موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم
نشر الأربعاء، ١٧ فبراير / شباط ٢٠١٦
في ذلك الوقت الذي رأيت فيه بيرغوليو على ركبتيه ينظف الحمّام

بقلم: اندريا تورنيلي، ترجمة: منير بيوك :

"إن ثمانين بالمئة مما يقوله البابا يقوم على تجارب من واقع الحياة. عندما أستمع إليه، غالباً ما أتمكن من الربط مع الحالات التي وقعت بالفعل. إنه ليس صاحب نظريات، إنه صاحب تجربة. كما إنه قادر على التعلم من إيمان شعب الله المبارك".

الأب غيليرمو أورتيز هو اليسوعي الأرجنتيني الذي يعمل في راديو الفاتيكان. هو يقوم بتغطية زيارة البابا إلى المكسيك، كما يتذكر عندما كان بيرغوليو رئيس كلية ماكسيمو ومرشدها الروحي. عندما كان يتحدث عن القيم الروحية ورحلته الخاصة في الإيمان، كان في حينها يطعم الخنازير. وتحدث إلى موقع (Vatican Insider) عن تجربته مع رئيس الكلية، بيرجوليو، آنذاك، وشرح لماذا كان يعتبر الوفاء الشعبي بهذه الأهميه له.

الأب أورتيز، ما هي اللحظة الأكثر أهمية في الزيارة البابوية لحد الآن؟

"أعتقد أنها لحظة الصلاة أمام سيدة غوادالوبي، على ما أعتقد. إن التقوى التي أبداها البابا لمريم مهم للغاية. إن من يعيد قرأت الكلمات التي قدمها خلال الأيام الأولى، يدرك الأهمية الكبرى المقدمة إلى الإيمان الشعبي، أعني أهمية الشعب. يذكر التعليم المسيحي عصمة البابوية في المسائل المتعلقة بالإيمان والأخلاق، لكننا ننسى أن التعليم المسيحي يتحدث أيضا عن عصمة شعب الله عندما يعبرون عن الإيمان. وفي معرض حديثه إلى أساقفة المكسيك في الثالث عشر من شباط، وصف البابا مريم وبعد ذلك تحدث عن الناس، وعن الحبل السري الخاص بالتقوى الشعبية. ودعا الأساقفة إلى الانحناء أمام رحم إيمان الناس. إن رحم مريم يحمل ابن الله وشعب الله".

هل "يتعلم" البابا من إيمان الناس؟

"لقد قال إنه قادم إلى هنا ليتعلم قبل مغادرته إلى المكسيك. إن البابا هو ابن مريم، كما أنه أيضاً ابن شعب الله. إنه يدرك أن الله يعمل بين الناس. إنه يعرف معنى إحساس الناس بالإيمان، الفقراء الذين لا يملكون شيئاً. ففي عظته التي ألقاها خلال القداس الإلهي في كنيسة غوادالوبي، نقل فرنسيس ترنيمة طقسية تقول: ’إن العيون لك، أيها الأم، ببساطة إنه التفكير بك بقلب هدأ بحنانك'... إنه نص يرتبط به البابا بعمق. إنه من كتاب الصلوات اللتورجية. فقد قام بنسخها وقدمها لي كهدية، كإرشاد روحي، وكصلاة تقال بتكرار: ببساطة نكون معاً، نفكر بنظرات مريم، ونضع أمامها كل ما في قلوبنا".

منذ متى تعرف بيرغوليو؟

أنا أرجنتيني، من كوردوبا. التقيت به في مدينتي في تموز 1977. عندما كنت في السابعة عشر من عمري أردت أن أصير يسوعياً. ذهبت للتحدث إليه لأنه كان المسؤول المحلي في الأرجنتين. قلت: "أريد أن أكون يسوعياً". نصت لي. لقد كان الاستماع بعناية مهم له. ثم قال لي: حسناً، سنرى إذا كان لديك نفس الشعور بعد ستة شهور". التحقت بكلية مكسيمو في 1981". وفي ذلك الوقت صار رئيساً للجامعة. ومنذ اليوم الأول لالتحاقي بفترة التنشئة، كنت أعمل في الجوار. وقد أراد تحويل مبنى كان يستخدم كإسطبلاً إلى كنيسة. لقد حولناها إلى كنيسة. أرسلني إلى الشوارع للتعليم وأرشدني إلى ذلك عن كثب".

كيف كان بيرغوليو يبدو كرئيس كلية؟ هل صحيح أنه كان يطلب منك القيام بأكثر الأعمال تواضعاً؟

"نعم، هذا صحيح. لكن لم يكن لديه خيار آخر. وقد عمل الكثير من أجل الدعوات الكهنوتية. كان هناك العديد من الطلاب ولم يكن لديه شيء يقدمه لهم بشكل دعم، فلم يكن هناك منح دراسية. لم يكن لدينا المال لشراء الطعام. لذا اشترى بيرغوليو بعض الأبقار والخنازير والأغنام خلال السنوات القليلة الأولى وكان علينا تربية المواشي. كنا نأكل الكثير من اللحوم، كما كان علينا رعاية الحيوانات. وكان البعض "انتقائيين" بعض الشيء في الطعام ولم يحبوا ذلك كثيراً. كنت أنظف الخنازير، تماماً كما فعل الابن الضال قبل أن يعود إلى أبيه. كان بيرغوليو قدوة لنا. كنا نتحدث للتحقق من سير توجيهه الروحي. وحين يحين وقت لتشغيل الغسالة، كنا نذهب معاً ونضع كل شيء بحاجة للغسيل في هذا الآلة الكبيرة. كانت مسؤوليته وضع كل الغسيل هناك، ومن ثم تعليقه على الحبل ليجف. كان يذهب ويطعم الخنازير بنفسه. في بعض الأحيان كان يفعل ذلك بينما يتحدث إلى شخص ما عن الروحانيات. لم يكن يميز بين النظرية والممارسة. كان يدفعنا لذلك وكان علينا أن نخضع للإمتحان. كان علينا أن نتعلم من خلال التضحية. ويرجع هذا جزئياً لموضوع التدريب".

هل كانت وسيلة لوضع أنفسكم في مكان الناس العاديين؟

"أذكر أنه خلال الكلمات التي كان يلقيها كجزء من التدريب، كان يكرر المرة تلو الأخرى أن الذين يقدمون العهد بنذر الفقر، معناه أنه عليهم العمل أيضاً. كان يقول أن الفقر هو العمل. يحتاج الفقير أن يعمل ويعرق. كانت تبعد كلية مكسيمو ستين كيلومتراً من بوينس آيرس. كان الناس يسافرون لمدة ساعتين للوصول إلى هناك، وساعتين أخريتين للعودة على مدى ثماني، عشر أو أربعة عشر ساعة من العمل. وقد ساعد هذا العمل الشاق إبقاء الواقع في إطار الواقع المنظور وساعد في الإبقاء وجهاً لوجه مع آلام الناس. هذا الإحساس بالواقع هو هبة من الله. إنها ليست كلمة من الواجب أن تلازمك دائماً. في يوم ما، جاءت إمرأة إلى كلية مكسيمو تبحث عن بطانية، لأنها كانت تشعر بالبرد. قلنا لها أننا لم يكون بين بطانية إضافية. فقالت المرأة إلى بيرغوليو ’إذن أعطني بطانيتك‘. ذهب وأعطاها إياها. وقال: لقد علمته هذه المرأة، أنه يجب علينا أن نتشارك بما لدينا، وليس بما هو فائض عن حاجتنا".

هل تذكر أحداثاً أخرى؟

"كنت معه حتى كانون الأول 1984. وذهبت فيما بعد إلى كلية ديل سلفادور في بوينس آيرس. وعندما أنهى فترة عمله كرئيس للكلية في كانون الأول 1985، جاء للعيش في كليتي. لم يتسلم أي منصب في ذلك الوقت. لم يعد مدرباً أو مسؤولاً. كنا نعيش في نفس الطابق، وكان هناك فقط عدد قليل من الأبواب تفصلنا عن بعضنا البعضن كما كان هناك حمام مشترك في الوسط. كنت أغادر في الصباح الباكر للتدريس وأعود في وقت متأخر من الليل. في يوم ما نسيت مغلفاً في غرفتي وعدت من خلال باب آخر من الخلف. لم يكن هناك أحد في الجوار في ذلك الوقت. رأيت بيرغوليو على ركبتيه ينظف مقعد المرحاض. لم يحدث أن رأيت أحداً ينظف بهذه الطريقة. لا أعتقد أنه رآني. أنه شديد الاهتمام باحتياجات الناس، أعني احتياجات الجميع. أذكر، على سبيل المثال، الرعاية التي قدمها للكهنة المتقدمين بالسن، وكيف أصغى اليهم... إنه الرجل الذي يعيش للغير، وهو ليس الشخص الذي يعتز بنفسه. يستند ثمانون بالمئة مما يقوله البابا على تجارب من واقع الحياة. عندما أنصت إليه، أستطيع في الغالب الربط مع الحالات التي حدثت على أرض الواقع. إنه ليس صاحب نظريات، إنه صاحب تجربة".