موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٧ ابريل / نيسان ٢٠١٣
زيارة البطريرك الراعي لأميركا اللاتينية

الأب لويس الفرخ، منسق مكتب الانتشار :

يزور غبطة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دول اميركا اللاتينية التي تشمل كلا من البرازيل والارجنتين وكولومبيا وفنزويلا وكوستاريكا والاوروغواي والباراغواي، والتي سيكون لها انعكاسات ايجابية على جناحي لبنان المقيم والمنتشر، على رغم تساؤلات البعض السلبية.

لهذه الزيارة الراعوية ابعاد تاريخية واسعة متعددة اعطت البطريرك ديناميكية جديدة ليحمل عصاه ويكتشف عمق اسرار تلك المنطقة الواعدة وليستمع ويوجه، ثم ينطلق بسياسة انتشارية جديدة:

اولا - انطلاقا من شعاره البطريركي "شركة ومحبة"، ليقول لأبنائه المنتشرين انتم شركاؤنا في الهوية والتراث والدين، جئنا مع اخوتنا الاساقفة والكهنة لنضيء شعلة الامل، جئنا لنبني معا جسورا جديدة للتواصل، جئنا نشجعكم على المحافظة على الهوية اللبنانية والليتورجيا والتراث الروحي، جئنا ندعوكم من جديد الى الانتماء بفخر واعتزاز الى الكنيسة المشرقية واوطانكم الام.

ثانيا – كون هذه المنطقة من العالم تضم العدد الاكبر من المنتشرين اللبنانيين المنتمين الى كل الطوائف واغلبيتهم من الموارنة.

ثالثا – تُعد هذه المنطقة، ذات الغالبية الكاثوليكية، التي اختار منها الكرادلة البابا فرنسيس الذي يتوقع منه تغيير جذري داخل الكنيسة ومثالية في العمل الرسولي.

رابعا – لأن لهذه المنطقة من العالم اهمية اقتصادية وسياسية واعدة، كون البرازيل من اغنى البلدان وهي عضو فعال ضمن الكتلة السياسية الدولية الجديدة (بريكس).

خامسا – تضم هذه الدول، رجالا ونساء من اصل لبناني، اصحاب طاقات هائلة، وخبرات كثيرة، وعلاقات نافذة، منهم مسؤولون في السياسة والاقتصاد والثقافة.

سيصغي غبطته الى مطالب المنتشرين المحقة على كل الصعد اهمها: اهمال الكنيسة والدولة لها. سوف يسمع البطريرك مطالبة النساء من اصل لبناني بحق الجنسية مساواة بالرجال، لأن الام هي التي تنقل الحياة والتقاليد، وتعلم ابناءها صون الهوية والتراث، خلافا للرجل المتزوج من اجنبية التي، هي بدورها، تنشئ ابناءها بحسب تقاليدها.

انطلاقاً من المسلمات، وعظم المسؤوليات، والتطلعات المنتظرة من هذه الزيارة، لا بد من توضيح عناصر آلية الخطة المستقبلية الواعدة ذات الاهداف الواضحة، القريبة والبعيدة المدى، والمواصفات العصرية لآلية تنفيذ الاهداف. هذا التواصل الذي كاد أن يندثر لأسباب البعد واللغة والحرب، احدث هوة وشرخا بين جناحي لبنان المقيم والمنتشر.

من أهم العناصر اللوجستية التي يضعها البطريرك لخطة التواصل والانتماء الجديدة:

استعمال وسائل الاعلام الاجتماعية كافة، دعوة الدولة الى انشاء البعثات الديبلوماسية وإكثارها في دول هذه المنطقة، العمل مع السادة الاساقفة في المنطقة والكرسي الرسولي والكنائس المحلية على تأسيس الكنائس حيث تدعو الحاجة، اعداد الكهنة المرسلين، بكل الوسائل لنجاحهم في مهمتهم الراعوية الرسولية، اقامة برامج تبادل للطلاب والاساتذة الجامعيين، تشجيع الكنائس والنوادي والجمعيات على تنظيم رحلات للعائلات والشبيبة ولرجال الاعمال الى الوطن الأم (رحلات الى مزارات دينية وسياحية في لبنان والشرق). تنظيم رحلات للشبيبة خلال فصل الصيف، للانضمام الى وفود الشبيبة الآتية من الجاليات اللبنانية في العالم الى لبنان ضمن برنامج "العودة الى الجذور"، التعاون مع مؤسسة "تيلي لوميار" و"نورسات"، لاعداد برامج دينية واجتماعية، باللغات الاسبانية والبرتغالية والانكليزية، لنقل صوت الكنيسة الى كل بيت، توجيه دائرة الانتشار في بكركي لاعداد برنامج التواصل والانتماء واقامة افضل العلاقات مع الجاليات، مؤازرة المؤسسة المارونية للانتشار في تسجيل وقوعات المنتشرين من اصل لبناني، لدى البعثات الديبلوماسية للحفاظ على انتمائهم اللبناني وحقوقهم فيه كمواطنين، ومن اجل الابقاء على هوية لبنان كمثال للعيش المشترك.

لا شك في ان زيارة البطريرك ستكون دعوة صارخة الى التواصل والانتماء، معتبرا اياها مسؤولية مشتركة، تكون نواة لتأسيس مستقبل جديد من العلاقات الجيدة. سيطلق خلالها الصوت الصارخ الداعي الى التواصل وردم الهوة والحفاظ على الهوية والتراث، ودعوة صريحة وجريئة الى الانتماء بفخر واعتزاز الى الوطن والكنيسة الأم.

ان زيارة الراعي ليست فئوية، بل هادفة الى جمع كل اللبنانيين الى أي جهة او مذهب انتموا، ليبقوا الجناح الاقوى لدعم لبنان في زمن المصائب والشدائد. ستكون الزيارة ايضا وعداً صادقاً، باعادة الروح الى الاغصان المنتشرة في العالم أجمع، ما يطمئنهم ان بكركي ستظل القلب الكبير، والصرح التاريخي الذي يضطلع بدور تاريخي اساسي في المحافظة على هوية لبنان وهويتهم الروحية الخاصة ووحدتهم في اطار شركة وطنية جامعة. سيذكّرهم بأنهم شعب عرف بطموحه الكبير، وحبه للمغامرة، ومواجهته التحديات، والافراط في الضيافة والكرم، واقتناء البيوت الكبيرة لجمع شمل العائلة، وتكريم الضيوف، واقامة النشاطات العائلية الاجتماعية.

سيوصيهم ايضا بحب الاوطان التي يسكنون، ويحترمون قوانينها وتراثها، وأن يساهموا في تطويرها وانمائها من دون نسيان هويتهم الاصلية. كما انه سيدعوهم الى الافتخار بأجدادهم والاقرار بعرفان الجميل لتضحياتهم وعطاءاتهم.

وأخيرا سيطلب منهم وضع طاقاتهم وعلاقاتهم وخبراتهم في تصرف لبنان وكنيسته، داعيا اياهم الى زيارة الوطن الأم، الذي قال عنه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني "ان لبنان هو أكبر من وطن، انه رسالة".

الأب لويس الفرخ
منسّق مكتب الانتشار في البطريركية المارونية