موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم
نشر الأربعاء، ٢١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٥
رئيس أساقفة واشنطن: نحن لسنا كنيسة للأنقياء وشريعتنا هي المحبة

بقلم: اندريا تورنيلي، ترجمة: سامح مدانات :

<p dir="RTL">&quot;نحن لسنا كنيسة صغيرة وُجدت حصرياً من أجل الأنقياء والمؤمنين، إن الشريعة التي تتبعها الجماعة المسيحية هي شريعة المحبة&quot;. ويأتي هذا التصريح من الكاردينال دونالد ويريل، رئيس أساقفة واشنطن والعضو المشارك في لجنة العشرة من آباء السينودس المسؤولين عن صياغة التقرير النهائي الذي سيتم التصويت عليه يوم 24 تشرين الأول الجاري.</p><p dir="RTL">وُلد الكاردينال ويريل في بيتسبرغ، بنسلفانيا، في عام 1940. وسيم كاهناً في عام 1966، ورسمه البابا يوحنا بولس الثاني أسقفاً في عام 1986. وبعد عامين من الخدمة في سياتل تم نقله إلى مدينة ولادته، وفي عام 2006، عينه البابا بندكتس السادس عشر رئيس أساقفة أبرشية واشنطن، ورفعه إلى رتبة كاردينال في الفاتيكان عام 2010. وقد التقى به مندوب موقع &quot;فاتيكان انسايدر&quot; في كلية أمريكا الشمالية الحبرية في روما، بعد ظهيرة يوم الأحد المتلبد بالغيوم التي كانت تَعِدُ بهطول أمطار غزيرة. ويروي الكاردينال ويريل من خلال المقابلة تجربته كأب مشارك في المجمع، ويلقي بعيداً الشكوك التي أثارها بعض الكرادلة حول الكيفية التي يتم بها تسيير أعمال المجمع، ويشرح كيف كان البابا فرنسيس قادراً على التحدث إلى قلوب الشعب الأمريكي أثناء زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة.</p><p dir="RTL"><strong>ما هي خبرتكم كأحد آباء المجمع مع الإجراءات الجديدة للسينودس؟</strong></p><p dir="RTL">المجمع الأول الذي شاركت به كان أول مجمع، في عام 1967. وكنت سكرتيراً لأسقف من الولايات المتحدة الذي كان هو عضواً في المجمع. لقد كنت نوعاً ما مرتبطاً مع المجامع ولكن لم أكن عضواً، ثم أصبحت عضواً كأسقف في سبعة مجامع تقريباً. أنا أتحدث من باب التجربة. لقد أعطى هذا السينودس، مزيداً من الوقت للأساقفة للتحدث فيما بينهم. وجاء هذا التغيير المنهجي بإعطاء المزيد من الوقت للمجموعات الصغيرة، استجابة من البابا لطلب الأساقفة على مدى سنواتٍ لمضاعفة المدة الزمنية المتاحة لنا كي نجلس ونستمع بعضنا لبعض، وإعطاء المزيد من الوقت للمناقشة الحرة في المجموعات اللغوية الصغيرة. وقد قام قداسة البابا فرنسيس بهذا بناء على توصية من مجلس المجمع.</p><p dir="RTL"><strong>لماذا كانت هذه التغييرات ضرورية؟</strong></p><p dir="RTL">الآن، بدلاً من قضاء معظم الوقت في الاستماع فقط، أصبح لديك معظم الوقت مخصصاً للتباحث والنقاش. ولكن هنالك نقطة أخرى أعتقد أنها كانت خطوة كبيرة إلى الأمام، ففكرة انعقاد مجمعين متتاليين، سمح باستمرار المناقشة على مدى عامين، مما أتاح المجال للمداخلات من قِبل الكنيسة الجامعة. فعندما حضرنا هنا في بداية عام 2015 للمشاركة في السينودس، كانت لدينا &quot;أدوات عمل&quot; تُمثِلُ مناقشات الكنيسة بشكل واسع. ثم بدأنا بعملية الاستماع للمجموعات اللغوية التي عرضت تقاريرها، وتذكَّرْ هذا: لقد تم تحديد المشرفين عن طريق الانتخاب، ومهمة المشرفين أن يقوموا بتلخيص المناقشات التي تتم بين المجموعات اللغوية الصغيرة. ففي مجموعتنا الصغيرة مثلاً، قام المشرف بعرض تقريرنا على الجميع، ثم قال: &quot;هل هناك أي شيء في هذا التقرير لا تريدون أن أذكره؟&quot; هذه هي قمة الديمقراطية. ثم يقوم المشرفون الثلاثة عشر بالاجتماع معاً والبدء في العثور على إجماع بين كل تلك التقارير، وأكرر مرة أخرى، هؤلاء هم نفس الـ13 شخصاً المنتخبين. الآن لدينا لجنة من عشرة أشخاص، لذلك لا أحد يستطيع أن يقول إن فكرة شخص واحد تتحكم بالجميع أو تُسَيِّرهُم.</p><p dir="RTL">&nbsp;<strong>ما هي وجهة نظرك بخصوص الرسالة -التي وُقعت أيضاً من قبل ثلاثة كرادلة من الكوريا الرومانية، الذين عملوا بشكل وثيق مع البابا- والتي أدت إلى جعل المصداقية والشفافية التي أنشأها قداسة البابا لتسيير إجراءات عمل السينودس موضع التساؤل؟</strong></p><p dir="RTL">سأجيب على هذا السؤال بملاحظة بارعة قالها مسؤولٌ حكوميٌ في الولايات المتحدة الأمريكية. قال: لو كانت هذه حكومة مدنية، ولو كانت الولايات المتحدة ورؤساء الوزارات والإدارات، وزارة العمل، وزارة الدفاع، قد قامت بمعارضة الرئيس وقالت إن الرئيس يتحكم ويتلاعب بالبلاد، فأنا لا أعتقد أنهم كانوا سيحصلون على نفس هذه الإجابة اللطيفة. أنا لم أرَ هذه الرسالة، كل ما رأيته هو النسخة المنشورة عن ذلك، وأنا أعلم تماماً أن تهمة التلاعب تبدو لي بأنها سخيفة ومنافية للعقل. فمع كل هذه الإجراءات التي نحن فيها والتي ذكرتها من قبل، كيف يمكنك التحكم وتسيير 270 من المشاركين الذين سيقومون بانتخاب الأشخاص الذين سيقومون بعرض المادة وثم يصوتون على المواد قبل تقديمها؟ كيف يمكنك التلاعب بالأمر مع كل ذلك؟ هذا يدلُّ على أن هؤلاء الناس يتحدثون من رؤية ضبابية جداً، وغير واضحة مطلقاً. إذا كنتَ تعاني من اليرقان، فإن كلَّ ما تراه سيكون أصفرَ اللون. وهذا ما يحدث تماماً. سأخبركم بقصة صغيرة حدثت لي عندما كنت أعمل هنا، وهذا منذ سنوات مضت، في ركن بشارع &quot;المصالحة&quot;، كان هناك أحد باعة الآيس كريم والمشروبات الغازية. وكان هذا الشخص ضِد رجال الدين بشكل كبير. وكنت أمُرُّ به كل يوم وأقول له: &quot;صباح الخير&quot;. فيقوم هو بالتحديق في وجهي. وفي أحد الأيام، مررت به وكان واقفاً على الرصيف، فألقيت عليه التحية: &quot;صباح الخير&quot;. فاجابني قائلاً: &quot;لماذا تقول لي صباح الخير كل يوم؟&quot;. فقلت له: يا &quot;سيزار&quot;، لو أني لم أفعل، لقُلتَ لزوجتك&quot; انظري إلى هذا الكاهن، إنه يمرُّ بي كل يوم ولا يكلف نفسه بقول: &quot;صباح الخير&quot;. الأمر كله يتعلق في كيف تنظرون إلى الأمور. وقد كنت أفكرُ في ذلك الأمر خلال هذه المناقشة. إذا كنتَ قد قررتَ ما تريدُ فِعله، لا يوجد شيء يمكن لأي شخص أن يقوله، بإمكانه تغيير رأيك. فإذا كنتَ مقتنعاً بأن هناك نوعاً من المؤامرة، فمهما كانت المناقشات حرة ومفتوحة، فإنك ستجد دائماً شيئاً خاطئاً بهم.</p><p dir="RTL"><strong>بالإضافة إلى الاختلافات في الرأي حول الحلول الممكنة لمختلف المشاكل المطروحة، يبدو أن عدداً من الخطابات أشار إلى ظهور نهج رعوي لا يقتصر فقط على إعلان العقيدة. هل هذا صحيح؟</strong></p><p dir="RTL">في الكنيسة، قلنا دائماً: تكلم بتعليم الكنيسة بكل وضوح. ثم بصفتك راعٍ للنفوس، أذكر أنك تعمل مع شخص، وفي الوضع الذي يوجد به ذلك الشخص. وهذان الأمران يسيران جنباً إلى جنب. ولكن عندما تتحدث، عليك أن تكون قريباً بما فيه الكفاية من الشخص والتحدث مع هذا الشخص حتى يتمكن من فهم ما يسمعه. وهذا كان دائماً هو تقليد الكنيسة، قول الحقيقة والخدمة بمحبة. تماماً مثل معظم الأُسر: يحاولُ الأبُ والأم التحدث بوضوح كامل لأطفالهم. ولكن إذا كان الأطفال لا يفهمون يقوم الوالدين بمساعدتهم على الفهم، فأنت لا تبدأ بالحديث قائلاً: &quot;أنت لم تعد جزءاً من هذه العائلة بعد الآن&quot;. وأعتقد أن هذا في صُلب وقلب هذه المناقشة في المجمع. إن الحقيقة والمحبة هي أبعادُ نفسِ الحقيقة الإلهية. الكلمة، والحقيقة صار جسداً. يقول لنا البابا: &quot;لا يمكن أن تقولوا للشخص &quot;اخرج!&quot;، ولكن يجب علينا أن نذهب للقاء الأشخاص، وألا تأنبهم، بل عليك الاستماع إلى ما لديهم أن يقولوه حتى تتمكن من فهمهم وتدرك كيف يمكنك التحدث إليهم بطريقة تجعلهم يستمعون إليك. دعونا لا نذهب إلى هناك ونعلن، دعونا نحاول السير معهم، لنجعلهم أقرب إلى يسوع. هذا ما يفعله الراعي. هذا ما يفعله الراعي الصالح. إنجيل اليوم (الأحد 29) هو: جاء يسوع ليس ليُخْدَم بل ليَخْدِم وليبذل نفسه فداء عن كثيرين. لماذا احتاج أن يفدينا؟ لأننا لا نعيش تماماً كما يجب ولسنا كاملين. أعتقد أن هذا هو سبب استجابة الكثيرين للبابا فرنسيس رغم كونهم بعيدين عن الكنيسة الكاثوليكية أو من هؤلاء الذين بلا إيمان. فعندما جاء إلى واشنطن، كان هناك سيل من المودة له. كنت أسمع أناساً حتى من البعيدين عن الكنيسة الكاثوليكية يقولون: &quot;إنه يظهر صورة يسوع&quot;.</p><p dir="RTL">إنه يدعونا إلى محاولة التقرب إلى الله. أليس هذا هو الهدف من خدمتنا ودعوتنا؟ أعتقد أنه على المدى البعيد، سيُنظَر إلى البابا فرنسيس على أنه هبة الله في هذه الأيام. يرى الناس في هذا البابا دعوة للتقرب إلى الله. عندما كنتُ رئيساً للمعهد الإكليريكي الخاص بنا، كنت أقول للكاهن الواقف على المنصة، سوف نكون قادرين على قول أي شيء نريد لهؤلاء الطلاب، وبإمكاننا توجيههم بأي اتجاه نشعر بأنهم بحاجة إليه. وسوف يتقبلون الأمر بعد أن يتأكدوا أننا نهتم بهم حقا، وأننا نريد لهم الأفضل. إنها محبة الله التي تخلص وليس بنود القانون الكنسي. يبين القانون بعض الضوابط للمجتمع المسيحي، لكننا لا نخلص بهذه الكلمات الموجودة في القانون، لقد افتُدينا وخُلِّصْنا بيسوع على الصليب. وإذا كانت لدينا كنيسة مكونة من الطاهرين الأنقياء والمؤمنين، فإنها سوف تكون صغيرة جداً.</p><p dir="RTL">&nbsp;<strong>كيف تعتقد أن المجمع سيقرر بخصوص القضية الأكثر إثارة للجدل من كل المواضيع، وبعبارة أخرى احتمال اعتماد نهج أكثر انفتاحاً نحو المطلقين المتزوجين ثانية في ظروف معينة، بخصوص منحهم الأسرار المقدسة.</strong></p><p dir="RTL">لا أعرف الآن، ولا أعتقد أن أحداً يمكن أن يتوقع ما ستكون عليه النتائج. ولكن أود أن أقول أنه كان هناك بالفعل خطوة إيجابية للغاية. من الواضح جداً أن البابا فرنسيس يريد كنيسة تستمع إلى هموم الجميع. لا أعلم إذا في نهاية الأسبوع المقبل سيكون لدينا اتفاقات بشأن بعض الخطوات الرعوية المحددة. ولكن بالنسبة لي، فإن الإنجاز الأكبر لهذا السينودس هو أن نقول للعالم كله أن البابا كان يقول لنا أن هناك متسعاً للنقاش في الكنيسة الكاثوليكية. وأن مبدأ محبة الله وجلب الناس إلى الله، هو القاعدة. نحن بحاجة إلى فهم كيف يمكننا جلب الناس إلى الله.</p><p dir="RTL"><strong>بعد مرور أربعة وثلاثين عاماً على رسالة البابا يوحنا بولس الثاني &quot;شركة العائلة&quot; تمت تغيرات كبيرة من حيث المجتمع والحياة الأسرية.</strong></p><p dir="RTL">قضينا كل وقت المجمع المسكوني في عام 2012 في محاولة فهم كيف تغيَّر العالم كلُه: العلمانية، النسبية، المادية والفردية. تحدثنا عن تسونامي العلمانية الذي غير توجه الثقافة الغربية كلياً. وقد دعانا البابا لنتحدث في الأمر وقال: &quot;دعونا نتحدث عن ذلك&quot;. والمحزن أن هناك مجموعة صغيرة تقول أنه لا ينبغي أن نتحدث في هذا الأمر.</p><p dir="RTL"><strong>لقد رحبتم مؤخراً بالبابا في واشنطن. ما أكثر شيء لفت انتباهك وأثّر بك في رسالته؟</strong></p><p dir="RTL">لقد دعا فرنسيس الأمريكيين للعودة إلى قيَمِهِم الأصلية. لم يكن يقول: &quot;هذه هي الأشياء الخاطئة التي تفعلونها&quot;، بل كان يقول: &quot;أنتم الأمة التي تقول هذه هي القيم التي يجب أن نتبعها جميعاً&quot; وأعتقد أنها لقيت صدى لدى الكثير من الناس. لم يقم بتوجيه أصابع الاتهام، ولم يقم بإدانة أحد، لكنه ذكَّرنا، بأننا لا نعيش أو نطبق هذه المبادئ التي نريدها أن تكون أساس حياتنا، نحن الأميركيين. الجميل أنه ذهب مباشرة من عاصمة الولايات المتحدة، إلى مصدر الطاقة في البلاد، ألا وهي الجمعيات الخيرية الكاثوليكية، لمقابلة المشردين والذين بلا مأوى، والأشخاص الذين يعيشون في الشوارع وجميع هؤلاء الناس الذين نقوم بتوفير الغذاء لهم اليوم. وهم يبعدون عن العاصمة، بكل قدراتها، بضعة وحدات سكنية فقط. لقد كان يذكرنا بما يجب علينا أن نكون.</p><p dir="RTL"><strong>في الأسبوع التالي لزيارته، كان هناك عودة لهذا الاستقطاب الذي طلب البابا فرنسيس من الناس أن يتخطوه، مع&nbsp; إثارة الجدل في وسائل الإعلام حول اجتماعين عقدهما البابا في السفارة البابوية في واشنطن.</strong></p><p dir="RTL">أعتقد أن البابا كان يدعونا إلى الأفضل الذي يمكننا أن نكون، واستجاب الناس إلى ذلك، ثم بعد ذلك كان هناك هذه القضية، والتي كانت تعكس بشكل واضح عقلية أخرى: وهي أنه ينبغي علينا أن نقاتل بعضنا البعض. وأننا يجب أن نجد أسباباً لإدانة بعضنا البعض. لذلك حدث هذا التناقض: بين البابا ورسالته من جهة ورسالة الاستقطاب من جهة أخرى.</p>