موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٠ سبتمبر / أيلول ٢٠١٦
كلمة الوزيرة المصرية نبيلة مكرم في عمومية كنائس الشرق الأوسط

عمّان – أبونا :

<p dir="RTL"><span style="color:#006699;">فيما يلي النص الكامل للكلمة التي ألقتها السيدة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج، خلال أعمال الجمعية العمومية الحادية عشرة لمجلس كنائس الشرق الأوسط، والتي اختتمت قبل أيام في عمّان. وفيها تتحدث عن مستقبل المسيحيين في الشرق، من خلال تدعم أواصر التعاون مع مسيحيي الشرق في المهجر، وكله في سبيل وحدة إنسانية تقبل الاختلاف لا الخلاف، والتعايش لا التناحر.</span></p><p dir="RTL">&quot;بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ&quot; (رؤ ٧ : ٩)</p><p dir="RTL">آبائي وأخواتي واخوتي الأحباء</p><p dir="RTL">يسعدني ويشرفني أن أكون اليوم معكم في الجمعية العامة لمجلسكم المبارك طالبة البركة والدعاء.</p><p dir="RTL">هذا هو الحال في السماء حيث تتوحد كل الثقافات والجنسيات والشعوب مع بعضها البعض بطريقة متناغمة دون ذوبان للهويات المختلفة. وإن كنا نصلي قائلين: &quot;كما في السماء كذلك على الأرض&quot; فإن رسالتنا في وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج في مصر هي تدعيم أواصر التعاون بين الشرق والغرب، والحفاظ على تواصل المهاجرين من بلادنا مع وطنهم الأم ومساعدتهم على الاندماج في ثقافات البلدان التي يهاجرون إليها دون ذوبان هويتهم القومية والدينية.</p><p dir="RTL">المهاجر وإن كان يقرر الهجرة لأسباب شخصية متنوعة إلا أنه دون أن يدري يساهم في كسر الحواجز بين البلدان وانفتاح الثقافات المختلفة على بعضها البعض مما ينتج خليطًا متميزًا من ثقافات جديدة تجمع بين أصالة وتراث القيم وتقدم ورقي الحديث، المهاجر إذًا سفير لوطنه الأم لدى بلد المهجر، وسفير لبلد المهجر لدى وطنه الأم.</p><p dir="RTL">إن فكرة التكافل والتكامل بين الشعوب هي فكرة قديمة ومن أمثلتها في الكتاب المقدس هجرة يعقوب وبنيه إلى مصر في زمن المجاعة حيث قدموا لفرعون مصر خبرتهم في رعاية أغنامه بينما قدم هو لهم الأرض والطعام، يؤكد ذلك على أن كل ثقافة لديها ما تقدمه للثقافات الأخرى، كما أنها تحتاج أيضًا لما تقدم الثقافات الأخرى لها.</p><p dir="RTL">في الشرق الأوسط نشأت الجذور الأولى للكنيسة، بل وللإنسانية كلها بخلقة آدم في جنة عدن، بالتالي تزخر الثقافات الشرقية كنوز تراثية إنسانية وحضارية ودينية أصيلة، أما الثقافات الغربية فتتميز بالتقدم العلمي والتكنولوجي.</p><p dir="RTL">من هنا أتى دورنا لتحقيق التواصل والتعاون بين تلك الثقافات المختلفة من أجل تبادل وإثراء الخبرات لصالح رقي الانسانية بوجه عام دون التحيز لجنس، أو دين، أو عرق، وفي هذا الصدد أستشهد بقول بولس الرسول: &quot;حيث ليس يوناني ويهودي، خِتان وغُرلة، بربري سكيي، عبد حر، بل المسيح الكل وفي الكل&quot; (كولوسي ٣: ١١).</p><p dir="RTL">يسعدني أن أحضر معكم هذا العرس البهيج متزامنًا مع أفراح كل المصريين بصدور أول قانون لبناء الكنائس لكافة الطوائف المسيحية في مصر منذ أكثر من ١٦٠ عامًا في ظل قيادة سياسية واعية تؤمن بالمواطنة والتعايش المشترك ومن هذا المكان أود أن أوجه التحية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أثبت أنه أول رئيس مصري يهتم بشؤون المسيحيين والمسلمين على السواء بلا تفرقة أو تمييز.</p><p dir="RTL">إن ما يقدمه مجلس كنائس الشرق الأوسط لخدمة شعوب المنطقة يلمسه كل متابع للعمل الإنساني في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان والدعوة لتحقيق العدل والمساواة من جهة وبين العمل المسكوني الذي صار له تأثيره الإيجابي في تبني حوار المحبة والبناء وصار نبراسًا لمن يرغب في أن يقتني أثركم في السير في طريق الوحدة وقبول الآخر.</p><p dir="RTL">ما يسعدني، ما أراه من خطوات جدية نلمسها ونراها في عملكم وخدمتكم للسعي نحو وحدة إنسانية تقبل الاختلاف لا الخلاف والتعايش لا التناحر.</p><p dir="RTL">هنا لا أود أن يفوتني أن أسجل أمامكم ما رأيته ولمسته منذ أن تبوأ غبطة البابا تواضروس الثاني الكرسي المرقسي بالكنيسة القبطية المصرية فوجدته يسرع نحو الوحدة، تشغله كثيرًا، وتجده يتحدث باستمرار في المساحة المشتركة الإيجابية التي يمكن أن نلتقي بها جميعاً سواء بين الطوائف أو بين الديانات المختلفة؛ وجدناه يفتح ذراعيه ليقبل الجميع بروح الأبوة والمصالحة والمحبة.</p><p dir="RTL">نجاح الوحدة بين الكنائس سوف يخلق رسالة إيمانية جديدة لصالح العالم المغترب عن الله، وسوف يستخدمها الله ليسكب على العالم روح يقظة لعودة لوحدة جماعية تسعي نحو مجتمع أفضل.</p><p dir="RTL">يخطئ من يظن أنه يملك وحدة الكمال أو من يدعي أنه يملك الحقيقة الكاملة وحده، في بلد أو قطر أو في شكل أو في اسم، يخطئ إلى الله الذي دفع إليه كل سلطان مما في السماء وما على الأرض لتخضع له كل ركبة الذي يملأ الأرض والسماء والذي يأتي إليه البشر من كل الأمم ومن كل القبائل ومن كل الشعوب.</p><p dir="RTL">أشرف بقيادة وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج في جمهورية مصر العربية وقد لمست دور الكنيسة في المهجر من تعاون دائم مع الكنائس الأخرى فعلى سبيل المثال في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة تجتمع الكنائس المختلفة بصفة دورية بالصلاة معًا والحوار الكنسي والمجتمعي.</p><p dir="RTL">فبعد مرور أكثر من نصف قرن على حركة الهجرة في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إننا نشكر الله على المجهود الكبير الذي قام به قادة الكنيسة وشعبها هناك لرعاية الشعب القبطي وربطه بالوطن والكنيسة الأم واستدعى هذا الانتفاع بخبرة الكنائس الأخرى التي سبقت إلى أرض المهجر.</p><p dir="RTL">ومنذ أن توليت مسؤولية شؤون المصريين بالخارج، أعكف على التنسيق واللقاءات الدائمة بين المغتربين وبعضهم من كل الديانات لخلق مهاجر منفتح على المجتمع الذي يعيش فيه يشارك في الحياة العامة مرتبط بالوطن الأم ليكون سراجًا منيرًا وملحًا للأرض إنها رسالتنا وعلينا عدم الانجراف نحو مفاهيم الأقلية العددية التي تبحث عن حماية لها أو التمييز عن الآخريين بل نقدم ما لدينا من خبرات لنخدم بعضنا البعض، فالأوطان حق للجميع دون أي تمييز بين دين ولون وعرق وإنتماء.</p><p dir="RTL">علينا متابعة الجهود التي انطلقت منذ أكثر من عقد مضى ومازالت في تفعيل اللقاءات المسيحية الإسلامية التي من شأنها أن تساهم في نشر الوعي وإزالة الغموض والحواجز النفسية والفكرية والفهم المغلوط عن الآخر، والعكس صحيح، فالانتماء واحد، كما تقول الرسالة الرعاوية الصادرة عن رؤساء الكنائس في الشرق عام 2000، أن: &quot;الأرض واحدة، والهم واحد، والمصير واحد، لنواصل معًا حوار حياة من أجل مجتمع يحترم التنوع، ويحقق المساواة، ويحافظ على الحريات، ويصون كرامة الإنسان وحقوقه&quot;.</p><p dir="RTL">علينا العمل مع كنائس العالم، بل ومع كافة الأديان، للمساهمة في تحقيق السلام القائم على العدل في منطقتنا، واحترام إرادة الشعوب، والحقوق الإنسانية لأبناء المنطقة، بمختلف أطيافهم، والمساهمة في تنمية المجتمعات ورفع الروح المعنوية لشعوبنا، والعمل على الرقي بهم في الفكر والعمل وقبول الآخر.</p><p dir="RTL">لتكن كنائسنا من خلال الحركات المسكونية عامل وصل وتواصل بين الشرق والغرب، كما كانت في الماضي تداركًا لكل صدام حضارات قد يحدث بين حين لآخر بين الأديان الذين تآخيها العيش الوحد منذ قرون خلت.</p><p dir="RTL">إن وحدة الكنيسة ستسهم في بناء شخصية وطنية قادرة على العمل في بناء أسس الدولة الحديثة بكل مقوماتها العصرية من مواطنة وحريات ومساواة وحقوق وواجبات، والتي ستسارع حتمًا في إندماج أبناء المجتمع الواحد، وغيابها هو الذي سيؤدي إلى تهميشهمم وعزلتهم وهجرتهم.</p>