موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ١٠ يناير / كانون الثاني ٢٠١٨
خطاب القدس بدلاً من خطاب الكراهية

بلال حسن التل :

في البيان الصحفي الذي اعلنت فيه خطتها للعمل الشعبي, للدفاع عن القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية, قالت جماعة عمان لحوارات المستقبل «أن ردود الفعل على القرار الأميركي الجائر, أكدت أن جذور الخير وشرارة المقاومة مازالت كامنة في أعماق الغالبية الساحقة من أبناء الأمة وفي مقدمتهم أبناء الأردن وفلسطين من سكان بيت المقدس واكناف بيت المقدس, الذين خرجوا في ثورة غضب عارمة للإعلان عن رفضهم للقرار الجائر, ولتأكيد تمسكهم بعروبة فلسطين وبعاصمتها القدس, وهذه حقيقة راسخة يمكن تعظيمها والبناء عليها, للوصول إلى تحقيق أهداف الأمة بتحرير كامل ترابها,من خلال الإيمان بأن نهوض الأمم يحتاج إلى عمل دؤوب ومتواصل, في مجال إعادة بنائها الحضاري واستعادة عوامل قوتها المادية والمعنوية, بكل عناصر ومكونات هذه القوة وهو ما تدعو إليه جماعة عمان لحوارات المستقبل».

وقد استعرضت في مقالات سابقة بعض مكونات خطة العمل الدؤوب, الذي اشارت اليه الجماعة لتعظيم الحقائق الايجابية التي كشفت عنها ردة الفعل الشعبية الرافضة للقرار الجائر, والادوار التي يستطيع القيام بها الأفراد, في شرح قضية القدس على وجه الخصوص وفلسطين على وجه العموم, ليس لأبناء الأمة فقط, وأن كان ذلك قد صار من الضروريات, بعد ان كشفت تداعيات قرار الرئيس الاميركي دونالد ترمب حجم الجهل باهمية القدس, عند شرائح من المنتسبين لهذه الامة, وبخاصة على مستوى صناع القرار في بعض دول الامة, حتى وصل الامر الى اننا صرنا نشاهد على بعض وسائل الاعلام الناطقة بالعربية, والممولة عربياً, من يتبنى وجهة النظر الصهيونية في قضية القدس, مما يزيد من العبء الملقى على عاتق اهل الوعي من ابناء الامة في إيقاظ اخوانهم من غفوتهم, وانقاذهم من جهلهم من جهة, ومخاطبة اصدقائهم على المستوى الشخصي من ابناء سائر الشعوب, لكسب تأييدهم ودعمهم لحقنا في ارضنا ومقدساتنا مسلمين ومسيحيين.

وكما قالت خطة العمل التي تقدمت بها جماعة عمان لحوارات المستقبل وشرحت جوانب منها في مقال سابق, فإن ثورة الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي قد وفرت لكل فرد منا فرصة ذهبية لاداء واجبه, في خدمة قضية الامة المركزية, فبدلاً من ان نصرف اوقاتنا في تبادل النكات والتعليقات السمجة, والحديث عن الاطعمة والألبسة, فلنتحدث حديثاً جاداً عن القدس واهميتها وقدسيتها وفي هذا الاطار يمكن ان نجمع بين العملين الفردي والجماعي, من خلال تشكيل مجموعات مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي من اجل القدس وفلسطين, يغذيها أعضاؤها بالمعلومات والمواد المفيدة عن القدس وفلسطين ثم يتولى كل عضو من اعضاء هذه المجموعات توزيعها على اصدقائه ومعارفه في شتى أنحاء العالم.

إننا ومن خلال قيامنا بهذا العمل الذي أشرت إليه سالفاً نساهم في تحقيق هدف مهم من الاهداف التي تضمنتها خطة العمل من اجل القدس عندما دعت الى

أ- «سد كل المنافذ أمام خطاب الفرقة والفتن الطائفية والمذهبية والجهوية, التي تضعف مناعة الأمة وقوتها وحشد طاقاتها, خاصة وأن خطاب الفرقة والفتنة قد أغرق منطقتنا بسلسلة من الصراعات والحروب الأهلية والإقليمية, وجعل هذه المنطقة من العالم مرتعاً خصباً لجماعات التعصب والإرهاب, وسبب في هدر ثروات أبنائها على الحروب, مثلما فتح الباب على مصراعيه للتدخل الخارجي في شؤون المنطقة, وشجع إسرائيل على المزيد من عدوانها, مثلما شجع القوى الداعمة للعدوان الإسرائيلي على التمادي في الإنحياز لهذا العدوان.

ب- مراجعة مضامين الخطاب الإعلامي, بكل أدواته المرئية والمسموعة والمقروءة, ووسائل التواصل الاجتماعي, لتنقية مضامين هذا الخطاب من مضامين جلد الذات ومفردات التشكيك والتثبيط والتحريض الطائفي والمذهبي والإقليمي, واستبدال ذلك بمفردات الأمل المقرون بالعمل والإضاءة على الإيجابيات لاستنهاض قدرات الأمة, لأن بقاء مضامين الخطاب الإعلامي على ما هي عليه, من أهم عوامل الشرذمة والانقسام والإحباط الذي يصب في تذويب هوية الأمة «.

بالاضافة الى سد منافذ الفتن فاننا بهذا العمل نسهم في علاج ظاهرة مرضية خطيرة يعاني منها مجتمعنا هي انتشار خطاب الكراهية, وثقافة السفاهة واغتيال الشخصية, ليحل خطاب القدس محل ذلك كله, وهذه واحدة من بركات القدس سر بركة هذه الارض.