شرفتني الأستاذة الصحفية رلى السماعين بإهدائها لي نسخة من كتابها (حصن السلام التجربة الأردنية في الحوار بين أتباع الأديان ونموذج العيش المشترك) الذي صدر باللغة الإنجليزية أولا، ثم قامت بإخراجه باللغة العربية.

وثّقت الكاتبة ما تم إنجازه في الأردن من تجربة الحوار والعيش المشترك، وهي تجربة جديرة بالاهتمام التوثيق؛ لتكون مخزونا حضاريا محفوظا على رفوف المكتبات ليستفيد منه القاصي والداني، ومما يميّز هذا الكتاب المقابلات الشخصية التي تضمّنها لشخصيات وازنة تهتم بالحوار والعيش المشترك، ثم وجود فصل عن التراث الشفهي المعزز للعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين.

يتكون الكتاب من خمسة فصول، عنوان الفصل الأول فلسفة حوار الأديان عند الهاشميين، ويبين أن الهاشميين على مرّ العصور لا يميّزون بناء على الدين، ولا ينظرون لأحد نظرة دونية، مما انعكس على الشعب الأردني حيث يرفض الأردنيّون مصطلح (الأقلية)، ليختم الفصل بفلسفة الملك عبد الله الثاني في الحوار الديني.

جاء الفصل الثاني بعنوان استعراض أهم مبادرات حوار الأديان ونظرة تقييمية، وفيه تقييم لما تم إنجازه من خلال المبادرات الأردنية، وذلك من خلال أسلوب الطاولة المستديرة، حيث أجريت مقابلات مع مجموعة الشخصيات لها مشاركات في الحوار بين أتباع الأديان.

أما الفصل الثالث فبعنوان تجربة حوار الأديان في عيون الآخرين، وفيه توثيق لمقابلات أجريت مع مجموعة من الشخصيات غير الأردنية التي شاركت في جهود الأردن لتعزيز الحوار بين أتباع الأديان.

أما الفصل الرابع فيحمل عنوان التراث الشفهي للعيش المشترك في الأردن، وهذا الفصل ربما يكون مرجعا فريدا من نوعه، حيث وثقت الكاتبة مجموعة من القصص الأردنية التي يتناقلها الناس جيلا وراء جيل، دون أن تكون مكتوبة أو موثقة، وفعلت المؤلفة خيرا بتوثيقها لهذه الحكايات بل قل لقصص النجاح قبل اختفائها من الذاكرة الشعبية، وقد أتت بقصص مختلفة من مادبا، والسلط، وإربد، وعمان، والكرك.

ولن تكتمل صورة العمل ما لم تتكلم الكاتبة عن العقبات التي تواجه الحوار والعيش المشترك، وقد جاء ذلك في الفصل الخامس بعنوان، عقبات في طريق التقدم، وجاءت ببعض الوقائع التي تشير إلى وجود بعض العقبات التي تحتاج إلى نظر وبحث وحل.

ومن الجميل أن وضعت الكاتبة ملاحق للكتاب تضمنت بعضا من خطابات جلالة الملك عبد الله الثاني التي يبين فيها منهج الأردن في الحوار والعيش والمشترك، ودفاعه عن الإسلام ومبادئه. كما تضمنت نص رسالة عمان، وكلمة سواء، والحديث عن أسبوع الوئام العالمي بين الأديان. واحتوت على مجموعة من المقالات والمقابلات التي أجرتها ونشرتها الكاتبة في الصحافة.

(الدستور الأردنية)