موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ١٤ أغسطس / آب ٢٠١٥
ستزول البيارق السوداء مع الإله الذي عليها

الأب البروفسور يوسف مونس :

وحده الجمال سينقذ العالم

نعم ستزول البيارق السوداء مع حامليها وسترتفع مكانها بيارق الحب البيضاء وعليها صليب الحرية والكرامة، بيارق الانتصار التي ظهرت للامبراطور قسطنطين، بيارق احترام الحياة وضمائر الناس والحفاظ على حياتهم وارثهم الحضاري والفني والجمالي لان «الجمال، كما يقول تولستوي، وحده سينقذ العالم». وسينزل العدل الالهي وغضب السماء على الذين دنسوا الارض والكنائس والمساجد والمعابد واجساد الناس، الذين اقاموا مملكتهم وخلافتهم وامارتهم على الظلم والقتل والدم. فأين سيختبىء هؤلاء من امام عدل الله وغضبه وهم يهرولون هاربين صارخين: «يا سماء اهبطي علينا ويا جبال غطّينا». سيرمي بهم العدل الالهي في اتون النار والمرض والوباء، وعلى شفاههم نداء: «لا كان ليل ولدنا فيه ولا فجر حبل فيه برجل». يأتي يوم تسقط فيه ابراج بابل الكره وقطع الرؤوس واغتصاب الناس. وسيسمعون صوتا: كالرعد يقول: «سقطت، سقطت بابل» كما في كتاب الرؤيا: بابل الخطيئة والشر والزنى…

الحب يبقى وليس شيء إلى زوال

هؤلاء الذين نصّبوا انفسهم امراء وقد ارسلهم الله لاقامة مملكته. كأن الله بحاجة اليهم ليقيم مملكة حبه ورحمته وحنانه ورأفته على البشرية. الم يروا كيف زالت الخلافة العباسية ومعها الخلافة الاموية؟ وكيف امحت السلالات الفرعونية وانقرضت الامبراطورية اليونانية والرومانية؟ ومملكة نبوخذ نصر وساويروس واحشوش؟.. ملوك فرنسا اندثروا وبقيت شعارات الثورة الفرنسية: حرية، عدالة، اخوة، مساواة.. كلهم امحوا، كلهم راحوا وزالوا، وأكلهم النسيان وغبار الزمان…

وحدهم بقوا من تكرسوا لله بالحب وخدمة الانسان بالتضحية والعطاء. وانار العقل دربهم والرحمة اشعلت قلوبهم: قداسة وعبقرية وفناً وفكراً.. كشربل وغاندي ورفقا وابونا يعقوب والام تريزا، وافلاطون وميكالنجلو، وبيتهوفن، وبودلير وسعيد عقل وصباح والرحابنة ووديع الصافي، والدكتور كمال الحاج، ابن الشبانية قريتي الجميلة وفرنسيس الاسيزي وجبران، ونعيمه.. والكثيرون سواهم ولا مجال لتعدادهم.

جدلية النعمة والنقمة

اعطى لهذا الشرق الاوسط نعمة البترول وحلّت عليه نقمة الهبل الديني، والجنون الجنسي، والهستيريا الجماعية وكان حلمهم «كحلم ليلة صيف» عندما ظنوا ان الله «استخلفهم» وتوهموا انهم ارسلوا لانقاذ الناس من الجحيم والنار وارشادهم الى الطريق الذي يوصلهم الى السماء للقاء الحوريات وحور العيون وهذا وهم كبير..

وشرّعوا لانفسهم اخذ السبايا وتقديم الاطفال كهدايا.

فمن اين نبعت هذه الاخلاقية الظلامية السوداء؟

التي كتبت عارها بالفحم على جبين التاريخ والبلاد العربية؟ من أين ينبع هذا الانحطاط؟

هل كان منبع كل هذا الانهيار والتفلت الاخلاقي والسياسي او من الفتاوى المدنسة للنص المقدس وجذبه الى مدارات العته والهبل الديني؟ ام من ابعاد اقتصادية وسياسية واجتماعية؟ ام انها تنبع من جذور لغوية تمسح للفاعل المسؤول ان يغيب ويستتر كما في اللغة العربية في كلمة «ضربه» حيث الفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو؟ هل يعقل ان يكون الفاعل المسؤول، مجهولاً ومستتراً ومقدراً؟ ما هذا اللامعقول واللامنطق الذي نعيش فيه في زمن النفايات وانقطاع التيار الكهربائي والمياه، والدواء، كما في وطننا اليوم؟ وفي العالم العربي؟

هل يعقل ان يكون هناك «نائب فاعل» كما في كلمة «ضُرب»؟ وضُرب البلد لبنان ولا مجلس نواب ينتخب له رئىساً ولا مسؤولاً عن قتل رمز الوحدة الوطنية، وجيشنا العظيم بلا قائده الاكبر؟ وقتلت القوانين والاخلاق واللطف والرقة واحترام العلاقات مع الناس؟

كان الناقصة

اما المصيبة والكارثة العقلية والنفسية والاخلاقية والادبية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية فهي في فعل «كان» فهو فعل ماض ناقص، هل هناك عقل فيه الماضي ناقص الا هذا العقل والاجدب والابله. فاذا كان الماضي ناقصاً ولم يكتمل فالحاضر يرقص ميتاً او على الاصح الجدبنة في التزام الزمن الحاضر.

اما المستقبل فليرحمه الله وضعوا على قبره اكاليل الحزن ولولوا ونوحوا عليه والطموا خدودكم وجباهكم حتى الدماء والاغماء. هؤلاء هم اولاد الافاعي والقبور المكلسة..

ولم يولدوا من رحم نعمة ولا المحبة: الرحمن الرحيم.

لائحة الخطايا

هؤلاء الذين يفتون باللامعقول واللا منطق والهبل الديني كالداعية هموشهيد سيهاد؟ لن تترك هذه الخطايا دون عقاب وهي من الخطايا الكبيرة. كهذه الخطايا ضد الانسان والله:

- «داعش» يعرض اكثر من 42 مختطفة ايزيدية للبيع (المرصد السوري لحقوق الانسان 25 حزيران 2015)
- كنيسة القديس افرام اصبحت مسجداً (وكالات 10/6/2015)
- يأخذون تذكارات من لحم البشر (الاخبار 13/5/2008)
- «داعش» يحرق امرأة عجوز مسيحية عمرها 80 سنة لانها رفضت الامتثال للشريعة (وكالة باس نيوز 15/6/2015)
- تنظيم داعش يقطع رأسي امرأتين للمرة الاولى
- طفل «داعشي» يقتل ضابطاً سورياً (الحياة السبت 18 تموز 2015)
- «تطهير ثقافي داعشي» ممنهج لالفي موقع اثري.
- «داعش» يصلب سبعة اشخاص ويجول بسجين في قفص (وكالة فرانس برس 12/7/2015)
- «داعش» يقدم النساء كجوائز في مسابقة رمضان (الثلثاء 7 تموز 2015)
- «داعش» في القدس.. على المسيحيين الرحيل او الذبح (النشرة السبت 4 تموز 2015) «يحيى الايزيدي: «ان لم نقطع الرؤوس مصيرنا الموت (ديلي ميل، الثلثاء 21 تموز 2015)
- افريقيا الوسطى: اطفال يُجنّدون تحت نظر الجهاديين وفتيات يجبرن على الزواج من الجهاديين الاسلاميين (افريقيا الوسطى 21 يوليو 2015، Zenith.org)
- كنيسة اخرى تقع فريسة الدولة الاسلامية في الموصل (كنيسة مار يوسف في الموصل تتحول الى مسجد (Zenith.org، العراق 17 يوليو 2015).
- الدولة الاسلامية تغيير اسماء المناطق في الموصل (Zenith.org العراق 22 يونيو 2015)
- العروس (5 سنوات) والعريس (8 سنوات) والزواج بعد التخرج (النهار 23 تموز 2015)
- هذا هو مصير المراهقات اللواتي يخطفهن «داعش» (الديار 9/6/2015)
- الشروق 2/6/2015 بعد جهاد النكاح، داعش يحل «نكاح» الرجال.
- داعش يصلب طفلين في تهمة «الافطار في رمضان» (المرصد السوري لحقوق الانسان 22حزيران 2015)
- مسابقة «داعش» في رمضان وللفائز سبية (23 حزيران 2015).
- طقوس: النكاح و«المواقعة»

والمضاجعة وممارسة الجنس

وقد نشرت C.N.N. العربية 14 كانون الاول 2015 «التعليم الديني» الداعشي في قضايا ما سموه «بالمواقعة» ما اقرف هذه الكلمة انها «المواقعة»، كما في الحروب والقتال. هذا التعليم هو الكفر والخطيئة والجريمة بذاتها، والتوحش بذاته، بيان علّقه داعش دون خجل على ابواب المساجد في الموصل.

افرحوا يا ناس بدل طقس الحب النبيل هاكم طريق خلاصكم في «مواقعة» النساء الكافرات.

امام هول هذه المجازر وفظاعتها ارتفع صوت الازهر ليطالب بقطع رؤوسهم وبتر ايديهم وارجلهم وهو يقول: في جريدة الديار 11/6/2015 ان من يهاجمون دور العبادة والكنائس (وتعنيف النساء والاطفال) هم ارهابيون ولا يمثلون الاسلام وشجبت جمعية حقوق الانسان وادانت الكثير من المؤسسات والاشخاص والهيئات الروحية والمدنية والثقافية هذه البربريات المقنعة بالمقدس وبالغيرة على الله.. لكننا بالرغم من كل هذا العنف ما زلنا نصلي ونقول:

اللهم اجعل حظنا مع الضحايا وليس مع الجلادين، وسنضيء شمعة في هذا الليل بدل ان نشتم الظلام. وما زلنا نؤمن ان كل ظلام الدنيا لا يستطيع ان يطفىء نور شمعة واحدة..

بين العقل والهبل

وحدث عراك عظيم بين الذين يطاردون العقل وبين الذين يطاردون الله والذين قاموا بالتأويل الدموي للنص المقدس.

وحدث كرنفال الهستيريا الدينية في احتفالية تراجيدية دموية طردت العقل والحب وقامت على ثقافة الغرائز والشهوات المكبوتة فتقيأت المنطقة الجثث والدم وضرب الشرق الاوسط زلزال كبير في صراع اله الحب والرحمة والحنان وآلهة الجنس والعنف والمال والسلطة واصبح الامراء خلفاء الله فطردوه من الشرق الاوسط بعد ان مات في قلوبهم. وبالرغم من كل ذلك ستزول البيارق السوداء مع الاله الذي عليها.