موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٢٨ مايو / أيار ٢٠١٣
ساعات وكلمات في «دير الراهبات»..

عناد السالم :

لم تكن الساعات الثلاث كافية كي تُخرج كل ما بداخلنا من اشواق وافكار وحكايات تروي تعبنا (نحن عرب ما بين المحيط والخليج).. لكنها الساعات (التي اجزم) بانها استوعبت الكثير من الآهات المخزونة وحرية المعتَقد والفكر الشخصي والسياسي..
ففي (دير الراهبات) كل المواضيع تكمن (في بوتقة واحدة), تسمى (بوتقة التكامل الفكري الحضاري المهذب), كل المواضيع, تقبع تحت مفهوم (الوسيطة الشاملة)..

انها ظهيرة السبت قبل الماضي, أنا في دير الراهبات (دير السالزيان) في جبل اللويبدة - عمان.. أجلس محاوراً راهبة تعرفت عليها باحدى سفراتي للخارج قبل أعوام, وأخرى جمعتني بها الاقدار, وأخريات يأتين ويذهبن (يبتسمن باسم الدين وحب الرب الواحد - رب كل الكائنات)..

نعم .. الابتسامة, أحد الجوامع المشتركة بيننا نحن (المسلمون والمسيحيون).. ألم يعلمنا نبينا ونبيكم (كيف تكون الابتسامة مبعث الايمان وأساس سلوك المؤمن)..

حوار حضاري عميق دار بيننا في (السالزيان), لم نشعر بالوقت كيف يمضى (كأنه ماء يمشي من تحت اقدامنا ولا نحس به).. وقت يمضي, وحوار الاديان يتصدر المشهد, وثورات العرب تمر عبر الحديث, كما القطار السريع الذي لا نعرف نهاية لمساره..

وحب الانسانية والعيش المشترك (أمر جامع بيننا)..

أحداث سوريا (وما يجري بها باسم الدين) تأتي وتذهب عبر النقاش, والراهبة الكاثوليكية

تصلّى أمامي وتصلّى لأجلي, ولم تتمالك نفسها عندما ذكرت لها (الانسانية).. فـ طأطأت الرأس احتراما لابعاد الكلمة وكـ انها, اي الكلمة (نهر من الحب تجمَّع) ..

شعرت بـ(روح) الكلمة حتى أتعبتني وأعيتني..

عندها أصبحنا (أنا والدير وسوريا والراهبة) موحَّدين في الشعور الحزين, الذي يضرب القلوب ويوجع.. نعم.. شعور حزين على حضارة عمرها قرون وقرون (تدمر بلا رحمة)..

حديث ينقلنا بلا شعور صوب (تراسنطا - الارض المقدسة) والمعاناة اللامنتهية هنالك, وكيف ان ابناء (يوشع بن نون, وحبقوق, وبن يائير) ضربوا بعرض الحائط كل انسانية تذكر.. وتعجبنا, واتفقنا, اتفقنا انا والراهبة, بان (من لا يعترف بوجود الاخر, توقع منه المزيد من الرذيلة)..
مضى «الحديث » إلى عالم آخر, عالم ليس فيه قتلة وسفاحون وضاربون لانسانية الانسان وحرية الكلمة, مضى إلى اماكن أخرى.. رجعنا الى ماضي (النور), رجعنا الى عهد النبي يعقوب والابناء الاسباط (ماضي التعايش والحب).. الى عهد المسيح والحواريين (ماضي يعلمنا جملة مفادها: اذ لم احترق أنا وتحترق أنت, فمن ذا الذي سينير الطريق).. رجعنا لبدايات الاسلام, والدعوة الحق (ماضي محمد عليه السلام, الثائر الاجتماعي على الباطل قبل حكاية ترسيخ المعتقد).. رجعنا الى الاندلس (ماضي حضارة النور ..تعايش الاديان وحب الغير)..
تبقى فكرة الحديث..

في (السالزيان) أيقنت كلمات (جبران خليل جبران)
بان «المحبة مكتفية بالمحبة»..
شكراً لك أيتها الراهبة .. فلقد رايت أنواعاً مختلفة من المحبة في الدير ..