موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٤ فبراير / شباط ٢٠١٧
عام على لقاء البابا مع البطريرك الأرثوذكسي الروسي. ما هي الخطوة التالية؟

ترجمة: منير بيوك :

سنة مضت بعد أن شهدت أول اجتماع تاريخي بين البابا فرنسيس والبطريرك الأرثوذكسي الروسي كيريل. وقد احتفل الفاتيكان وبطريركية موسكو بالذكرى السنوية الأولى لهذا اللقاء بعقد مؤتمر في جامعة فرايبورغ السويسرية.

وكان البابا قد تحدث عن اللقاء الذي تم في مطار خوسيه مارتي في هافانا قائلاً: "تحدثنا كأخوة. لدينا ذات المعمودية. نحن أساقفة. تحدثنا عن كنائسنا". فيما قال البطريرك كيريل أنه جرى نقاشهما "بإدراك تام لكامل مسؤولية كنائسنا، ولمستقبل المسيحية، ولمستقبل الحضارة الإنسانية"، مما أتاح فرصة لفهم بعضنا البعض. وقال إن الكنيستين ستعملان ضد الحرب.

اليوم، وبعد مرور عام، عقد لقاء في سويسرا بتنسيق من الكاردينال كورت كوخ، رئيس المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين، والمتروبوليت هيلاريون، رئيس قسم العلاقات الكنسية الخارجية لبطريركية الأرثوذكسية الروسية. وقد قاد كل من الكاردينال والمتروبوليت المفاوضات التي أدت إلى إصدار البابا فرنسيس والبطريرك كيريل البيان المشترك في هافانا.

وفي مقال نشر في الصحيفة الناطقة بلسان حال الفاتيكان، أكد الأب ياسينت ديستيفيل، المسؤول عن مكتب العلاقات الشرقية في المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيين، عن إحراز تقدم في الحوار بين الكرسي الرسولي والبطريركية الأرثوذكسية الروسية.

وأشار في مقاله إلى أن اللقاء الذي عقد عام 2016 لم ينص على الحوار اللاهوتي، وإنما على "حوار المحبة والمسكونية الرعوية"، مؤكدًا أن الإعلان المشترك الذي صدر عن البابا والبطريرك كان رعويًا بامتياز، فقد رفض تفسير إعلانهما من خلال "عدسات جيوسياسية". كما قال أنه سيكون من الخطأ أن نرى فيه أثرًا لاهوتيًا مفرطًا.

وقد ركز البيان بصورة مطولة على اضطهاد المسيحيين، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كما أعرب عن أسفه للقتال الدائر في أوكرانيا، وعن قلقه إزاء تهديد العلمانية للحرية الدينية والجذور المسيحية لأوروبا. وشملت نقاشات البابا والبطريرك مواضيع تتعلق بالفقر، والأزمة داخل الأسرة، والإجهاض، والقتل الرحيم. وحض البابا والبطريرك الشباب المسيحي بأن يعيشوا إيمانهم وسط العالم.

وأشار الأب ديستيفيل في مقاله أن البيان المشترك أثار انتقادات من الجانب الأرثوذكسي والكاثوليكي على حد سواء. وعلى وجه الخصوص، عبرت كنيسة الروم الكاثوليك في أوكرانيا عن "تحفظاتها الشديدة" إزاء بعض الفقرات. وقال الكاهن أن هناك حاجة لمزيد من الوقت لاجتماع هافانا، ولكي يؤتي الإعلان المشترك ثماره.

أما بالنسبة الذكرى السنوية القادمة، فقد سرد الأب ديستيفيل سلسلة من الحفلات الموسيقية والمعارض، وحتى تبادل الهدايا التي سوف تظهر العلاقات المتينة، مشيرًا إلى أن المتروبوليت هيلاريون زار روما أربع مرات العام الماضي، التقى خلالها البابا مرتين، في 15 حزيران و21 تشرين الأول، كما التقى قادة آخرين في الفاتيكان. وكان لديه اجتماع في 26 حزيران مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، إضافة إلى عدة لقاءات مع الكاردينال كوخ.

وأراد الأب ديستيفيل أن يكرر القول أن إعلان هافانا كان "إعلانًا رعويًا" هدف إلى التخفيف من حدة الجدل، حتى الجدل الذي أثير بعد صدور البيان، فقد اعتبرت بعض الأوساط البيان بأنه "عشق لروسيا". وقد كان هذا وصف الوكالة الأوكرانية الدينية للبيان في مقدمة مقابلة مع رئيس أساقفة الروم الكاثوليك في أوكرانيا سفياتوسلاف شيفتشوك.

فردًا على سؤال حول انتقاده الشديد للبيان، قال رئيس الأساقفة شيفتشوك "اعتبر البعض كلامي قاسيًا جدًا"، لكنه أشار إلى أن البابا نفسه "أكد أن نص البيان غير معصوم عن الخطأ، وبأنه ليس "صفحة من الكتاب المقدس". وأضاف "لا ينبغي الاستهانة به، لكن لا ينبغي أيضًا المبالغة به". وبالنسبة لرئيس الأساقفة فإن هنالك نتيجة واحدة هامة لاجتماع هافانا هو أن الكنيسة الأوكرانية بدأت بفتح حوار مع الكرسي الرسولي.

وأضاف رئيس الأساقفة في مقابلته "بالتأكيد، حتى قبل هذه المناسبة، كنا نسعى دائمًا لإبلاغ الفاتيكان بالأمور المتعلقة بحقيقة الحرب في أوكرانيا. إلا أنه بعد هافانا، أصبح المجتمع الدولي قادرًا على إدراك حزننا مرة جديدة من خلال تذكيره بالحرب المنسية في أوكرانيا. كما دوت نداءاتنا من جديد في الفاتيكان"، معربًا عن التقدم الذي أحرزه الكرسي الرسولي. كما استذكر زيارة الكاردينال بارولين إلى أوكرانيا، وأكد ضرورة أن تزيد أوكرانيا استثمارها في العلاقات مع الكرسي الرسولي.

كما أن روسيا تستثمر الكثير من العلاقات مع الكرسي الرسولي. فخلال وجود المتروبوليت هيلاريون في باريس لحضور الاجتماع الأوروبي بين الأساقفة الكاثوليك والأرثوذكس، أجرت وكالة الأنباء لمجلس الأساقفة الإيطاليين (SIR) مقابلة معه، أكد فيها العلاقات الطيبة مع الكرسي الرسولي، وعلى وجه الخصوص مع البابا فرنسيس. وعلى الرغم من قوله أن اجتماعًا آخر بين البابا والبطريرك "ليس على جدول الأعمال"، إلا أنه أشار إلى العديد من الأمور التي يمكن القيام بها بين الكنيستين. وقال: "إذا تحدث كنيستانا بصوت واحد، فإن رسالتنا ستكون بالتأكيد أقوى وذات وقع أكبر".