موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الجمعة، ٤ ابريل / نيسان ٢٠١٤
خيارنا البقاء رغم فتاوى التكفيريين

كميل حنا :

ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها المسيحيون في المنطقة الى تلك الفتاوى واليوم ان محاولة هذه الجماعات التكفيرية ارهاب المسيحيين بسيوفهم لن تغير من قناعتهم شيئاً، لأن تاريخنا مشرّف في الدفاع عن حقوقنا. وما نراه على أيدي هؤلاء المأجورين ليس مستغرباً حيث اينما حلوا يحل معهم الخراب والدمار والارهاب والقتل والخطف. وقد فات هذه الفئة الظلامية ان ليس باحراق الكنائس والاديرة وخطف المطارنة والرهبان والراهبات يستطيعون طوي تاريخ الحضور المسيحي فيها.

صحيح ان كنائس الرقة اليوم حزينة واصوات اجراسها صامتة بعد ان حولتها ايادي الارهاب الى مقرات لتعذيب وسجن الابرياء ولم يعلم هؤلاء الحاقدون على البشر والحجر ان الكنيسة هي قيمة انسانية وثقافية وتربوية أما رسالتها الدينية فهي ثابتة وراسخة في قلوب ابنائها وليس بهدم الحجر تسقط، وهي باقية شمعة مضيئة في سماء المنطقة. اننا نسأل المجتمع الدولي والعربي الذي مازال صامتاً تجاه تلك الاعتداءات ومأساة هذا الشعب. ماذا بعد فتوى داعش الى مسيحيي الرقة والتي شرعت القتل والارهاب؟ وهل من يسمع نداء الابرياء؟

ان كل فتوى تطال الكرامة الانسانية هي مرفوضة جملة وتفصيلاً. المسيحيون ليسوا اهل ذمة والتاريخ يشهد لنضالهم وعلى رأسهم الكنيسة التي وقفت تدافع عن العروبة والعرب، عندما غزت سيوف العثمانيين المنطقة لتلغي تاريخها. وخيارنا كان وسيبقى ان لا نترك ارضنا وتاريخنا وتراثنا. وقد مرّت على المسيحيين ظروف مأساوية مماثلة في تاريخهم وصحيح انهم فقدوا معظم وجودهم في المنطقة ولكن من سيكتب تاريخها لا يستطيع الا ان يتوقف امام هذا الارث الغني للكنيسة وتاريخها والمسيحيين وتضحياتهم ويعترف بالدور الذي لعبوه ابناءها لاجل ان تبقى المنطقة محطة ثقافية وفكرية وحضارية وان تحترم خصوصيات كل الجماعات فيها. وهنالك قول مأثور: الا ينطبق على واقع يعيشه المسيحيين فيها " قلوبنا معكم وسيوفنا عليكم" للاسف لا القلوب معنا والسيوف ترتد علينا وعلى مقدساتنا حتى لم تسلم مقابر اجدادنا من نبشها يا للعار على هذه الارض التي تنكرت لمن اعطاها اسمها ومجدها وتاريخها واليوم تناست ماضيها وصار حاضرها الاسود الاقرب لاسمها.

بعد هذه الصورة القاتمة لا بد ان نرى ربيعاً مختلفاً عن ربيع السيوف والارهاب والتكفير. نعم مازال في المنطقة رجال قرار رفضوا المس بتنوعها. ان ما حصل على الساحة المصرية يؤكد ان بعض العرب بدؤوا يدركون أخيرا ان المنطقة متجهة نحو المجهول، ولا بد من أن يكون هناك قرار ان تبقى المنطقة بأرضها وتاريخها وتراثها وبكل تلاوين شعوبها وحدة متماسكة، وان يثمر ربيعها عدالة ومساواة وحقوقاً والخوف ان تفقد كل ماضيها ومستقبلها على يد هؤلاء التكفيريين الذين افسدوا ربيعها وحرموا أبناءها من مستقبل أفضل ومن قيام أوطان حقيقية تحترم حريتهم وتحفظ حقوقهم

اليوم هنالك دور وطني وواجب انساني امام العرب وعليهم الا يسمحوا ان تستمر تلك الجرائم الانسانية في المنطقة وان يحرصوا على حماية كل نسيجها. وعدم السماح لهذه الفئات الضالة ان تشوّه صورة الاسلام وباسمه تهدر دماء الناس. اليس هنالك من مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المجتمع وتلك الانظمة. هل تبخرت المعارضة وصارت من الماضي، وباتت داعش والنصرة وكل اخواتهما من فئات الاجرام والتكفير هم حلم ومستقبل وامل شعب سوريا ان تلك المعارضات التي بات التطرف عنوانها لن يتركها العالم تحكم بسلام فهل سيتحمل السوريون من موالاة ومعارضة مسؤولياتهم التاريخية والوطنية وينقذون ساحتهم قبل تفتيتها.

التاريخ وحده في نهاية المطاف من سيحكم على كل الاسماء والجهات التي كانت تقف وراء احراق وطن الحضارات. هل يبدأ حرصهم على المنطقة باحراق تراثها يبقى على العرب الا يسقطوا من حساباتهم خطر تلك الفئات الضالة.

وأخيرا كل أوراق المنظمات المتطرفة انكشفت.هل من يصدق أن اهداف هؤلاء الظلاميين هو اسقاط النظام او تدمير سوريا واذلال وافقار شعبها؟ هل يجوز للعرب أن يبقوا مكتوفي الايدي في ظل هذا الخراب والدمار والدماء في سوريا؟ وما يحصل في الرقة هو نموذج مصغر عما تريد ان تصل اليه تلك الحركات المتطرفة بالمنطقة. فهل هذا يرضي العرب والمسلمين؟ واذا تمكن هذا النهج التكفيري من السيطرة على قرارها فعلى العرب السلام.