موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٥ ابريل / نيسان ٢٠١٧
كعشبة برية..

د. اسمهان ماجد الطاهر :

نعيش حياة مليئة بالثنائيات وبالتناقضات وكثيراً ما تجبرنا على التنحي والإعتزال. قد تصبح أكبر أمنياتنا أن نكون كتلك العشبة البرية البريئة التي مهما حاولت الرياح أن تسلبها دفْ الارض تبقى تتوق الى براءتها وتكوينها الطبيعي الذي لم تلوثه السموم.

رؤوسنا المثقلة بالكثير من الأحداث ترجو ذاك الأحساس بالهدوء الذي يشعر به طفل صغير عند النعاس فلا يعود ينشد إلا الإبحار في عالم الهدوء والسلام والطمأنينة وقد يغرق طويلاً مبحراً في النوم فتحلق روحه بعيداً من أزمنة لأخرى في رحلة بين القلب والحلم فيكتسب مزيدا من الصفاء والنقاء.

كل لحظة جميلة نأمل أن يتوقف الزمن العنيد عندها لكنه يخذلنا ويرحل بها بعيداً وقد يسخر من أمنياتنا ويعلن كل أسباب الرحيل، وقد لا يتورع عن ترك جرح في ذراعِ الحاضر أو شوكة في القدم فيخترق الألم الروح.

يا أحلامي كوني أو لا تكوني ولكن دعيني لا أتوقف عند ما ضاع منك فأنا أعطيتك من حياتي وأنت حاولت قتلي. لستِ عالمي المتكامل وسأكمل في طريق الحياة وأن طالت غيبتك خبأت عطرك في الياسمين وعاتبته في الخفاء.

من هو الذي أخبركم أن الصمت من ذهب ! كلا وألف لا. أن بعثرة الكلمات يقين. لما علينا أن نتغاضى عن أشياء يجب أن تقال.

أين هو الحبر وأين هي الأوراق البيضاء النقية التي تستقبل كلماتي وحروفي، حزني وغضبي وقد تحتمل احساسي بالخذلان من بعض الأحداث أو الأشياء أو الأشخاص، وكثيراً ما تزف فرحي وتعلن ما أحتفظ به في صناديق أعماقي.

لقد باتت الكتابة صديقتي القريبة المخلصة التي لم تخذلني يوماً ولم تفسر كلماتي كما تريد بل كما تحتمل وكثيراً ما أعطت أفكاري الحرية وتركتها بعذريتها وصدقها الفطري فكانت ترسل من الذهن وتصل الى القلوب الطيبة. كم هي المرات التي تغلب فيها الفرح والأمل على كل العتم وازالة ونشر طاقة من نور!

لقد أمرت الكلمات أن تكون متحضرة عفوية بسيطة وأحياناً بدائية لكي تمحي الغمام الذي جعلته وأوجدته صناعة المواقف وزيف الحياة.

نعيش كبشر بإنتظار كلمات من يقين مزخرفة بطاقة ايمانية رحمانية ترفض كل أحساس سيء يعتري القلوب وتعلن عن ثورة بيضاء على الكذب والزيف فالحقيقة والإيجابية مهما تاهت تعود ولن تضل الطريق.

ويحدث أن يكون أكبر طموحي أن أعيش كيمامة محلقة في الخيال علها ترسل لي سلة مليئة بأغنيات الفرح فأسطرها لتبقى طويلاً حتى بعد أن أرحل. لم أستطع أن أقاوم رغبتي في أن أكون قمراً بعيداً منسياً لعل روحي تبقى حرة فتشعر بجمال الكون وأبقى أملك القدرة على أن أبتسم.

(الرأي الأردنية)