موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٢٥ سبتمبر / أيلول ٢٠١٩
ضمير من أجل الأرض

رمزي الغزوي :

لست مع تلك الصرخة الانهزامية التي أطلقها واحد من المتعبين ذات وجع كبير: أرجوكم أوقفوا هذه الأرض. أريد أن أنزل. لست معه أبداً؛ لأنني أؤمن أن الأرض بيتنا الأوحد الوحيد، وليست حافلة عابرة نطرق شباكها، إذا ما أردنا النزول، في أي وقت نشاء، وعند أية محطة نريد.

إنها أمنا. مهدنا وقبرنا ومعاشنا ودربنا وحلمنا. ولكني اليوم لست متفائلاً بنتائج قمة الأمم المتحدة من أجل المناخ التي تجيء على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ74 في نيويورك. فقد تفاقمت كميات ثاني أكسيد الكربون في سمائنا، وارتفعت مستويات البحر، وماتت الشعاب المرجانية. واحترقت رئة العالم (غابات الأمازون). والعالم يغط في غفوته وغفلته.

الأمين العام للأمم المتحدة قبل القمة دعا قادة العالم بالقدوم إلى نيويورك ومعهم خطط ملموسة وواقعية لتعزيز إسهاماتهم المحددة وطنيا بحلول سنة 2020، تماشيا مع انفاق خفض انبعاث الغازات بـ 45 بالمئة في العقد القادم، وإلى انعدامه سنة 2050.

ومع هذا فلست متفائلا بما يحملون من خطط نظرية. وهنا سأتذكر الزميل عماد حجاج عندما أبكانا قبل سنوات برسم الأرض كرة من شمع تتهطل منداحة على شكل دموع طويلة، بعدما رفعنا حرارتها وخربناها بطيشنا وجشعنا ولا مبالاتنا، نحن بني الإنسان.

كالعادة سينتج عن القمة اتفاقية غير ملزمة (وخصوصا لأمريكيا المتنصلة من أي التزام)، لمواجهة الظاهرة المناخية المعقدة. فهي ستكون مثل قمة باريس 2016 التي اعتبرتها دول الجنوب بأنها الأسوأ في التاريخ، ووصفتها مجموعات دولية أخرى بأنها محرقة على أفران الغاز الأوروبية والأمريكية، فيما سترحب بها أوروبا وتتجاهلها الصين، وستطعن فيها دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية وخصوصاً البرازيل.

أغنياء العالم ينتجون غالبية الكربون الذي سبب رفع حرارة الأرض، وهم كعادتهم يتخلون عن واجبهم الأخلاقي. إنهم لوثوا الأرض وخنقوها، ويريدون أن يتنصلوا من تبعيات هذا الوجع البشري. الأرض ليست بحاجة إلى قمة مناخ تظل حبرا على الورق.

بل تحتاج الأرض مناخ قمة يسهم في تحرر الضمير الإنساني من محبسه وقمقمه، إننا لم نعانِ انحباسا حراريا بقدر ما نعاني انحباساً ضميريا. لأن الإنسان إن كان بلا ضمير، يضر نفسه وبيته. فهل يستطيع العلم المتسارع زراعة ضمير جديد لعالمنا؟!.

(الدستور الأردنية)