موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٢
في استقالة البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي
الأب باسل يلدو، سكرتيره الشخصي السابق :

يوم الجمعة 21 ديسمبر 2012، تصادف الذكرى 60 لرسامة سيدنا عمانوئيل دلي كاهناً، و9 سنوات لتنصيبه بطريركاً على كرسي بابل، و50 سنة على انتخابه اسقف ومعاوناً بطريركياً في 7/12/1962، فالف تحية وتهنئة لهذا الكردينال التاريخي على الخدمة الكبيرة والطويلة التي قدمها للكنيسة الكلدانية.

قصيدة الى البطريرك والكردينال مار عمانوئيل الثالث دلي، الكلي الطوبى:

ستون عاماً مضت وأنت تخدم وتحمل راية الكنيسة بحِماك
عملت فيها بكل طاعة واخلاص لربنا يسوع الذي فداك
وتحملت الصعاب والالام من اجل شعبك الذي اصطفاك
الصوم والصلاة كانت دائماً في مقدمة وصاياك
وسوف تبقى علامات الايمان والرجاء في دعاك
في صلاتنا وتضرعاتنا سوف لن ننسالك
وطفل المغارة يسوع يحفظك كلما جاء ذكراك
وامه العذراء مريم شفيعتك هي التي ترعاك.

هذه الابيات هي ابسط ما يمكن تقديمه للبطريرك الجليل والكردينال المتواضع مار عمانوئيل الثالث دلي، الذي خدم كنيسته بكل غيرة ومحبة مدة ما يقارب 60 عاماً، منذُ رسامته الكهنوتية في 21 ديسمبر 1952، من يد نيافة الكردينال بيترو فومازونى بيوندي رئيس مجمع انتشار الايمان في كلية بروبغندا فيدى في روما.

لقد عرفته وعشتُ معه سكرتيره الشخصي، مدة بسيطة ولكن طويلة وعميقة بمعناها ومحتواها. فقد كان انسان متواضع بكل معنى الكلمة من خلال اكله وملبسه وحتى من خلال دراسته، فرغم حصوله على شهادة الدكتوراه في اللاهوت من الجامعة الأوربانية عن اطروحته "مجالس المطران ايليا برشينايا مع الوزير المغربي سنة 1026"، وليسانس في الفلسفة عن رسالته "وجود الله عند الفيلسوف الفارابي" ودكتوراه في الحق القانوني الكنسي والمدني من الجامعة اللاترانية في روما سنة 1960. الا انه لم يذكر هذا اللقب (الدكتوراه) في يوم من الايام!

في 30/1/1960 رجع إلى بغداد وعين أميناً لسر البطريركية لمدة سنتين. ثم أنتخب أسقفاً ومعاوناً بطريركياً في 7/12/1962. ثم رسم أسقفاً في 19/4/1963 من يد البطريرك مار بولس الثاني شيخو، فكان الساعد الأيمن له في بناء الكنائس والاهتمام بالمعهد الكهنوتي والرهبانيات.

وفي 7/5/1967 أعطي له من الكرسي الرسولي لقب رئيس أساقفة كشكر شرفاً، وحضر كخبير في الدورة الأولى للمجمع الفاتيكاني الثاني وكعضو في الدورات الأخرى، وقد ساهم في مؤتمرات كثيرة أقيمت في أوربا وأميركا ولبنان ومصر والاردن والعراق. زار الكلدان في الهند واستراليا ونيوزلندا واوربا وايران وجورجيا وتركيا. غايته في كل ذلك كانت خدمة الكنيسة.

كما شغل مناصب عديدة في إدارة الكنيسة، فقد عين مستشاراً في اللجنة الحبرية لدارسة الحق القانوني الشرقي ومستشاراً في اللجنة الحبرية للحوار بين الأديان.

قدم استقالته من منصب المعاون البطريركي بسبب بلوغه السن القانوني 75 سنة، وقبلت الاستقالة في 19/10/2002. وفي 27/ 11/2002 أراده غبطة البطريرك مار روفائيل الأول بيداويد مستشاراً ومعيناً للبطريركية وكذلك للشؤون المتعلقة مع الدولة والارسالات الكلدانية في الخارج. كما خوله البطريرك بيداويد في 10/12/2002 رسمياً بوكالة خاصة كافة الصلاحيات والحقوق ليقوم بإدارة الأوقاف البطريركية والإشراف عليها والمحافظة على كل حقوقها ومراجعة كافة الدوائر الرسمية وشبه الرسمية والأشخاص المعنية بما يخدم مصالح وقف الطائفة الكلدانية.

على أثر وفاة البطريرك مار روفائيل الأول بيداويد في 7/7/2003، اجتمع كل مطارنة الطائفة الكلدانية في مدينة روما 2/12/2003 وانتخبوا بطريركاً سيادة المطران عمانوئيل دلي في 3/12/2003 واتخذ اسم مار عمانوئيل الثالث دلي بطريرك بابل على الكلدان في العالم، وقبل في الشركة الكنسية من قداسة الحبر الأعظم البابا يوحنا بولس الثاني في نفس النهار.

وفي 21/12/2003 استلم المهمة البطريركية باحتفال مهيب في كاتدرائية مار يوسف في بغداد بحضور السادة الأساقفة، رؤساء الكنائس المسيحية وممثلين من الدولة وعدد كبير من المؤمنين.

البطريرك مار عمانوئيل الثالث دلي، عاصر منذ رسامته الكهنوتية في روما 1952 ولحد يومنا هذا ستة بابوات: بيوس الثاني عشر، يوحنا الثالث والعشرين، بولس السادس، يوحنا بولس الأول، يوحنا بولس الثاني الذي ايد انتخابه بطريركاً، واخيراً بندكتوس السادس عشر الذي منحه القبعة الكردينالية.

اليوم يقدم البطريرك والكردينال الكلداني استقالته بعد ستة عقود من الزمن قضاها في خدمة الكنيسة الكاثوليكية والجالية الكلدانية المنتشرة في كل بقاع العالم، ويمكن القول بان السنوات الاخيرة من خدمته كانت من اصعب السنوات نظراً لظروف العراق، الا انه بقى أميناً وصامد في بغداد العاصمة ولم يتركها.

اليوم نقدم له كل الشكر والتقدير والامتنان لخدماته، مقترنة بامنياتنا وتهانينا له بالذكرى 60 سنة على رسامته الكهنوتية و50 سنة الاسقفية، وايضا ذكرى 9 سنوات على تنصيبه بطريركاً لكرسي بابل العريق.

الرب يسعده ويمنحه الصحة والعافية لما تبقَى له من العمر المديد.