موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٤
رسالة المطران جورج أبو خازن لعيد الميلاد المجيد

حلب - أبونا :

فيما يلي رسالة المطران جورج أبو خازن، النائب الرسولي ورئيس الكنيسة اللاتينية في سوريا، بمناسبة حلول الأعياد الميلادية المجيدية.

أخواتي واخوتي الأحباء في الرب يسوع المسيح،

«عزوّا، عزّوا شعبي، يقول الرب، خاطبوا قلب أورشليم» (أش40: 1-2).

هذه هي الرسالة التي طلبها الرب من شعبه المتألّم الرازح تحت نير السبي والضيق، وهذه هي الرسالة التي يطلبها منّا، نحن المسيحييّن، في زمن الميلاد الذي نعيشه. إنّها رسالة غريبة مدهشة، إن لم نقل مرفوضة. كيف نعزّي ونحن الذين نحتاج إلى تعزية؟ كيف نعلن الفرح ونحن نرزح تحت آلام الضيق بجميع أشكاله: أهوال الحرب، عجز عن تأمين ضروريّات الحياة من طعام، ولباس، وتدفئة...؟ ألا يرى الله ما نعانيه حتّى يطلب منّا أن نعزيّ وندخل إلى قلوب الآخرين فرحاً فقدناه؟

الله يعرف تماماً ما نعانيه. إنه يشعر بصعوباتنا وهي تمسّ قلبه. ومع ذلك يطلب منّا أن نقوم برسالتنا على الرغم من كلِّ الظروف. ورسالتنا هي أن نزرع الفرح في مجتمعنا المتألّم. رسالتنا هي، كما يقول البابا فرنسيس، «أن نشهد لرحمة الربّ وحنانه الذي يدفّئ القلب، ويحيي الرجاء، ويجذب إلى الخير. فرح أن نحمل تعزّية الله». فالحزن الذي نشعر به قد يكون علامة على أننا نتوكلّ على الأشياء الماديّة أكثر من اتكالنا عليه. الحزن الذي نعيشه فرصة من أجل اهتداء القلب والعودة إلى حضن الآب السماويّ.

تعزّوا وعَزّوا، إفرحوا وادخلوا الفرح إلى قلوب الآخرين. هذه هي رسالتنا في سوريّة الآن هذا هو معنى حضورنا. لقد منحنا يسوع بسرّ التثبيت روحاً معزّيّاً (البارقليط)، لا لنتعزّى وحسب، بل لنعزّي الآخرين. وعلامة أننّا نعيش بالتناغم مع الروح الذي فينا. «أمّا ثمر الرُّوح فهو المحَبةُ والفَرَحُ والسَّلام والصَّبرُ واللطفُ وكَرَمُ الأخلاق والإيمانُ» (غل 5: 22).

نحن نعيش في بلدٍ يُهيمن فيه الحذر، ويخيّمُ عليه الحزن، ويسوده قلق المستقبل ويستسلم فيه الناس للهشاشة والضعف. والله يطلب منّا أن نزرع الثقة بإمكانيّة سعادةٍ حقيقيّة, ورجاءٍ ممكن، رجاء لا يستند إلى الناس بل إلى الله ووعوده.

إنّ شعبنا ينتظر كلمات تعزية، وإعلان الخلاص، وشهادة على الفرح الحقيقيّ. ونحن مدعوّون إلى أن نحمل إليهم هذا الفرح مدعوّون إلى أن نريهم عناق الله الذي ينحني علينا بحنان الأمّ علينا ليرعانا. مدعوّون إلى أن نحمل ابتسامة الله لشعبٍ غابت عنه الابتسامة.

مدعوّون إلى أن نخرج من قوقعة القلق والغمّ، وأن نساعد الآخرين على الخروج منها، وأن نزرع في قلوبهم الثقة برعاية الله لنا في كلّ الظروف.

أبنائي الأحباء. الحزن مُعدٍ، والفرح أيضاً مُعدٍ. فلننشر عدوى الفرح في الأوساط التي تحيط بنا. لا تخشوا إظهار فرحكم وأنّكم تنشروه تلبيةً لدعوة الرب؛ لا تمتنعوا عن اختيار المحبَّةَ، ولا تتردَّدوا في الشهادة للإنجيل الذي هو في الأساس رسالة فرح. والفرح الحقيقيّ هو الذي يجعل الناس تتقدّم. إذهبوا إلى الجميع، بدون تمييز، وأشعّوا فرح الإنجيل، وبيّنوا لكلّ مَن يراكم أنّكم تلاميذ مسيح الفرح. عيشوا بصدقٍ وأمانة ما يفتتح البابا به رسالته :«فرح الإنجيل يملأ القلب وكلّ حياة الّذين يلتقون بيسوع. فمع يسوع المسيح يولد الفرح ويولد مرّةً أخرى» (فرح الإنجيل).

ها إنَّ يسوع آتٍ، فلنستقبله، ولنفتح أبواب قلوبنا ليملأها فرحاً، فنشعّ هذا الفرح حولنا.

أتمنى للجميع عيداً مباركاً وسنة جديدة سعيدة