موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٢١ يوليو / تموز ٢٠١٥
ظاهرة الإرهاب باسم الدين.. وخطاب الكراهية وإلغاء الآخر

د. عميش يوسف عميش :

نقلاً عن "الرأي" الأردنية

افكار عديدة تطرح منذ فترة ما يسمى -بالربيع العربي- طرحها سياسيون واكاديميون ورجال فقه ودين. لكن تلك الافكار لا تعطينا اسباباً واضحة لما يحدث وهي متناقضة وغير مقنعة حول ما نشعر به من خطاب الكراهية والانشقاق الديني وظاهرة الترهيب باستخدام الدين. نقرأ ونسمع ونشاهد معظم وسائل الاعلام في عالمنا العربي وفي الخارج. الآراء التي تطرح معظمها تتبع اسلوب القاء اللوم على جهة معينة او عدة جهات لما يحدث من دمار وخراب وتفتت للامة ومعظمها لا تخلو من الشخصنة. وفيها الحقد والتخويف والترهيب.

قبل اسبوعين شاهدت برنامج «بانوراما» الذي تقدمه «القناة العربية» وتديره الاعلامية المبدعة منتهى الرمحي. وهنا اقتبس بعض ما جاء فيه: تقول الدكتورة امال القرامي، استاذة العلوم السياسية في جامعة تونس: «ان البدائل لشبابنا في بلاد العرب اليوم غير متوافرة، وان الطبقة السياسية التي تولت قيادة بلداننا لقرون لم تكن في مستوى طموحات ما نسميه اليوم (شباب الثورة)». وتضيف «ان استشراء الفساد قد طال معظم المؤسسات ان لم يكن جميعها يصاحبه ظاهرة الترهيب». «نعم هناك بلا شك جماعات متشددة اعماها التعصب لم تعمل لوحدها دون يد المساعدة والمساندة من الداخل والخارج فوصلت الاموال لتلك الجماعات الارهابية ومن ثم حصلت على الاسلحة وسلحت بها ميليشياتها، ثم بدأت خطة الاقتحام للمدن والقرى، والغاية ان تعمل هذه الجماعات الارهابية على الغاء الحدود والقضاء ليس فقط على الانسان لكن على ثقافتنا وحضارتنا وانتهى المطاف الى ضعف التوعية من قبل المؤسسات الامنية بسبب خوفها وضعفها ومن ثم هروبها من واجبها». و»هناك تعبير لا يصلح لحضارتنا يسوقه الإرهابيون الا وهو أسلمة الدولة وان ما يحدث سوف يكون لفترة طويلة الا اذا اتحدنا وعزمنا على منع ما يحدث. والسؤال الذي بطرح نفسه «هل هناك مبرر لما يحدث».

الاكاديمي اللبناني الدكتور رضوان السيد «يعتقد في هذه الاوقات الحرجة بان قوة وسائل الاتصال بين الافراد تحتاج للتعاون بين المؤسسات الامنية والمراقبة الدولية لتلك الوسائل لأهميتها الامنية». «كما انه لا مهرب من عمل كبير وهائل على المستوى التربوي والتعليمي». «كذلك العمل على ترتيب المناهج الدينية والتربية العامة». «وهنا يعترف بان المؤسسات الدينية لم تقم بواجبها ولا بد من تقويتها ودعمها وتطويرها وتجديدها بل بالأحرى ان نغيرها». «لقد فشلنا في موضوع فكرة الدولة المدنية، وان الخطاب العربي عاجز، وان المجموعات الارهابية -خاصة داعش- تعطينا تفسيرات دينية غير صحيحة مقابل ما تفعله من قتل وهدم وخطف واحتلال ولصوصية.

ونتساءل هل ظاهرة الدولة الدينية بمفهوم الارهاب مؤشر على فشل الدول وفشل الخطاب العربي، نعم علينا الاعتراف بذلك». ان «العنف سيستمر وانه اصبح ظاهرة هامة وخطرة، لكن يجب ان نعترف اننا قصرنا ونتحمل المسؤولية». «اننا ندور في حلقة مفرغة جعلتنا نعجز عن استرجاع. الجيل الضائع من شبابنا المغرر به بكل الوسائل». «علينا واخيراً تجريم خطاب الكراهية، وان الدين ليس مسؤول عن ادارة الدولة ولا بد من قوانين تمنع خطاب «الغاء الاخر» وانه لا مناص عن الدولة المدنية لوجود اديان اخرى وقوميات مختلفة في مكوناتها» هنا انتهى الاقتباس، وتعليقي الخاص هو:

ان ما يحدث وسع الفجوة بين المفكرين وزاد من الانشقاق الديني الطائفي، بل ادى الى استخدام كل انواع الاسلحة لقتل الفكر والغاء الاخر وتجزئة الامة والبلاد. اذن لا يمكن منع كل هذه الكارثة الا حرب اجتياحية شاملة عربية واقليمية وعالمية ضد الارهاب. ولا بد من ثورة فكرية وتعليمية واعلامية واضحة وضخمة تصب في مصلحة الدولة المدنية. ولا بد لنا كأمة عربية ان نتطلع الى تحقيق مشروع النهضة العربي بابعاده الانساني والديمقراطي والبيئي والدستوري وترسيخ مفهوم المواطنة في الاذهان وتجسيده في حياتنا بالرغم من كل العوائق. واقول: ان الارهابين لا يعرفون بل يتجاهلون ثمن الدموع والدماء التي تهدرها امتنا.