقلين نسبيا، فلديهم الموارد اللازمة للقيام بما يحتاجونه أو يريدونه دون الاعتماد على الآخرين. وهذا الاستقلال يحرر وقتهم ويدفعهم إلى مصالحهم الخاصة بدلا من الناس المحيطة بهم.

وغالبا ما تتشابك عقلية الاستقلال وفكرة الاكتفاء الذاتي. ويعتقد الأثرياء أنه نظرا لأنهم يستطيعون الاعتناء بأنفسهم، يجب على الآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه، وهو الاعتقاد الذي يسير جنبا إلى جنب كونه أقل فائدة.

ويميل الأثرياء أيضا إلى أن يكون لديهم شعور أكبر بالاستحقاق ذاك الشعور بأنك تستحق الامتيازات بطبيعتها. بالإضافة إلى المزيد من الخصوصية، كما الاستحقاق يخلق عاصفة مثالية للسلوك غير الأخلاقي.