موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٤ يوليو / تموز ٢٠١٧
حول عدم تجديد ولاية الكاردينال مولير على رأس مجمع عقيدة الإيمان

بقلم: أندريا تورنيلي ـ ترجمة: منير بيوك :

على الذين يعتقدون أن الإتهامات التاريخية بالتعرض للأطفال الموجهة إلى الكاردينال جورج بيل ومغادرته المؤقتة لمنصبه كانتا البداية لأخبار الصيف العاجلة، أن يعيدوا التفكير بالأمر. فالمفاجأة المذهلة هو قرار البابا فرنسيس الأخير بعدم تثبيت الكاردينال الألماني جيرهارد لودفيغ مولير (69 عامًا) في منصبه الذي سيختم في الثاني من تموز ولايته الأولى التي امتدت إلى خمس سنوات على رأس مجمع عقيدة الإيمان. وكان من المقرر مبدئيًا الإعلان عن القرار يوم الاثنين (أي بعد يوم من انتهاء الولاية) ولكنها كانت متوقعة بالأمس، بعد اللقاء الصباحي مع البابا الذي علم فيه مولير أن ولايته لن تجدد. أشاع الكاردينال الخبر لمعاونيه، وقد تم نشره بعد ذلك على موقعين تقليديين في إيطاليا والولايات المتحدة.

المكتب الصحفي للكرسي الرسولي أفاد بأن الأب الأقدس فرنسيس يشكر الكاردينال مولير في نهاية ولايته التي استمرت خمس سنوات -بصفته رئيسًا عن مجمع عقيدة الإيمان ورئيس اللجنة البابوية (Ecclesia Dei) واللجنة اللاهوتية الدولية، ويعلن الآن تسليم هذه الأدوار إلى السكرتير السابق، رئيس أساقفة تيبيكا المطران لاداريا.

فاللاهوتي مولير، الذي عينه في تموز 2012 بندكتس السادس عشر، الأسقف السابق لريغنسبورغ، قد تسلم القبعة الحمراء من قبل فرنسيس خلال الكونسيستوار الذي تم في شباط 2014. ويحل محله، في خلافة طبيعية تقريبًا، نائبه رئيس أساقفة الاسباني (اليسوعي) لاداريا، الذي رشحه أيضًا البابا راتزينجر في أعلى المناصب في الكوريا، وهو منصب رفيع ذو صلاحيات.

ويتساءل الكثيرون عما أدى إلى اتخاذ هذا القرار الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ الكرسي الرسولي، لأنه يبدو أيضًا أن مولير لم يقبل مهامًا أخرى وقرر التقاعد!

إن التفسير الأكثر انتشارًا هو أن "ذهب" الكاردينال لم يتناغم مع بعض الإنفتاح الذي تبناه البابا خاصة فيما يتعلق الأخلاق الأسرية والإرشاد الرسولي "فرح الحب" رغم أنه حاول التوسط بين البابا و"وثيقة الشك" لأربع كرادلة حول الإرشاد الرسولي "فرح الحب". ومع ذلك، فإن تسمية لاداريا، وليس كاردينالاً أو أسقفًا مقربًا من فرنسيس، يعتبر كافيًا للإستفسار عن هذه الفرضية. ففي الواقع، لا يمكن تصنيف لاداريا على أنه شخص "تقدمي".

لماذا لم يتم تثبيت مولير في موقعه عندئذ؟

من المرجح أن أصل القرار هو عدم تجديد ولاية الكاردينال يكمن في فشل "الدائرة" من القيام بنشاطها إلى جانب صعوبة في العلاقات والتعاون بشكل عام. فتعاطي الرئيس السابق مع الأمور الخاصة بصورة مفرطة كـ"أخصائي" كانت تزيد عن تلك الواجب أن يقوم بها رئيس دائرة حبرية في خدمة البابا، على الرغم من النداءات المتكررة إلى "المقابلات الصحفية" خاصة للحديث عن الوثائق وأعمال المجمع. فكانت أحاديث مسؤول مجمع عقيدة الإيمان تبدو دائمًا على الأرجح كما لو كان يحاول أن ينأى بنفسه عن البابا.

إن عدم التجديد لمسؤول سابق لمكتب الكرسي الرسولي - وهو مجمع كان يطلق عليه "الأعلى"، ليس له أسبقية في الفترة الحديثة. كما أنه صحيح القول أنه لا توجد أسبقية للطريقة التي فسر بها المسؤول المنتهية ولايته لدوره. وبشأن سلفه الأمريكي وليام جوزيف ليفادا، لا يذكر أية مقابلات تمت خلال فترة ولايته، التي استمرت سبع سنوات وانتهت بسبب قيود تتعلق بالعمر.

ومن سلف ليفادا، ثم الكاردينال جوزيف راتزينجر، رئيس مجمع العقيدة دون انقطاع من 1981 إلى 2005، نتذكر بعض المقابلات النادرة، ولكن الهامة؛ غير أن أيًا منها لم يعارضه البابا يوحنا بولس الثاني، على الرغم من أنه من المعروف الآن أنه في بعض القضايا -على سبيل المثال اجتماع الأسيزي بين الأديان أو تطهير الذاكرة خلال يوبيل عام 2000- مواقف الكاردينال البافارية لم تتطابق دائمًا مع تلك التي من فويتيلا.

ومما تمت معرفته هو أن مولير قد رفض العرض لتولي منصب آخر وفضل أن يتقاعد. وباختيار لاداريا، الذي عينه البابا راتزينجر كسكرتير "للسلطة العليا" خلفًا للمسؤول المنتهية ولايته، هو دليل على أن فرنسيس لا ينوي إحداث ثورة في مجمع عقيدة الإيمان. وكما حدث لدائرة حبرية أخرى، بخصوص الليتورجيا، حيث عيّن البابا بيرغوليو المحافظ الإفريقي روبرت ساره بعد المحافظ الاسباني انطونيو كانيزاريس لوفيرا.

ليست التغييرات في المناصب العليا للدوائر في ختام خمس سنوات بالأمر الجديد على هذه البابوية، ففي العام 2006، في نهاية ولايته الأولى كمسؤول لمجمع تبشير الشعوب (واحد من أهم المهام، لدرجة أنه كان يسمى "البابا الأحمر")، قرر بندكتس السادس عشر نقل الكاردينال كريسنزيو سيبه إلى نابولي وترك من وقتها العمل في الكوريا الرومانية.