موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأحد، ٣٠ سبتمبر / أيلول ٢٠١٨
سفير اليونيسف يطلق برنامجًا للعلاج بالموسيقى بمخيم الأزرق

مجد جابر - الغد :

جاء لينثر ألحانه الموسيقية على أطفال أنهكت قلوبهم أوجاع اللجوء؛ حاملا معه رسالة حب وسلام وأمل يخفف حجم الألم بعيون صغار اختبروا آلام الحروب وويلاتها وهربوا بحثا عن النجاة!

هنالك في مخيم الأزرق؛ تجمع الأطفال حول عازف البيانو وسفير اليونيسف الاقليمي للشرق الأوسط وشمال افريقيا زيد ديراني، يتأملون عزفه الجميل، ويستمعون لأجمل مقطوعاته الموسيقية التي أضفت عليهم السعادة والبهجة.

الفرح والتفاعل والانبهار، أجواء خيمت على الأطفال في تلك اللحظة، حيث جاء ديراني بموسيقاه ليعالج هؤلاء الأطفال الذين شردهم اللجوء، وحرمهم من أبسط حقوقهم، ليقرر أن يعيد لهم الأمل بالموسيقى.

ولأن الموسيقى أثرها على الروح، وتتحسن الحالة البدنية والعاطفية والعقلية والروحية للطفل؛ أطلق ديراني في مركز مكاني في مخيم الأزرق للاجئين؛ البرنامج الأول من نوعه في العالم للعلاج بالموسيقى والمصمم خصيصا للأطفال في مخيمات اللاجئين.

ديراني، أول من وضع التصور لبرنامج العلاج بالموسيقى "موسيقتي" خلال زيارة له لمخيم الزعتري للاجئين خلال العام 2016 والذي تم تصميمه لاحقا من قبل أخصائيي علاج بالموسيقى وبالتشاور مع أطفال وبالغين من المقيمين في مخيمات اللاجئين في الأردن.

وفي تصريحات خاصة لـ "الغد" قال ديراني إن الفكرة بدأت عندما أصبح سفيرا للنوايا الحسنة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث قام بالعزف على "البيانو" في مخيم الزعتري بين الأطفال الذين شاركوه حب الموسيقى، ولمس بأعينهم الفرح والأثر الايجابي عليهم.

وبعد ما يقارب العامين من العمل، تم تنفيذ مشروع العلاج بالموسيقى من خلال مبادرة "موسيقتي" في مخيمي الأزرق والزعتري، وهو المشروع الأول في العالم من نوعه الذي تم تخصيصه بحيث يكون للأطفال في مخيمات اللاجئين.

ويشمل البرنامج، وفق ديراني، على دورات ونشاطات موسيقية تقام على مدار الأسبوع، بمساعدة معلمين من المجتمع المحلي، بحيث يستطيع الأطفال التنفيس عن الطاقات الموجودة بداخلهم.

ويشير ديراني إلى أن تكلفة المشروع بسيطة، وتم الاستعانة بالموارد البشرية الموجودة في المخيمات، لافتا إلى أن كل حصة تضم عددا قليل من الطلاب حتى يستوعبوا جيدا ما يأخذوه، ومدة الحصص تكون ثلاثة أشهر وبعدها يتم ادخال فوج جديد.

ولمس ديراني، الأثر الايجابي لهذه الحصص على نفوس الطلبة، تحديدا المتمردين والعنيفين، فساعدتهم الموسيقى على التواصل بشكل أفضل مع الزملاء خلال الدرس، وتكوين صداقات أكثر قربا، مبينا أن ثقة الطالب بنفسه زادت، وظهر ذلك من خلال ردات الفعل.

ويضيف ديراني "الموسيقى لها وقع كالسحر على الأطفال، وتُظهر المواهب الموجودة بين الأطفال والتي تم اكتشافها من خلال هذه الدروس.

والموسيقى، وفق ديراني تساهم بتفريغ الطاقات بطريقة ايجابية، مبينا أن هذا المشروع هو أولا وأخيرا لمصلحة الأطفال ولتحقيق راحتهم النفسية. يقول "نريد للطفل أن يخرج من الحصة أفضل بكثير من لحظة الدخول إليها".

واستعان ديراني بهذا المشروع بأخصائيين بالعلاج عن طريق الموسيقى وحماية الطفل، إذ ساعدوا في تشكيل البرنامج حتى أصبح جاهزا ومكتملا، ويمكن تطبيقه بأي مخيم بالعالم.

وتم تنفيذ برنامج "موسيقتي" كفترة تجريبية لمدة عام في مراكز مكاني بمخيم الأزرق، وبدأت تظهر ردات الفعل الايجابية من قبل المعلمين الذين ساهموا بتحسين البرنامج وتطويره والتوسع فيه أكثر.

وأظهر التقييم النهائي أن 65 بالمائة من الأطفال المشاركين قد أظهروا تقدما كبيرا بعد مشاركتهم وانعكس ذلك على تصرفاتهم وتعاملهم مع الآخرين، والقدرة على اتخاذ القرارات، والتعبير بشكل أفضل عن أنفسهم بثقة.

ويتمنى ديراني أن يكون هذا المشروع "نموذجا لكل مخيمات اللجوء في جميع أنحاء العالم".

ومبادرة "موسيقتي" للأطفال السوريين أقيم في مراكز "مكاني" في مخيمات الأزرق والزعتري للاجئين، وساعدهم أيضا على التعامل مع الصدمات والخسائر التي مروا بها من خلال صناعة الموسيقى، وفي الوقت نفسه تعزيز مهاراتهم للتواصل، والعمل الجماعي.

يذكر أن ديراني سفير اليونيسف الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ العام 2016، وهو مؤسس "مؤسسة زيد للسلام والتفاهم العالمي" معروف بعمله لمساعدة الموسيقيين الشباب على تعزيز السلام والتفاهم الثقافي، إذ عمل خلال السنوات الأخيرة مع موسيقيين عالميين ومؤثرين لنشر رسالة السلام والتعايش خاصةً من خلال الحفل الذي أطلقه من أجل السلام "ليلة واحدة في الأردن"، حيث عزف برفقة موسيقيين عالميين من 40 دولة.

وديراني المعروف لدى البعض بـ "عازف البيانو النابغة" أصدر عدة ألبومات كانت تصدرت قوائم أفضل الأغاني بعد أن قدم عروضا حول العالم في الأردن، وكذلك بحفل حضرته الملكة إليزابيث، والدلاي لاما والراحل نيلسون مانديلا.