موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ١٦ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
رن يا جرس

منال الفانك :

تلك التحفة النحاسية العتيقة، والتي ما زال صوتها للآن يرن بأسماعنا، لتوقظ فينا ذكريات وحنين من نوع خاص.

نعم، فتلك الرائعة ما هي إلا (جرس المدرسة) القديم، الذي أحيل للتقاعد المبكر، وفي بعض المدارس خرج معلولية بحلول ذاك الكهربائي مكانه.

إلا أن رنينه وضجيجه نسمعه لمجرد رؤية صورة له، ويستحق منا أن نقف على بعض من أطلاله، علَ وعسى أن تستفيق جنبات الذاكرة الهرمة من سباتها، ونعود معهما لطفولة وأيام لم تعد تتكرر مع جيل أبنائنا، ببراءتها ونقاوتها!

كنا نمتعض لسماع رنينه معلنًا بدء الطابور الصباحي، وما يصحبه من نشيد، ورياضة صباحية إجبارية، نمارسها ونحن شبه نيام! وتفتيش على النظافة، والأظافر. وأود أن أذكركم بما يتبع في حال كانت الأظافر غير مقلمة، وكان مربي (أو مربية) الصف من النوع الصارم! وبالطبع كان ذاك هو النوع (السائد) لا (المتنحي)!

وماذا عن تحفتنا الغالية في حال سماع رنينه معلنًا بدء حصة مملة لمادة لا ترغبها، كانت تلك اللحظة أشبه بالموت البطيء، وما أجملها من لحظة سماع نفس (النغمة) حال انتهاء الحصة، لا أظنها مختلفة عنها لسجين نال عفوا من الأشغال الشاقة!

لنعُد ولنتستمع لتلك السيمفونية الرائعة، تجود بها يد المعلم المناوب قائلا: إنها (الفرصة)، ألا تشتمون رائحة ساندويشة (اللبنة) مع الخِيار؟

أوليس التدافع لشراء (القضامة) من المقصف متعة؟

أنظروا هناك! يد المناوب تلوِح بالجرس مهددًا ومنبها بأن (شفتك) وأنت تجري! أو (انت هناك إبقَ مكانك)!

كم من مدير ومعلم يذكركم بها ذاك (الكهل) النحاسي؟

أكاد أرى طفولتنا المدرسية وكأنها نقشت على تلك النحاسة (الصابرة) ذات اليد الخشبية،

أرى مدرسة، فيها معلمون ومعلمات نالوا ما يستحقون من الإحترام والتقدير، ليس كما اليوم!

هناك منقوش على الجرس صورا لطلاب احترموا مدرسيهم، نالوا عقابًا إن خالفوا، دون اعتراض من الأهل او العشيرة!

أتأمل الجرس اليوم، صامتًا أبكمًا، إنما بصمته حكايات (رنَانة) تحدثنا عن زمن لن يتكرر لا بشخوصه، ولا أحداثه،

أسمعه بصمته يقول: ألا ليت الزمان يعود!

ألكم مع ذلك "المجاهد" ذكريات؟

دعونا نهزه قليلاً ونستذكر مواقف من أيام خلت،

يومكم جميل كسيمفونية الجرس وحبات المطر.