موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٢٩ مارس / آذار ٢٠١٧
قلوب الأردنيين

رمزي الغزوي :

الإبل شيء مختلف جداً. إنها ترفع أحمالها وأثقالها بقوة قلوب أهلها. أي أن مقدار ما تستطيع أن تحمله، لا يعتمد بالضرورة على قوتها فحسب، بل يعتمد على قوة قلب صاحبها. فكلما كان قلبه شجاعاً فباستطاعتها أن تحمل فوق طاقتها، حتى لو مال الحمل قليلاً، لا يهم، فحتما ستصل مبتغاها.

حسب قصة شعبية متوارثة، أن رجلاً جريئا، حمّل جمله أكثر من طاقته بأكياس القمح، وعندما لاموه على هذه المجازفة الخطرة، فأمامهم صحراء أكبر من كبد الصبر. قال لهم بثقة: الجمل ما (يشيل) بقوته. الجمل يحمل ثقله بقوة قلب صاحبه.

وفي حكاية توازي هذا، أن طفلة بعمر العاشرة، حملت على ظهرها عجلة (بقرة وليدة)، ثم صعدت بها على سطح بيتهم، بيسر وسهولة، وظل هذا دأبها كل يوم، تحمل العجلة على ظهرها، وتصعد بها سطح البيت، وتنزل!.

قويت عضلات البنت، واشتدت شيئاً فشيئاً، وكبرت العجلة أيضاً، وأصبحت بكّيرة (البقرة الشابة التي لم تلد بعد) ثم بقرة، والطريف أن البنت ظلت تقوى على حملها، والصعود بها لسطح البيت، كالمعتاد!.

سيستغرب الجميع، كيف أن باستطاعة بنت صغيرة، أن ترفع بقرة بهذا الحجم على كاهلها، وتصعد بها إلى سطح البيت، ومن بعد ذلك تنزل بها، متناسين أن باستطاعة قطرة ماء صغيرة، أن تحفر نفقاً في صخرة صماء. هي المثابرة في أبسط أشيائها!.

سيقولون: البنت اعتادت على الأثقال، وتربت عليها، وأن عضلاتها تضخمت، وقويت بتناسب طردي مع ازدياد وزن البقرة، وهذا صحيح علمياً، ولكن لا أحد يتذكر أن البنت، لم تكن تحمل حملها بقوة جسمها. بل ملكت قلباً شجاعاً قوياً!.

ثمة شعوب تشبه بنت السطح، التي اعتادت على ثقيل الأحمال، وعظيم الأمور، منذ نشأة ضلعها الأول. وكلما تقدمت بالعمر والعمران، تضخم حملها وتفاقم، وتواكبت عليها الأحمال، لكنها ظلت تصعد درج الحياة، بكل كبرياء، دون أنين!.

الأردنيون أحمالهم قد تميل قليل، من فرط ثقلها، وكبرها، وضخامتها، ولكنها لم تسقط، ولن تسقط إن شاء الله. فلن تخور عزائمنا، ولن (تبدح) مهجنا، وستبقى وهاجة مثل شمس الظهيرة.

قدر الأردن منذ كان، أنه لم يحمل يوماً حمله بقوة عضلاته، أو صلابتها، أو بحجم مقدراته وثرواته. الأردن حمل، ويحمل، ويتحمل، وسيتحمل ويتصدى لعظام الأمور، بشيء واحد، لا يراه أشرار الأرض. أنه هو قوة قلوبنا وضلوعنا وعزم إرادتنا. فدمت قوي القلب يا وطني.

(جريدة الدستور الأردنية)