موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٧ يونيو / حزيران ٢٠١٧
شهادات عربية عن أولوية القديس بطرس وخلفائه البابوات

القدس - الأب د. بيتر مدروس :

<p dir="RTL">الاحتفال بالرّسولين الطّوباويّين بطرس وبولس مناسبة للبحث عنهما في الكتاب المقدّس والتّاريخ ولدى مشاهير العرب. ويبدأ المرء بأوّل الرّسل أو الحواريّين سمعان بن يونا الّذي بدّل السيّد المسيح اسمه من &quot;سماع&quot; إلى &quot;كيفا&quot; أي &quot;صخر&quot;. ويدرك كلّ متعمّق في الكتب المقدّسة أنّ الاسم هو الكيان، بحيث أنّ &quot;سمعان&quot; الّذي غيّر المسيح اسمه يعني أنه بدّل كيانه وأعطاه رسالة خصوصيّة ومهمّة رسوليّة من الدّرجة الأولى ورئاسة وقيادة على سائر الرسل ورعاية للقطيع كلّه، بما فيه الرسل الآخرون. وما غيّر السيّد المسيح لغير &quot;بطرس&quot; اسمًا. أمّا الشّقيقان يعقوب ويوحنا ابنا زبدى فما بدّل اسميهما ولا أعطاهما اسمين جديدين بل لقبًا واحدًا &quot;بوانرجس&quot; &quot;أي ابنَي الرّعد&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>سمعان &quot;كيفا- بطرس&quot; هو الصّخرة في متّى 16: 18</strong></p><p dir="RTL">أعلن سمعان ليسوع: &quot;أنت المسيح&quot; وهنّأه المعلّم: &quot;طوبى لك يا سمعان بن يونا، لأنّه لا لحم ولا دم كشف لك هذا&quot;. فمن الخطأ الادّعاء &ndash;أو التوهّم- أن يسوع مدح هنا إيمان بطرس، فالمعلّم يهنّىء الرّسول الأوّل الّذي حظي بمكاشفة ربّانيّة. &quot;وأنا أقول لك&quot;: أي أنا بدوري: أنتَ قلتَ لي، والآن أنا أقول لك. أنت يا سمعان قلتَ لي عن هويّتي. وأنا سأكشف لك عن هويّتك الجديدة: &quot;أنت صخر وعلى هذا الصّخر سأبني كنيستي&quot;. الكنيسة هي للمسيح، والصّخر هو سمعان بطرس نفسه هنا، ولا معنى للآية ولا منطق إلاّ بهذا التّفسير الّذي ينطلق أيضًا من الآراميّة التي نطق بها السيّد المسيح وخصوصًا لأنّ لفظة &quot;كيفا&quot; هي مذكّر في لسان المسيح الأمّ، بحيث ينساب الكلام منطقيًّا في الآراميّة: &quot;أنت كيفا وعال هادي كيفا ابنيه لعيدتي&quot;. ويعترض قوم أنّ في النّص اليونانيّ كلمتين &quot;بتروس&quot; (&quot;صخر&quot;، مذكّر) و&quot;بترا&quot; (مثل البتراء، مؤنّث، صخرة)، ويستدلّون أنّ &quot;بتروس&quot; الصغير هو بطرس، و&quot;بترا&quot; الصخرة الكبيرة هي المسيح.. الرّدّ البديهيّ هو أنّ المسيح ما نطق اليونانية بل الآراميّة حيث &quot;كيفا&quot; مذكّر وحيث ترد كلمة واحدة فقط. ثانيًا: من ناحية منطق النّقل ولاسيّما في أسماء الأعلام، ما كان جائزًا أن يُنقَل اسم علم مذكّر آراميّ بصيغة مؤنّثة يونانيّة مثل &quot;بترا&quot; أي &quot;صخرة&quot;. وإذا سأل سائل: &quot;لماذا لم ينقل الإنجيليّ متّى هكذا :أنت بتروس وعلى هذا البتروس سأبني كنيستي&quot;؟ السبب أنّ لا وجود على الإطلاق في اللغة اليونانيّة لكلمة &quot;بتروس&quot; كاسم جنس يعني &quot;صخر، صخرة&quot;. والمتداول الوحيد كان &quot;بترا&quot;. عليه، نجد في النص اليوناني: &quot;أنت بتروس وعلى هذه (وهذه تشير إلى الكائن نفسه أي بطرس) ال&quot;بترا&quot; أي عليك يا بطرس سأبني كنيستي&quot;. ويقول مار أوغسطينوس بعبقريته المعهودة: &quot;بطرس هو الصخر ويسوع هو صخر الصّخر&quot;.</p><p dir="RTL">وإذا قيل أنّ &quot;الصخرة هي المسيح&quot; في الرسالة الأولى إلى القورنثيين، أجاب المرء بنزاهة أنّ الرّسول بولس يكتب هنا عن القرن الثالث عشر قبل الميلاد، حيث تاه العبرانيون في الصّحراء مع موسى كليم الله، وحيث كانت الصخرة المعنوية الروحانية التي رافقتهم إشارة إلى المسيح القادم.</p><p dir="RTL">وإذا احتجّ قوم أنّ المسيح نفسه، بعد أن هنّا سمعان بن يونا وأعلنه أنه &ndash;اي بطرس نفسه- الصخر الذي سيبني عليه كنيسته، عاد ولامه: &quot;إذهب خلفي يا شيطان&quot;. لا يلغي قسم من كلام المسيح قسمًا آخر، بل يتكاملان. فبطرس &ndash;وخلفاؤه بابوات روما- صخرة الكنيسة لا بقوّتهم بل قوّة الرّبّ، لا بمعرفتهم بل بمكاشفة ربّانيّة. وعندما يتصرّف بطرس كإنسان وخلفاؤه كبشر، من منطق بشريّ دنيويّ، يصبح شيطانًا. فالبابا ليس معصومًا عن الخطيئة بل عن الخطأ أو الغلط في التعليم الحبريّ&nbsp; الرّسميّ &quot;من الكرسي الروماني الرسوليّ&quot; وفقط في شؤون الإيمان والأخلاق المسيحيّة لا في شؤون الأديان الأخرى ولا في قضايا العلوم والآداب...</p><p dir="RTL">وليست لإبليس الكلمة الأخيرة. هذا ما أعلنه السيّد المسيح لرسله ثم التفت إلى بطرس قال: &quot;يا سمعان، إن إبليس طلب أن يغربلكم كما تُغربل الحنطة. أمّا أنا، فقد صلّيتُ من أجلك لئلاّ تزلّ: عندما تعود، ثبّت إخوتك&quot; (لوقا 22: 31).</p><p dir="RTL"><strong>بعض شهادات من آباء الكنيسة الأوائل على أولويّة بطرس وكرسي رومة وسلطتهما</strong></p><p dir="RTL">كتب القديس اغناطيوس الإنطاكي الأسقف الذي عاش في القرن الميلادي الأوّل واستشهد سنة 107: &quot;كنيسة الرومانيين عظيمة وهي المترئسة للإخوة بالمحبّة&quot;.</p><p dir="RTL">قال القدّيس يوحنّا فم الذّهب (المتوفّى سنة 407)، في تفسيره للمزمور 48 (49): &quot;كم من ملوك شيّدوا المدن ومصّروا الأمصار قد بات اليوم اسمهم نسيًا منسيًّا. أمّا بطرس الصّيّاد فإنّ ذِكره مُخلّد بعد وفاته في ملكة المدن&quot; (أي روما).</p><p dir="RTL">وقال في الخطبة المناهضة للوثنيّين: &quot;ها إنّ الملوك والولاة والقادة يقصدون روميا، لا لأجل مشاهيرها بل ليتبرّكوا بزيارة قبر الصّيّاد وصانع الخيم، أي القدّيس بولس&quot;.</p><p dir="RTL">كيرلس الإسكندري (المتوفّى سنة 444) مستندًا إلى الحبر الأعظم الرّومانيّ كمرجع في إثبات العقيدة حول السيدة مريم العذراء: &quot;ولنا شاهد حقّ على ذلك في الأب الأقدس ورئيس أساقفة المسكونة كلّها سلستينوس بطريرك رومة العُظمى&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>شهادات من بعض مشاهير العرب عن القديس بطرس وكرسي خلفائه البابوات في روما</strong></p><p dir="RTL">هذه بعض النّصوص التي عُني بنقلها وترجمتها الأب الراحل الفرنسيسكان استفانوس سالم.</p><p dir="RTL">كتب ابن رسته (نحو سنة 907 م): &quot;توافي مدينة الرّومية وهي مدينة يدبّر أمرها ملك يقال له الباب&quot; أي البابا.</p><p dir="RTL">نقرأ في الطّبريّ (المتوفّى سنة 932 )، &quot;تاريخ الرسل والملوك&quot;، الجزء الأول، ص 737: &quot;ثبّت (المسيح) الحواريّين في الأرض دعاة إلى الله... وكان ممّن وجه من الحواريين والأتباع الّذين كانوا في الأرض بعدهم، فبطرس الحواري ومعه بولس وكان من الأتباع ولم يكن من الحواريين: إلى رومية&quot;.</p><p dir="RTL">المسعودي، في &quot;مروج الذّهب&quot; ج 1 ص 28 و129 عن اسم القديس بطرس<span dir="LTR">:</span> &quot;وبطرس هذا اسمه بالرّوميّة واسمه بالعربيّة سمعان وبالسريانيّة الصّفا&quot;. &quot;ورغب في عبادة التماثيل والأصنام ويُقال أنه قُتل في مُلكه بطرس وبولس برومية على حسب ما قدّمنا، ونمى دين النّصرانيّة في الرّوم وكثرت فيهم الدّعاة إليه&quot; (ص 299- 300- 303- 304).</p><p dir="RTL">وكتب المسعودي (3: 406-407): &quot;والبطارقة عند النصرانية أربعة، أوّلهم صاحب مدينة رومية، ثم الثاني صاحب قسطنطينية، واسمها القديم بوزنطية، ثم الثالث وهو صاحب الإسكندرية من أرض مصر. ثم الرابع وهو صاحب إنطاكية. ورومية وإنطاكية لبطرس فبدأوا برومية لأنها لبطرس ثم ختموا بإنطاكية لأنّها له وتعظيمًا. وقد أحدثوا كرسيًّا خامسًا ببيت المقدس ولم يكن هذا متقدّمًا وإنّما هو مُحدَث&quot;. &quot;رومية كرسي جميع النّصرانيّة وإليه ترتدّ أمورهم&quot; (يعني ذلك أكثر من أولويّة شرف).</p><p dir="RTL"><strong>خاتمة</strong></p><p dir="RTL">وهذا غيض من فيض. وللحديث صلة وخصوصًا في شأن دور الكرسي البابويّ عبر التاريخ.</p>