موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٦ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٦
كلمة المونسنيور عكشة في إشهار معجم الأديان على الشبكة العنكبوتية

عمّان - أبونا :

<p dir="RTL"><span style="color:#006699;">فيما يلي النص الكامل لكلمة المونسنيور خالد عشكة، رئيس مكتب الإسلام في المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان، مندوب رئيس مؤسسة الكاردينال بول بوبارد، خلال حفل إشهار النسخة الإلكترونية العربية من &quot;معجم الأديان&quot;، برعاية الأمير الحسن بن طلال.</span></p><p dir="RTL">أودّ، بداية، أن أوجه لسمو الأمير الحسن بن طلال، الصديق الغالي، عظيم عرفاني وشكري على قبوله الكريم ودونما تردد أن يرأس هذا الحفل، أعني ﺇشهار معجم الأديان على الشبكة العنكبوتية. يشاركني في هذه المشاعر رئيس مؤسسة الكاردينال بول بوبارد الأستاذ المحامي جوزيبه موسوميتشي. وكلنا يعلم، يا صاحب السمو، بأن صوتك هو صوت حكمة وخلق وثقافة، ومن هنا الصدقية النادرة التي تتمتع بها على صعيد العالم والتي نفتخر بها. واسمح لي بأن أشكر معاونيك في المعهد الملكي للدراسات الدينية، وعلى رأسهم الدكتورة الفاضلة والصديقة العزيزة ماجدة عمر.</p><p dir="RTL"><strong>الناس والأديان</strong></p><p dir="RTL">&quot;ينتظر الناس من مختلف الأديان اﻹجابة على الألغاز الخفيّة للطبيعة البشريّة، التي، بالأمس كما اليوم، تسبّب قلقًا بالغًا للقلب البشري: ما معنى الحياة وما غايتُها؟ ما هو الخير وما هي الخطيئة؟ ما هو أصل الألم وما هي غايته؟ ما هو السبيل لبلوغ السعادة الحقيقية؟ ما هو الموت، والدينونة والجزاء بعد الموت؟ وأخيرًا، ما هو السرّ الذي لا يوصَف والذي يُحيط بوجودنا، ومنه نستمدّ أصلنا وﺇليه ننزع؟</p><p dir="RTL">مِن غابر العصور وحتّى يومنا، نجد في الشعوب المختلفة بعض اﻹدراك لتلك القوّة الخفيّة الحاضرة في مجرى أمور الحياة البشرّية وأحداثها، وحتّى أحيانًا معرفة باﻹله الأسمى أو بالآب أيضًا. وهذان اﻹدراك والمعرفة يملآن حياتهم بحسّ دينّي عميق. أمّا الأديان المرتبطة بتقدّم الثقافة، فتجتهد لتجيب على التساؤلات نفسها بمفاهيم أرهف وبلغة أصفى&quot; (المجمع الفاتيكاني الثاني، اﻹعلان حول علاقة الكنيسة مع الأديان غير المسيحية، روما في 28 تشرين أول 1965).</p><p dir="RTL"><strong>معجم الأديان</strong></p><p dir="RTL">ما سبق يشرح رحابة الفسحة التي كان لزامًا على معجم الأديان أن يتبسّط فيها. وأمّا الشكل المعتمد فهو قاموس المفردات اللغويّة وترتيب المواضيع &ndash;بصرف النظر عن طولها&ndash; وفقًا للحروف الأبجديّة، مع عرض هذا البحث الدينيّ اﻹنسانيّ الرائع بصورة وافرة المعلومات. وتسير فيه الدقّة العلميّة على قدَم المساواة مع ذلك الفهم الداخلي الذي من دونه لا يسعُ أيّ ثقافة روحية، مهما كان غناها، أن تكون مادّة للمشاركة (راجع مقدّمة الكاردينال بول بوبارد).</p><p dir="RTL"><strong>صُلب الدين</strong></p><p dir="RTL">اﻹختبار الديني الشخصي هو ما في صُلب الدين ولا يسع المفاهيم الأكثر تطورًا، بتحليلها الفاتر، أن توصل ﺇليه. فالمعرفة ايمانية شيء، والعلم الوضعيّ للأديان شيء آخر. وهذا الأخير يجب ألا يقتصر على اﻹستناد على ظواهر يمكن مراقبتها والتحقّق منها، لئلا يقف عند عتبة الجوهر الذي يُحتَمَل أن يتجاهله، أي اﻹيمان الدينيّ. ذاك أنّ الحقيقة الروحية ليست أقلّ موضوعية من حقيقة التاريخ والتصوّرات، ولكنّها من صنف آخر، أسمى بلا قياس (راجع مقدّمة الكاردينال بول بوبارد).</p><p dir="RTL"><strong>خيارات لا بدّ منها</strong></p><p dir="RTL">هذه الخيارات فرضها على المؤلّفين اتساعُ المواضيع المعالَجة، لأن معجم الأديان ليس معجمًا للكفر أو الالحاد، ولا للباطنيّة أو البِدع، ولا للميثولوجيا أو الفلسفة، ولا هو أيضًا معجمًا لكتاب أو لاهوت ديانة مُعيّنة (راجع مقدّمة الكاردينال بول بوبارد).</p><p dir="RTL"><strong>المعجم والأوضاع الراهنة في مجتمعاتنا</strong></p><p dir="RTL">هناك تطوّرات سياسية، ﺇجتماعية ودينية تسير بالمجتمعات العربية إلى مصير لا يزال مجهولا. فالتغيّرات والانقلابات السياسية جاءت تارة سلميّة وطورَا مصحوبة بكثير من العنف والدماء. ويأتي هذا المعجم، في ترجمته العربية، رافدًا للفكر العربي اليوم واسهامًا في جهد المفكّرين في هذه المرحلة من التاريخ العربي والإسلامي في سبيل مزيد من الانفتاح على طريق تطوير الهوية العربية (عن مقدمة العلامة ميشيل صبّاح، بطريرك القدس للاتين شرفًا).</p><p dir="RTL"><strong>أداة فكر وحوار</strong></p><p dir="RTL">وهذا العمل الجبّار أداة للمعرفة والفكر والحوار. والحوار، كما ورد في مقدّمة البطريرك ميشيل صبّاح، الذي قام، مقدّرًا ومشكورًا، بمراجعة الترجمة العربية، &quot;يعني معرفة الذات أوّلاً والمقدرة على التعبير عن الذات وتوصيل ما في النفس إلى الآخرين، بغرض ﺇسهام في فكر إنساني شامل، سواء أكان ذلك في مجتمع محدود أم على مستوى الانسانية كلّها. وهو أيضًا معرفة للآخر ومقدرة على الاغتناء بكل ما توصّل اليه من معرفة أو وحي. وفي الحوار بُعد أساسيّ وهو الخروج من الذات، مِن غير فقدانها طبعَا أو ذوبانها، لرؤية العالم المختلف عن الذات. أمام الآخر وأمام كل الطاقات التي فيه، يشعر الانسان بحجمه الحقيقي، صغيرَا، محدودَا، بين العديد من حضارات الانسانية وثقافاتها، فيأخذ بتكييف ذاته وفكره مع كل ما وهب الله غيره، ويصبح قادرا ﺇذّاك على أن يُقيم علاقات سليمة مع غيره، مع من كان شبيها به أو مختلفًا عنه أو مناقضًا له، سواء أكان في داخل بيئته، في قومه وشعبه ووطنه، أم على مستوى عالم الله الواسع&quot;.</p><p dir="RTL">ويستمرّ البطريرك العلاّمة: &quot;مجتمعاتنا العربية هي اليوم بأمس الحاجة إلى مثل هذا الحوار المتواضع الذي يرى حُبّ الله لجميع خلقه، بل هي تعيش واقع حوار فرض نفسه، وهو مع الأسف حوار في صور العنف والتكفير والاستفراد بالدين بل توظيف الدين في سبيل مصالح أو لبلوغ السُلطة، وكلّها طرق صراع لا حوار&quot;.&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;</p><p dir="RTL"><strong>نبذة عن </strong><strong>معجم الأديان</strong></p><p dir="RTL">صاحب مبادرة كتابة المعجم ومن أدار مشروعه هو الكاردينال بول بوبارد، مؤسس المجلس البابوي للثقافة بالفاتيكان ورئيسه لخمسة وعشرين عامًا. كان قبل ذلك رئيس معهد باريس الكاثوليكي.</p><p dir="RTL">قام بتأليف المقالات والأبحاث الـ<span dir="LTR">1847</span> التي يحتويها 142 مختص في مختلف العلوم الدينية: علم الأديان، الأديان القديمة، الكتاب المقدّس والديانة اليهودية، الديانة المسيحية وتاريخها، الديانة اﻹسلامية وأديان ﺇفريقيا وآسيا وأوقيانوسيا.</p><p dir="RTL">صدرت الطبعة الأولى باللغة الفرنسية عام 1984، والثالثة &ndash; منقّحة ومزيد عليها &ndash; عام 1993.</p><p dir="RTL">تُرجم المعجم الى اﻹسبانية عام 1987، وأعيد طبعه &ndash; منقّحًا ومزيدًا عليه &ndash; عام 2007.</p><p dir="RTL">تُرجم الى اﻹيطالية عام 2000، وأعيد طبعه &ndash; منقّحًا ومزيدًا عليه &ndash; عام 2007.</p><p dir="RTL">قام بترجمة المعجم إلى اللغة العربية فريق متخصص من لبنان، بإدارة المونسنيور بولس فغالي.</p><p dir="RTL">راجع الترجمة وكتب مقّدمة العلاّمة ميشيل صبّاح، بطريرك القدس للاتين شرفًا. وأعاد قراءة المواضيع الاسلامية، بصورة خاصة، فضيلة الشيخ ماهر عسّاف.</p><p dir="RTL">تمّت طباعة المعجم الذي يقع في مجلّدين يضمّان 3443 صفحة، في المطبعة البولسيّة في لبنان بشكل أنيق، وتزيّن غلافه صورة خلابة للقدس الشريف.</p><p dir="RTL">يهدف مؤلّفو المعجم ومترجموه ومراجعُه وناشرُه ﺇلى التعريف بالأديان والثقافات بشكل موضوعي وبمقاربة محترِمة للمشاعر الدينية لكل المؤمنين، وبخاصة المسلمين العرب، من خلال هذه الترجمة التي تتوجّه ﺇليهم وﺇلى إخوانهم المسيحيين العرب، والى المسلمين عامّة، والى الناطقين باللغة العربية من غير العرب والمسلمين. فالغاية اذًا هي أن نتعارف ونتحابّ ونتعاون على الخير.</p><p dir="RTL">ويسعدني أن أوجّه من هذا المنبر تحية ﺇكبار وتقدير ومحبة لسيد البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين الذي يقود الأردن الغالي بحكمة ورفق وقوة جنبتنا مصائب حلت بغيرنا، ولو أننا لم نبق في منأى عن تبعاتها. حفظ الله الأردن وأدام عليه نعمه. ولكم أطيب تحياتي يرافقها الدعاء.</p>