موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٣ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٦
سيكون باستطاعة جميع الكهنة الاستمرار في منح الحلة لخطيئة الإجهاض

بقلم: أندريا تورنيلي ، ترجمة: سامح حنا المدانات :

<p dir="RTL">&quot;إن البقاء في حدود القانون يعادل إفشال وإحباط الإيمان والرحمة الإلهية. وحتى في الحالات الأكثر تعقيدًا، حيث يكون هناك إغراء بتطبيق القوانين المجردة علينا أن نؤمن بالقوة المستمدة من النعمة الإلهية&quot;. هذا ما كتبه البابا فرنسيس في رسالته الرسولية &rdquo;رحمة وبؤس&ldquo; والتي تصادف اختتام اليوبيل الاستثنائي للرحمة، رغم أن &rdquo;أبوابًا&ldquo; عديدة ستبقى مفتوحة. ومن بين القرارات الملموسة التي تم اتخاذها، فقد اختار البابا فرنسيس إبقاء &rdquo;مرسلي الرحمة&ldquo; في الخدمة، ليتسنى لجميع الكهنة الاستمرار في منح الحلة لخطيئة الإجهاض، حتى بعد السنة المقدسة، الاستمرار بالاعتراف بالحلة الأسرارية الممنوحة من قبل كهنة أخوية البابا القديس بيوس العاشر بأنها صحيحة وشرعية، وفي الختام تأسيس اليوم العالمي للفقراء.</p><p dir="RTL"><strong>المرأة الزانية</strong></p><p dir="RTL">تبدأ الوثيقة البابوية بكلمتين باللغة اللاتينية &rdquo;رحمة وبؤس&ldquo; والتي استعملها القديس أغسطينوس ليصف بهما اللقاء بين يسوع والمرأة الزانية التي كانت تستحق الرجم حسب شريعة موسى، لكنها غفر لها ذنبها في النهاية. وهذه اللحظة في الإنجيل يمكن استخدامها بسهولة كأيقونة تصور ما احتفلنا به خلال السنة المقدسة. وذكر البابا فرنسيس بأنه لا القانون ولا العدالة القانونية تشكل الجانب الرئيسي في هذه الصفحة من الإنجيل. لا بل محبة الله الذي يمكنه أن ينظر إلى قلب كل شخص وأن يرى رغبته العميقة الخفية. يجب أن يكون لمحبة الله الاعتبار الأول فوق كل شيء آخر. وفي هذا المضمار فنحن لا نقرأ عن لقاء الخطيئة والحكم، بل عن الخاطئة ومخلصها، الذي نظر إلى تلك المرأة في عينيها وقرأ في قلبها. ويلفت البابا النظر إلى أنه &rdquo;لدى اختبار الرحمة بشكل حقيقي، فإنه من المستحيل العودة إلى الخلف&ldquo;. إنها تنمو باستمرار وتغير حياتنا. فقلوبنا المتحجرة تصبح قلوبًا من لحم قادرة على الحب رغم كوننا خطأة.</p><p dir="RTL"><strong>الرحمة تولِد الفرح</strong></p><p dir="RTL">وكتب البابا فرنسيس: &rdquo;لا يمكن استثناء أي شيء مما يضع التائب أمام الله من تلقي رحمته تعالى&ldquo;. ولهذا السبب لا يحق لأي منا أن يجعل الرحمة مشروطة. إن الرحمة هي دائمًا مجانية وبدون مبرر من أبينا السماوي، وهي فعل محبة غير مشروط وغير مستحق. وبالتالي فإنه لا يمكننا المخاطرة بالاعتراض على ملئ حرية المحبة التي من خلالها يدخل الله في حياة كل شخص. ويعيد البابا إلى الأذهان بأن الرحمة تولد الفرح، لذلك ففي هذا العالم الذي يظهر فيه أن الحزن والشعور بالوحدة في تزايد بين الشباب أيضًا، ويبدو المستقبل، رهينة للشك الذي لا يفسح مجالاً للاستقرار، هناك حاجة إلى شهود للرجاء والفرح الحقيقين إذا ما أردنا تبديد الأوهام التي تعد بالسعادة السريعة والسهلة من خلال الفردوس الاصطناعي.</p><p dir="RTL"><strong>نشر الكتاب المقدس ومعرفته </strong></p><p dir="RTL">يظهر أن البابا يريد أن يغلق الباب المقدس ولكنه لا يريد إنهاء زمن الرحمة، بالاستمرار بالاحتفال بها، خصوصًا في الذبيحة الإلهية وأثناء الصلوات. قبل ظهور الخطيئة كان هناك ظهور الحب الذي به خلق الله العالم وبني البشر. الحب هو العمل الأول الذي أظهر الله نفسه عن طريقه واتجه نحونا. ويقترح البابا فرنسيس أن نقوم بالاستماع عن كثب إلى كلمة الله. ويحثُّ الكهنة بأن يكونوا أكثر انتباها في طريقتهم في الوعظ والكرازة، التي ستكون مثمرة إلى حد أنه هو نفسه اختبر محبة الله الرحيمة. سيكون من المفيد لو أن كل جماعة مسيحية، تجدد جهودها في يوم أحد من السنة الليتورجية، لتتعرف على الكتاب المقدس أكثر وتنشره على نطاق واسع.</p><p dir="RTL"><strong>مرسلو الرحمة يواصلون عملهم</strong></p><p dir="RTL">وسلط البابا الضوء على سر المصالحة &rdquo;الاعتراف&ldquo; وشكر رسل الرحمة الذين سافروا إلى الأبرشيات في سائر أنحاء العالم، وأعلن أن عملهم لا ينتهي مع إغلاق الباب المقدس. وصرّح أنه يريدهم أن يستمروا في ذلك حتى إشعار آخر، وهي علامة ملموسة بأن نعمة يوبيل الرحمة تبقى حية وفعالة في العالم كله.</p><p dir="RTL"><strong>أيها الكهنة لتكن قلوبكم مفتوحة في سر الاعتراف</strong></p><p dir="RTL">وطلب البابا من المعرفين أن يرحبوا بالجميع، وأن يكونوا شهودًا للمحبة الأبوية مهما كانت جسامة الخطيئة ذات العلاقة. وأن يكونوا حذرين في مساعدة التائبين في التأمل في الشر الذي اقترفوه، وأن يكونوا واضحين في تقديم&nbsp; مبادئ القيم، وأن يكونوا مستعدين للسير بصبر إلى جانب المؤمنين في رحلة توبتهم التكفيرية، وأن يكون لهم بُعْدُ نظر في تمييز الحالات الفردية وأن يكونوا كرماء في منح رحمة وغفران الله. يجب أن يكون الكهنة في كرسي الاعتراف منفتحي القلوب. ويعيد البابا فرنسيس إلى الأذهان بأنه لا يوجد قانون أو مبدأ يمكن أن يمنع الله من احتضان ابنًا أو ابنة يعودان إليه بعد أن اقترفا خطأ، عازمين أن يبدءا بداية جديدة. إن البقاء في حدود القانون يعادل افشال وإحباط الإيمان والرحمة الالهية. حتى في الحالات الأكثر تعقيدًا، حيث يوجد إغراء بتطبيق العدالة المنبثقة من القانون المجرد علينا أن نؤمن بالقوة المنبثقة من النعمة الإلهية. وطلب البابا من الكهنة أن يتفادوا أن يتصرفوا بطريقة مغايرة لخبرة الرحمة التي يمر بها التائبون. يجب أن يستعيد سر الاعتراف مكانته المركزية في الحياة المسيحية، ومن أجل أن يتحقق ذلك يجب أن يكون باستطاعة الكهنة أن يضعوا حياتهم في خدمة سر المصالحة (الاعتراف).</p><p dir="RTL"><strong>سيستمر كل الكهنة بمنح الحلة لخطيئة الاجهاض</strong></p><p dir="RTL">من الآن وصاعدًا يمنح البابا جميع الكهنة، بحكم رسالتهم الكهنوتية، سلطان منح الحلة لمن اقترف خطيئة الإجهاض&nbsp; المخطط له. هذا تمديد للتفويض الذي منحه للكهنة مسبقًا خلال سنة يوبيل الرحمة، بغض النظر عن أي شيء يتعارض مع ذلك. وأضاف البابا قائلاً: &quot;أود أن أؤكد بكل ما أوتيت من قوة، أن الإجهاض خطيئة خطيرة، لأنها تضع نهاية لحياة بريئة. ولكن بنفس الوقت أريد أن أؤكد أيضًا بأنه لا توجد خطيئة لا يمكن لرحمة الله الوصول إليها، وأن تمسحها عندما تجد قلبًا تائبًا يطلب المصالحة مع الله الآب. وقام البابا فرنسيس بتمديد الصلاحيات التي منحها لأخوية القديس بيوس العاشر التي أسسها الأسقف لوفيبر. &quot;أنا أثق بنية كهنتها الحسنة الذين نسعى بعون الله من أجل استعادتهم بالوحدة الكاملة مع الكنيسة الكاثوليكية، فقد قررتُ شخصيًا أن أمدد هذا السلطان إلى ما بعد سنة يوبيل الرحمة إلى أن يتم اتخاذ إجراءات إضافية&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>التقارب والعزاء</strong></p><p dir="RTL">ويتطرق البابا في رسالته للحديث عن العزاء. &quot;تعبِّرُ الرحمة عن نفسها أيضًا في التقارب والمودة والدعم الذي باستطاعة العديد من إخوتنا وأخواتنا تقديمه لنا في أوقات الحزن والبلاء&quot;. ويوضح البابا أن كفكفة الدموع هي إحدى السبل لكسر الحلقة المفرغة من العزلة التي غالبا ما ننغلق بداخلها. وبينما لا تكون الكلمات في بعض الأحيان كافية،&nbsp; فإن &quot;الصمت أيضًا يمكن أن يساعدنا، خصوصًا عندما لا نجد الكلمات للإجابة على تساؤلات أولئك المتألمين&quot;.</p><p dir="RTL"><strong>العائلات المحتاجة للترحيب</strong></p><p dir="RTL">وفي فقرة مخصصة للأسرة، يعود البابا فرنسيس إلى التأكيد مرة جديدة على أهمية التمييز، التي ذكرها في الإرشاد الرسولي &rdquo;فرح الحب&ldquo;. &quot;علينا أن نتذكر بأن كل واحد منا يحمل غنى وصعوبات تاريخه الشخصي. وهذا ما يجعلنا مختلفين عن أي شخص آخر. إن حياتنا بأفراحها وأتراحها، هي شيء فريد وغير مكرر حصل تحت أنظار رحمة الله. وهذا أمر يتطلب، خصوصًا من الكهنة، تمييز روحي حذر، عميق وبُعْد نظر لكيما يشعر الجميع بدون استثناء أنهم مقبولين عند الله.</p><p dir="RTL"><strong>أفعال ملموسة لمساعدة المتألمين</strong></p><p dir="RTL">وأخيرًا، يتحدث البابا عن العلامات الملموسة. حان الآن وقت إطلاق العنان لإبداعات الرحمة، لإنشاء مشاريع جديدة: ثمرة النعمة. ويعيد إلى الأذهان أن شعوبًا كاملة تعاني من الجوع والعطش، وحشود من الناس ما زالوا يهاجرون من بلد إلى آخر بحثًا عن الطعام، العمل، الملجأ والسلام. يتحدث عن السجون، حيث يرافق الحبس صعوبات خطيرة بسبب الظروف المعيشية غير الإنسانية فيها. إن ثقافة الفردانية المتطرفة، خصوصًا في الغرب، أدت إلى فقدان الشعور بالتضامن مع والشعور بالمسؤولية عن الآخرين. واليوم يفتقر الكثيرون لمعرفة الله نفسه. وهذا الأمر يشكل أعظم فقر وعقبة أساسية في الاعتراف بحرمة كرامة الحياة البشرية.</p><p dir="RTL"><strong>الرحمة قيمة اجتماعية</strong></p><p dir="RTL">ما فتأت أعمال الرحمة الروحية والجسدية أن تكون دليلاً على تأثير إيجابي هائل للرحمة كقيمة اجتماعية في أيامنا الحاضرة، أن يكون المرء عاطلاً عن العمل، أو لا يكون لدية دخلاً كافيًا، ألا يكون باستطاعته امتلاك منزلاً، أو أرضًا يعيش عليها، أو يعاني من التمييز بسبب إيمانه، جنسه أو وضعه الاجتماعي. هذه هي الظروف التي تهاجم كرامة الشخص. هناك العديد من الحالات التي يمكننا اليوم من خلالها أن نعيد الكرامة للأفراد وجعل الحياة البشرية ممكنة حقًا. دعونا نفكر في بعض الأطفال الذين يعانون من أشكال العنف الذي يسرق منهم بهجة الحياة. ولا أنفك عن التفكير بوجوههم الحزينة والمرتبكة. وبعد الحديث عن الطابع الاجتماعي للرحمة، يدعو البابا إلى تعزيز ثقافة الرحمة استنادًا إلى إعادة اكتشاف اللقاء مع الآخرين، وهي ثقافة من خلالها لا ينظر أحد إلى أي شخص آخر بدون اهتمام أو يدير بوجهه عن رؤية ألم إخوته وأخواته. إن أفعال الرحمة هي أعمال يدوية، بمعنى أنها تختلف عن بعضها البعض. بإمكان أيدينا أن تصنعها.</p><p dir="RTL"><strong>يوم الفقراء العالمي</strong></p><p dir="RTL">إنه وقت الرحمة لكي يشعر الفقراء بأنهم يحظون بالاحترام والاهتمام من الآخرين الذين تغلبوا على اللامبالاة وعدم الاهتمام واكتشفوا ما هي الأمور الأساسية في الحياة. لأنه لا يكل أي خاطئ من طلب المغفرة. واختتم البابا كلامه قائلاً: &quot;في اطار يويبل الأفراد المهمشين اجتماعيًا، راودتني فكرة بأنه كعلامة ملموسة من هذه السنة المقدسة أرى أن تقوم&nbsp; الكنيسة جمعاء بالاحتفال بالأحد الثالث والثلاثين من الزمن العادي، بيوم الفقراء العالمي. سيكون يومًا يساعد كل الجماعات، وكل شخص معمد للتأمل في كيف يكون الفقر في قلب الإنجيل&quot;.</p>