موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٥ يوليو / تموز ٢٠١٣
كلمة البابا في مستشفى القديس فرنسيس
ترجمة موقع أليثيا :

ننشر في ما يلي الكلمة التي القاها البابا فرنسيس مساء اليوم في مستشفى القديس فرنسيس الذي يعتني بالمدمنين على الكحول والمخدرات.

عزيزي رئيس الأساقفة تيمبيستا، أيها الإخوة الأساقفة الأعزاء،
أيتها السلطات الموقرة،
أعزائي أعضاء رهبنة القديس فرنسيس الثالثة الموقرة، رهبنة التوبة،
أيها الأطباء والممرضون والعاملون في الرعاية الصحية،
أيها الشباب وأيها الأقرباء الأعزاء،

لقد شاء الله أن تقودني رحلتي، بعد مزار سيدة أباريسيدا، إلى مزار استثنائي للألم البشري هو مستشفى القديس فرنسيس الأسيزي.
إن اهتداء القديس شفيعكم معروف جداً. فقد تخلى الشاب فرنسيس عن ثروات العالم ورفاهيته ليصبح رجلاً فقيراً بين الفقراء. فهم أن السعادة والثروات الحقيقية لا تنجم عما يُعبد في هذا العالم – أمور مادية وامتلاكها – بل يمكن إيجادها فقط في اتباع المسيح وخدمة الآخرين. وإن اللحظات التي تجسد فيها هذا الفهم في حياته لربما ليست معروفة كثيراً. وهي عندما عانق فرنسيس شخصاً مصاباً بالبرص. هذا الأخ المتألم والمنبوذ كان "وسيط نور... للقديس فرنسيس الأسيزي" (Lumen Fidei، 57) لأننا نعانق جسد المسيح المتألم، كلما عانقنا أخاً متألماً او أختاً متألمة.

اليوم، في هذا المكان حيث يكافح الإدمان على المخدرات، أود أن أعانق كل واحد منكم أنتم جسد المسيح، وأسأل الله أن يجدد مسيرتكم، ومسيرتي، بالمعنى والرجاء الثابت.

المعانقة. ينبغي علينا جميعاً أن نتعلم معانقة المحتاج، كما فعل القديس فرنسيس. هناك العديد من الأوضاع في البرازيل وحول العالم التي تحتاج إلى الانتباه والعناية والمحبة، مثل مكافحة الإدمان على المخدرات. بدلاً من ذلك، غالباً ما تسود الأنانية في مجتمعنا. فكم هناك من "تجار الموت" الذين يتبعون منطق القوة والمال بأي ثمن!
إن آفة الاتجار بالمخدرات التي تؤيد العنف وتزرع بذور الألم والموت، تتطلب عملاً شجاعاً من المجتمع ككل. ولن يُخفّض انتشار الإدمان على المخدرات وتأثيره من خلال تسهيل استخدام المخدرات، كما يُقترح حالياً في عدة أنحاء من أميركا اللاتينية. بدلاً من ذلك، من الضروري مواجهة المشاكل الكامنة وراء استخدام هذه المخدرات، من خلال تعزيز عدالة أكبر، وتربية الشباب على القيم التي تبني الحياة في المجتمع، ومرافقة من يعيش في محنة، وإعطائه الرجاء في المستقبل. ينبغي علينا جميعاً أن ننظر إلى بعضنا البعض بعيني المسيح المحبتين، ونتعلم معانقة المحتاجين في سبيل إظهار قربنا وعاطفتنا ومحبتنا.

مع ذلك، فإن المعانقة ليست كافية. فلنمد يدنا إلى المحتاج، إلى من سقط في عتمة الإدمان من دون أن يعرف كيف حصل ذلك، ولنقل له: يمكنك النهوض، يمكنك الوقوف. الأمر صعب لكنه ممكن إذا أردت ذلك.

أيها الأحباء، أود أن أقول لكل واحد منكم، وإنما بخاصة لجميع الآخرين الذين لم يتجرأوا على القيام بهذه الرحلة: يجب أن تشعروا بالرغبة في الوقوف؛ هذا هو الشرط الضروري! ستجدون يداً ممدودة لكم ومستعدة لمساعدتكم، وإنما لا يستطيع أحد أن يقف عوضاً عنكم. لكنكم لستم وحدكم أبداً! فإن الكنيسة والعديد من الناس قريبون منكم. انظروا إلى الأمام بثقة. إن مسيرتكم طويلة وصعبة، ولكن انظروا إلى الأمام لتروا "مستقبلاً أكيداً يقف ضد آفاق مختلفة عن الإغراءات الخادعة للأشياء المحبوبة في هذا العالم، وإنما يضمن زخماً جديداً وقوة جديدة لحياتنا اليومية" (Lumen Fidei، 57). لكم جميعاً، أكرر: لا تحرموا أنفسكم من الرجاء! وليس فقط ذلك، بل أقول أيضاً: دعونا لا نسرق الرجاء من الآخرين، دعونا نكون حاملي رجاء!

في الإنجيل، نقرأ مثل السامري الصالح الذي يتحدث عن رجل وقع بأيدي لصوص وترك بين حي وميت على جانب الطريق. مر به أشخاص ونظروا إليه. لكنهم لم يتوقفوا، وتابعوا سيرهم لامبالين به: لم يكن هذا الأمر يعنيهم! وحده سامري غريب رآه فتوقف وساعده على النهوض وأمسكه بيده واهتم به (لو 10: 29، 35). أيها الأحباء، أعتقد أن مثل السامري الصالح تتجسد هنا في هذا المستشفى. هنا، لا توجد لامبالاة وإنما اهتمام. لا يوجد عدم اهتمام بل محبة. إن جمعية القديس فرنسيس وشبكة العلاج من الإدمان على المخدرات تعلمان كيفية الاهتمام بالمتألمين لأننا نرى فيهم وجه المسيح، لأن جسد المسيح يعاني في هؤلاء الأشخاص.

شكراً لجميع الخبراء الطبيين ومعاونيهم الذين يعملون هنا. خدمتكم ثمينة؛ أدوها دوماً بمحبة. إنها خدمة للمسيح الحاضر في إخوتنا وأخواتنا. يقول يسوع لنا: "كل مرة عملتم هذا لواحد من إخوتي هؤلاء الصغار، فلي عملتموه" (مت 25، 40).

وأود أن أكرر لكم جميعاً أنتم المناضلون ضد الإدمان على المخدرات، ولأفراد العائلات الذين يشاطرونكم صعوباتكم: إن الكنيسة ليست بعيدة عن محنكم، بل ترافقكم بمحبة. الرب قريب منكم ويمسك بيدكم. انظروا إليه في أصعب لحظاتكم وسيمنحكم التعزية والرجاء. وثقوا بمحبة أمه مريم الأمومية. ففي مزار أباريسيدا، أوكلت هذا الصباح كل واحد منكم إلى قلبها. حيث يوجد صليب ينبغي أن نحمله، تكون هي أمنا دوماً معنا. أترككم بين يديها، فيما أبارككم جميعاً بمحبة كبيرة.