موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ٣١ مايو / أيار ٢٠١٧
سلام على بغداد

سهاد طالباني :

تصر يد الإرهاب على نثر الرماد في شهر الخير، وتمتد الى قلب بغداد لتسفك دماء الامنين في مشهد بات مكررا حتى تحول من فاجعة الى خبر يتداوله الناس كأخبار الطقس، وبغداد تبكي وتبكي وتبكينا معها، وكرادتها تندب حظها السيئ وكأن لعنة في حرز اسود اصابتها وفرضت عليها ارتداء الحزن كل عام.

سلام الى بغداد، سلام على بغداد، وعلى كل أهلها الطيبين المتعبين، سلام على من ارهقتهم سنوات الحروب والقتل والإرهاب منذ عقود، وملأت ايامهم لوعة، وجدران بيوتهم صورا للشهداء حتى لم يعد في الجدار مساحة لمسمار جديد، سلام على البيوت والشوارع ومياه النهر التي جعلتها الدموع بطعم الملح.

الكراهية التي قتلت وتقتل في الكرادة هي التي فجرت في مانشستر وصفت دماء الاقباط في مصر واحرقت شوارع الموصل والرقة، هي الكراهية للحياة حتى لو كانت حياة شقية وصعبة، فالموت سيد الموقف وغاية المنتهى لدى أصحاب القلوب الكافرة بالإنسانية، هذا ان كان في صدورهم قلوب.

ان تقتل أشخاصا في حفل موسيقي في مانشستر، او ترميهم بالرصاص وهم في طريقهم للتعبد في المنيا، او تفجرهم وهم يتناولون المثلجات بعد صيام يوم طويل في الكرادة، هو دليل على أنك انحدرت الى ما دون القاع، وخرجت من كل التصنيفات، فحتى الشيطان قد يغضب إذا تم تشبيهك به، فلا أحد في هذا الكون يمكن ان يصل الى ما وصل اليه هؤلاء من خسة وتوحش حتى باتت قواميس اللغات عاجزة عن وصفهم.

سلام على بغداد، سلام على الشهداء في ساحة الشهداء، سلام على من امست ايامهم معجونة بالتعب والقلق، وعلى من يجولون الطرقات بحثا عن تفاصيل الحياة فتفاجئهم مخالب الموت، وعلى من يقاومون المخرز بالكف، وعلى من يتحملون الصعاب وهم يحلمون بغد أجمل وأكثر امنا وأمانا.