موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٩
في يومهم العالمي.. مسنون لكن في ريعان الشباب

عمان - بترا :

تقضي هدى (62 عاما) جل وقتها مع حفيدتيها اليافعتين سارة (20 عاما) وغنى (23 عاما)، اللتين تدرسان في عمان وتعيشان في منزل جدتهما نظرا لغياب والديهما في إحدى دول الخليج.

تقول سارة “اعتدنا على الحياة في كنف جدتي ولا نشعر أنها جدة. إنها أم بكل ما تحمل الكلمة من معنى، تداوم على الاتصال بنا في حال تأخرنا عن الموعد المحدد لانتهاء المحاضرات، ونذهب معا للتسوق والتنزه وزيارة الأصدقاء والأقارب”، وهو ما تراه الجدة هدى من وجهة نظر أخرى، بالقول “أحيانا أشعر أنني وحفيدتيّ بنفس العمر، نذهب الى الحديقة. نمشي قليلا، ونلعب كرة السلة معا، نعود بعدها الى المنزل. نصنع بعض الحلوى ونستقبل أصدقاءنا معا”.

ويقدر عدد سكان المملكة كما في نهاية العام 2017 بنحو 035ر10 مليون نسمة، 4ر5 بالمائة منهم من كبار السن في الفئة العمرية 60 عاما فأكثر يتوزعون بنسبة 2ر5 بالمائة ذكورا مقابل 7ر5 بالمائة للإناث، وهي الفئة التي اعتمدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة عند إعداد الاستراتيجية الوطنية لكبار السن في المملكة وتعريفهم.

وفيما يحرص الحاج أبو يوسف على لعب طاولة الزهر بفرح مع أبنائه الشباب مستعيدا شبابه خاصة عند تحقق الغلبة عليهم، يداوم المسن محمد صلاح على زيارة مقهى السنترال في وسط البلد منذ نحو عشرين عاما، يجلس في زاوية منه ويحتفظ بكتبه في مكتب (المعلّم) هناك، بدلا من حملها كل يوم، يقرأ منها صفحات ويشرب قهوته ويجالس الأصدقاء.

“المقهى يعني لي الكثير؛ ففيه تعرفت على كثير من الأصدقاء، وهنا يمكنك أن تنجز بعض أعمالك وتقرأ وتكتب وتشرب قهوتك على أنغام فيروز صباحاً وأم كلثوم ليلاً”، كما يقول صلاح الذي ناهز الستين عاما ونيفا وما يزال يطمح لأن يجد عملاً مناسباً بأجر يتناسب مع متطلبات الحياة العادية، ويداعبه الحلم أيضا بتأليف الكتب ليصبح كاتباً معروفاً!

يعيش محمد صلاح وحيداً في عمّان؛ إذ جاء إليها بعد أن درس اللغة الإنجليزية في جامعة بيرزيت الفلسطينية، كمحطة للانتقال إلى ألمانيا واستكمال دراسته الجامعية، الا أن هذا المخطط فشل، فقرر الاستقرار هنا، مضيفا “عملت لأعوام طويلة كمترجم متفرغ للغة الانجليزية مع العديد من المجلات والصحف والباحثين والكُتّاب، وانتظمت في عمل تركته قبل ثلاثة أعوام لتدني الأجر الذي كنت أتقاضاه عن عملي كمسؤول ثقافي بدار نشر، فقررت أن أتفرغ للقراءة والكتابة؛ حيث ألفت كتاباً بعنوان ملامح العصر، ضمنته ملاحظاتي الشخصية عن الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية”.

أما المتقاعد العسكري أحمد الصمادي (75 عاماً) فيعيش في عجلون مع عائلته، يزوره أبناؤه في العطل ونهايات الأسبوع، يقول الصمادي “خدمت الوطن 30 عاماً ومن ثم تقاعدت. عملت بعدها ثمانية أعوام في المنطقة الحرة فضلت بعدها البقاء في المنزل والتفرغ لممارسة أنشطة أحبها لطالما حرمني الالتزام بالوظيفة منها”.

ويصف الصمادي برنامجه اليومي، بالقول “أصحو باكراً كل يوم وأخرج لممارسة رياضة المشي واستنشاق الهواء النقي في الفضاء. أشتري الصحف وطعام الإفطار، نجتمع بعدها أنا وأفراد الأسرة حول المائدة، لينطلق بعدها كل منهم لاستكمال يومه إما بالدراسة أو الذهاب الى العمل، أما أنا فألتقي مع أصدقائي بعد كل صلاة في المسجد. نتداول أخبار البلدة ومشكلات الناس وهمومهم ونحل منها ما استطعنا”.

ما يزال الصمادي يقتني هاتفا خلويا بسيطا ولا تغريه عوالم التواصل الالكتروني أو ما يسمى (التواصل الاجتماعي). يهوى الكتابة ويزور معارض الكتب ينتقي منها ما يشاء لإضافتها لمكتبته كما كان يفعل أيام الشباب، وإضافة لذلك يجمع قصاصات من الصحف تحتوي على صور معينة يكتب تعليقا عليها ويلصقها في دفتر خاص.

ويحتفل العالم باليوم العالمي للمسنين في الأول من تشرين الأول من كل عام، بحسب منظمة الأمم المتحدة التي تحتفل هذا العام بالمسنين تحت شعار “رحلة إلى المساواة بين الفئات العمرية”.

ويقدر عدد المسنين في العالم ممن أعمارهم فوق ستين عاماً فأكثر نحو 700 مليون شخص، وبحلول العام 2050 سيرتفع العدد بنسبة أكثر من 20 بالمائة.