موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٣ ابريل / نيسان ٢٠١٣
ذكرى مرور شهر على انتخاب البابا فرنسيس

الفاتيكان - اذاعة الفاتيكان :

يصادف اليوم ذكرى مرور شهر على انتخاب الكاردينال خورخي ماريا برغوليو حبرًا أعظم. فمنذ اللحظة الأولى من حبريته دخل البابا فرنسيس قلوب المؤمنين ببساطته وطيبته وعفويّته. نسترجع معًا بعضًا من هذه اللحظات التي طبعت أذهاننا وقلوبنا.

مضى شهر فقط وإنما يبدو لنا وكأنه يرافقنا منذ فترة طويلة، فمن التحيّة الأولى التي وجهها للمؤمنين في أول إطلالة له بعد الانتخاب أدهش الأب الأقدس الجميع ببساطته التي اعتاد عليها مؤمنو بوينوس أيرس وأحبوها. أسقف وشعب، بهذا التعبير وصف البابا فرنسيس لقاءه الأول بالمؤمنين عندما أطل من على شرفة البازيليك الفاتيكانيّة مساء الثالث عشر من آذار مارس المنصرم. شعب طلب منه أسقفه الجديد أن يحمله في صلاته وانحنى أمامه يسال بركته: "والآن أود أن أمنحكم بركتي لكنني أسألكم أولا معروفًا، قبل أن يبارك الأسقف الشعب، أطلب إليكم أن ترفعوا الصلاة للرب كي يباركني: صلاة شعب يطلب البركة من أجل أسقفه. لنصلِّ بصمت، صلاتكم هذه من أجلي"

غداة انتخابه توجّه البابا فرنسيس صباحًا إلى بازيليك القديسة مريم الكبرى في روما ليرفع صلاة شكر لمريم العذراء على انتخابه خليفة لبطرس ورأسًا للكنيسة الجامعة. وعند العصر احتفل البابا فرنسيس بالقداس الإلهي، في كابلة السكستين مع إخوته الكرادلة وهو القداس المعروف تقليديًّا "لأجل الكنيسة" (Pro Ecclesia) وألقى الحبر الأعظم الجديد عظةً عفويّةً تمحورت حول ثلاثة أفعال: "السير، البناء والإعلان" والتي تميّز حياة تلاميذ المسيح وقال: "عندما نسير بلا الصليب ونبني بلا الصليب، ونعلن المسيح بلا الصليب فلسنا برسل للرب، وإنما للعالم".

وفي مقابلته مع الكرادلة في الخامس عشر من آذار مارس، مضى البابا فرنسيس إلى القول: "أعرب عن رغبتي في خدمة الإنجيل بمحبة متجددة، مساعدا الكنيسة على أن تكون في المسيح ومع المسيح، وأن تكون كرمة الرب الخصبة". ولفت إلى أن جميع الرعاة والمؤمنين مدعوون خلال سنة الإيمان إلى حمل يسوع المسيح للإنسان والسير بالإنسان نحو اللقاء مع المسيح، الطريق والحق والحياة، الحاضر فعلا داخل الكنيسة والذي يعيش مع رجال ونساء زماننا. كما شدد الحبر الأعظم على أن الحقيقة المسيحية جذابة ومقنعة لأنها تتجاوب مع الاحتياجات العميقة للوجود البشري، معلنة بطريقة مقنعة أن المسيح هو المخلص الأوحد لكل إنسان. وفي لقائه مع الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام في قاعة بولس السادس بالفاتيكان، روى الأب الأقدس للحاضرين أن صديقه الكاردينال البرازيلي كلاوديو هومس اقترب منه ـ بعد أن برز اسمه خلال عملية فرز الأصوات ـ عانقه وقال له: يجب ألا تنسى الفقراء: "يجب ألا تنسى الفقراء! وعندما تأملت بهذه الكلمات فكرت بالقديس فرنسيس الأسيزي، إنه الرجل الذي يعطينا روح السلام هذا، إنه الرجل الفقير. كم أود أن تكون الكنيسة فقيرة ومن أجل الفقراء".

وفي الأحد الأول من حبريته، خرج البابا فرنسيس كأي كاهن عادي واحتفل بالقداس الإلهي في كنيسة رعية القديسة حنة في الفاتيكان، وفي ختام الذبيحة الإلهية خرج البابا وسلّم على المؤمنين الذين شاركوا في الاحتفال. وعند الظهر أطل البابا فرنسيس من على شرفة مكتبه الخاص في القصر الرسولي بالفاتيكان ليتلو صلاة التبشير الملائكي وأمام آلاف الحجاج والمؤمنين الذين غصت بهم ساحة القديس بطرس، تحدث البابا عن محبة الله ورحمته لنا وقال: "الله لا يتعب أبدا من المغفرة لنا. وإنما أحيانًا نحن نتعب من طلب المغفرة من الله! يجب ألا نتعب أبدا. إنه أب محب ويغفر دائما، وقلبه رحوم لنا جميعًا. لذا علينا نحن أيضا أن نتعلّم أن نكون رحومين مع الجميع".

وفي عيد القديس يوسف، شفيع الكنيسة الجامعة احتفل البابا فرنسيس بقداس بداية حبريّته، بحضور وفود رسمية من مختلف البلدان ضمت عددا من رؤساء الدول والحكومات بالإضافة إلى السفراء والدبلوماسيين ورجال الدين المسيحيين وغير المسيحيين، وألقى الحبر الأعظم عظة تمحورت حول "حراسة" القريب والخلق، وعن مفهوم السلطة وقال: "دعونا لا ننسى أبدا أن السلطة الحقيقية هي الخدمة، وعلى البابا أيضا أن يدخل في منطق الخدمة إذا أراد أن يمارس هذه السلطة، هذه الخدمة ذروتها الصليب".

وفي لقائه أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمد لدى الكرسي الرسولي، لفت قداسته إلى أنه يرغب من خلال هذا اللقاء أن يعانق العالم رمزيا، قائلا للدبلوماسيين: "من خلالكم التقي مع شعوبكم وهكذا أتمكن إلى حد ما من الوصول لكل واحد من مواطنيكم مع أفراحه وأشجانه"، وأشار الأب الأقدس إلى وجود أسباب عدة حملته على اختيار اسم فرنسيس، مُفكرا بالقديس فرنسيس الأسيزي، وقال إن أول الأسباب يكمن في محبة القديس فرنسيس للفقراء، موضحا أن الكنيسة حاولت دائما، وعلى مثال هذا القديس، تقديم الرعاية والحماية في كل بقاع الأرض لكل من يتألم بسبب العوز، خاصا بالذكر المرضى والأيتام والمشردين وجميع الأشخاص المهمشين وهذا النشاط يساهم في بناء مجتمع أكثر إنسانية وعدلا. ثم توجه البابا إلى السفراء قائلا: "أرغب في أن يساهم الحوار بيننا في بناء جسور بين البشر ليتمكن كل واحد من أن يجد في الآخر لا عدوا ولا خصما ولكن أخا يلاقيه ويعانقه!".

في الثالث والعشرين من آذار مارس التقى البابا فرنسيس بسلفه بندكتس السادس عشر في القصر الرسولي الصيفي بكاستيل غاندولفو فكان عناق تاريخي بين الخلف والسلف، لقاء أخوي طبع بداية احتفالات أسبوع الآلام بالقداس الإلهي في أحد الشعانين، بارك خلاله البابا فرنسيس سعف النخيل وأغصان الزيتون، وألقى عظة حملها كلمات التشجيع للشباب وقال: "لا تسمحوا لأحد بأن يسلبكم الرجاء! ذلك الذي يعطيه يسوع".

يوم خميس الأسرار احتفل البابا فرنسيس بقداس تبريك الزيوت المقدسة في بازيليك القديس بطرس، بمشاركة عدد من الكرادلة والأساقفة، وزهاء ألف وستمائة كاهن أبرشي وراهب موجودين في روما، جددوا خلال الاحتفال مواعيد سيامتهم الكهنوتية. وألقى الأب الأقدس عظة عبّر في مستهلها عن سروره الكبير بالاحتفال بهذا القداس لأول مرة، كأسقف روما، وحيا جميع المؤمنين الحاضرين، خاصا بالذكر الكهنة الذين، وكما قال، يتذكّرون مثله يوم سيامتهم، ودعاهم لأن يكونوا وسطاء بين الله والبشر، وقال: "أطلب منكم أن تكونوا رعاة برائحة القطيع، رعاة في وسط قطيعكم وصيادي بشر".

وعلى كل راع، لا بل على كل مسيحي أن يعرف، كما ذكر البابا في كلمته في ختام رتبة درب الصليب في الملعب الروماني القديم الكولوسيوم، أن "صليب يسوع المسيح هو الكلمة التي أجاب بها الله على الشرّ الموجود في العالم". ومن هذا الصليب يولد الرجاء المسيحي الذي به نجاهر أمام العالم يوم أحد القيامة بانتصار محبة الله على الموت، ونقول "المسيح قام!" فلنقبل نعمة قيامة المسيح! بهذه الكلمات دعا البابا فرنسيس المؤمنين في رسالته لمدينة روما والعالم لمناسبة عيد الفصح وقال: "لندع رحمة الله تجددنا، لنترك يسوع يحبنا، ولنسمح لقوة محبته أن تبدل حياتنا أيضا؛ ونصير أدوات لهذه الرحمة، وقنوات يروي الله من خلالها الأرض، ويحفظ الخلق كله ويجعل براعم العدالة والسلام تُزهر".

وفي القداس الإلهي الذي ترأسه البابا فرنسيس يوم الأحد الماضي في كاتدرائية القديس يوحنا اللاتيران بروما لمناسبة تسلمه مقاليد كرسي الأبرشية عاد صدى كلماته التي حيا بها المؤمنين في الثالث عشر من آذار يدوي مجددًا في التحية التي وجهها لأبناء أبرشيّته وقال: "لنسر معًا إلى الأمام، الشعب والأسقف معًا، دائمًا إلى الأمام بفرح قيامة يسوع الذي يرافقنا دائمًا".