موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ١١ أغسطس / آب ٢٠١٢
جدل إعلامي مع إطلاق أول فضائية للمنتقبات

القاهرة - صحيفة الشرق الأوسط :

<p>&nbsp;</p><p dir="RTL">أثارت قناة &laquo;ماريا&raquo; الفضائية، التي تعد أول قناة فضائية للمنتقبات والتي بدأت البث في أول أيام شهر رمضان الحالي، حالة من الجدل في الساحة الإعلامية المصرية، ما بين متحمسين للقناة، وآخرين يرون أنها تفتقد المصداقية مع المشاهد، الذي يتعامل مع مذيع ليس له الحق أن يرى ملامحه وانفعالاته بما يقدمه على القناة.<br /><br />وعمل بروز الإسلاميين في قلب المشهد السياسي المصري منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي على تأجج الجدل حول القناة، وإثارة التساؤلات حول حق المنتقبات في الظهور عبر شاشات التلفزيون وحريتهم في التمثيل الإعلامي، أو اعتبار ذلك عنصرية على خلفية جعل القناة النقاب هو المعيار الأساسي في العمل الإعلامي بها.<br /><br />وتعد &laquo;ماريا&raquo; أول قناة نسائية فقط، أي أن طاقم العمل بأكمله من منتجين ومخرجين ومراسلين ومقدمي برامج من النساء وكذلك الضيوف، ولا يجوز للرجال أو النساء غير المنتقبات العمل بها أو التدخل في سياستها العامة أو نوعية برامجها.<br /><br />وتخاطب قناة &laquo;ماريا&raquo; المرأة المسلمة في الأساس، فرسالة القناة تهدف إلى العمل على التقريب ما بين النساء الملتزمات في مصر والملتزمات في العالم العربي والإسلامي، وتناول كل ما يخص المرأة في العلوم الشرعية، إلى جانب ما يخصها في المجالات السياسية والاقتصادية والتنمية الاجتماعية، وغيرها من المجالات.<br /><br />يرأس القناة الشيخ السلفي أبو إسلام أحمد عبد الله، صاحب قناة &laquo;الأمة&raquo; التي تبث برامجها من خارج مصر، أما اسم القناة &laquo;ماريا&raquo; فهو جاء تيمنا باسم السيدة ماريا القبطية زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم. وبحسب رئيس القناة فإن اختيار هذا الاسم إنما هو &laquo;لوضع حد فاصل بين الاستعباد الذي أتت به ماريا كعبدة هي وأختها سيرين تحت حكم الكنيسة المصرية، وأنها أصبحت عند المسلمين حرة وزوجة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، فهي دلالة على الاستعباد الكنسي والحرية في الإسلام&raquo;.<br /><br />وبرر الشيخ إطلاق القناة وقصرها على المنتقبات بهدف توفير العمل للفتيات المسلمات المتخرجات من كليات وأقسام الإعلام المختلفة، واللائي يعانين من التهميش في وسائل الإعلام. وتدافع مذيعات القناة عن قناتهن بأنها تعبير عن حالة الإقصاء التي كانت تعاني منها المنتقبة طوال سنوات النظام السابق، وأنه من حقهن أن يقدمن إعلاما محتشما، وأنه من حقهن أن يحمين المجتمع من التبرج والعري الذي يشاهد على الشاشات التلفزيونية.<br /><br />وبحسب إحدى المخرجات بقناة &laquo;ماريا&raquo; في تصريحات لـ&laquo;بي بي سي&raquo; فإن اقتصار الأمر على المنتقبات بشتى المجالات داخل القناة إنما هو بسبب أن &laquo;المنتقبة مضطهدة، وليس لديها فرصة في العمل، فكل من لديها رغبة كي تكون إعلامية أو مخرجة لا تجد الفرصة، والوضع ذاته يسري على الضيفات المنتقبات، فلذلك نحن نكرمهن&raquo;.<br /><br />وحول سياسة قناة &laquo;ماريا&raquo;، ينتقد الدكتور عدلي رضا، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، قيام قناة للمنتقبات، قائلا لـ&laquo;الشرق الأوسط&raquo;: &laquo;تخصيص قناة للمنتقبات فقط يعد عنصرية، فلا يوجد إعلام لفئة، ولا يجوز أن تخرج كل فئة وتعبر عن وجهة نظر خاصة بها، فالعمل الإعلامي عمل تكاملي، لكن الوضع هنا في قناة (ماريا) اقتصر على فئة محددة، وهذا تحيز لشريحة في المجتمع على حساب شرائح أخرى، وفي الأساس يجب أن يندمج الناس في المجتمع، لا ينفصل بعضهم عن بعض&raquo;.<br /><br />وينتقد أستاذ الإعلام جعل الزي من جانب مسؤولي القناة هو المعيار الأساسي في العمل الإعلامي بها، بقوله: &laquo;أعتقد أن هذه هي المرة الأولى في العالم التي توجد فيها قناة يكون العمل فيها قائما على الزي، ففرض زي بعينه وهو النقاب معيار خاطئ ومنطق غريب، وأنا ضد تلك الفكرة تماما، فلا يجب أن يكون الزي معيارا للحضور داخل أي وسيلة إعلامية أيا كانت، بل يجب أن يكون هناك استناد إلى المعايير الأساسية المتعارف عليها والمتمثلة في الكفاءة الإعلامية والقدرة على العطاء والإبداع، والقدرة على صنع رسالة، وأن تكون مؤثرة وذات مصداقية&raquo;.<br /><br />ويتابع: &laquo;الزي في (ماريا) يطغى على رسالة القناة، والقضية أن الزي لا يجب أن يكون هو المحك الأساسي للعمل، كما أن طبيعة الصورة التي تظهر على شاشة قناة (ماريا) غير سليمة، فمن المفروض أن يكون هناك تخاطب مع الناس للتأثير المتبادل، ولكن ما يحدث أن هناك تخاطبا مع الزي وليس وجه الإنسان وبالتالي يضعف التأثير، كما أرى أن فرض النقاب على العاملين بالقناة شرط ضد حقوق الإنسان، فالزي علاقة بين الفرد وربه&raquo;.<br /><br />ويفند د. عدلي ما ساقه مسؤولو القناة من أن المنتقبات مهمشات وغير آخذات لحقوقهن في القنوات الأخرى، مشيرا إلى أن هذا المبدأ من شأنه أن يجعل كل فرد يقوم بعمل قناة على مزاجه الشخصي وحسب شكله أو ملبسه، وهذا ضد حرية الإعلام، كما أن مسألة عدم وجود رجال في القناة يعمل على تغير مفاهيم التواصل والاتصال بين القائم والمتلقي.<br /><br />كما ينتقد أن يقتصر جمهور قناة &laquo;ماريا&raquo; على المنتقبات أيضا، قائلا: &laquo;هذا التوجه أراه خاطئا، فالفكر الإعلامي أوسع من ذلك التوجه، فالقناة كوسيلة إعلامية يجب أن تخدم المجتمع في قضايا كثيرة، لا أن تخاطب شريحة واحدة، فليس منطقيا أن أخاطب من يرتدون النقاب فقط، فأن أكتفي بمناقشة قضاياهم فقد أغلقت على نفسي أبوابا كثيرة وتفرغت لقضايا محدودة للغاية، فالرسالة الإعلامية أوسع وأشمل من ذلك، كما أن الإسلام يدعو إلى التواصل وليس إلى هذه النزعة الغريبة في الانفصال عن المجتمع&raquo;.<br /><br />وينصح د. عدلي مسؤولي قناة &laquo;ماريا&raquo; بتقديم &laquo;رسالة إعلامية هادفة، تراعي مصالح الوطن وتراعي المهنية في ما تقول، وأن لا تكون عنصر تحزب أو تقسيم، وأن لا تتحيز لفئة ضد فئات، فكلنا أبناء وطن واحد نخاف على ديننا. وعليها أن تدعو إلى الدمج بين فئات المجتمع، وتدعو المنتقبات للتواصل والتكامل مع مجتمعهم وعدم الانفصال عنه&raquo;.<br /><br />وعلى العكس من الرأي السابق، يرى الدكتور عبد الرحيم درويش، أستاذ الإعلام بجامعة المنصورة، أن بث قناة &laquo;ماريا&raquo; هو حق إعلامي يكفله مبدأ أن الإعلام ملك للجميع، كما أن ظهور القناة يعد تجسيدا لثمرة الحرية التي طرحتها ثورة 25 يناير، كما أن قناة &laquo;ماريا&raquo;&rlm; في التوصيف الإعلامي تعد قناة متخصصة في ظل الإعلام الذي تخطى مرحلة العمومية إلى التخصص، وبالتالي يجب أن لا يتم انتقاد وجود قناة بهذا التوجه.<br /><br />ويبين د. عبد الرحيم لـ&laquo;الشرق الأوسط&raquo; أنه يتفق مع رئيس القناة في أن تتيح فرص عمل للمنتقبات المتخرجات من كليات وأقسام الإعلام المختلفة اللائي يعانين من التهميش، ويتابع: &laquo;قناة (ماريا) أراها منبرا من أجل إظهار آراء المهمشين الذين لم يكن لهم فرص للحضور من قبل، والتساؤل الذي يجب أن يطرح أنه إذا كانت هناك قنوات متخصصة في الجنس وقنوات متخصصة في الرقص الشرقي، فلماذا لا يكون للمنتقبات الحق في وجود قناة خاصة بهم؟&raquo;.<br /><br />ويستطرد: &laquo;البعض يرى توجه القناة تحيزا، ولكنه ليس كذلك، فنحن يجب أن نسمح لكل التوجهات بالظهور، ومن حق أي فصيل مهما اختلفنا معه في الفكر أن يظهر، وعلى سبيل المثال، رغم أني أرى أن قنوات الرقص الشرقي هي امتهان للمرأة فإنني كإعلامي ضد غلقها رغم اختلافي معها، وأنتقد من يطالب بذلك، فأنا مع كل صاحب فكر أو اتجاه يريد أن يعرض وجهة نظره&raquo;.<br /><br />ويشدد أستاذ الإعلام على أنه يجب أن تمارس قناة &laquo;ماريا&raquo; عملها &laquo;في إطار وضوابط المسؤولية الاجتماعية، التي منها عدم الهجوم والتجريح، وعدم احتقار الآراء الأخرى، وعلى سبيل المثال أن لا أسب المحجبات غير المنتقبات أو أقلل منهن. ومن الضوابط أيضا الحفاظ على الأمن وسلام المجتمع، وعدم إثارة أي نعرات طائفية أو دينية. كما أن رسالة القناة يجب أن تقوم على ماذا يريد المجتمع وكيف يمكن أن ننهض به بعد الثورة لبناء الديمقراطية، كما يجب الحفاظ على المهنية من خلال مضمون جيد وبشكل راقٍ، وعلى القناة أن لا تعرض وجهة نظر واحدة كما كان من قبل، فنحن نريد تعددية، وهو ما يسمى بعملية تحصين الجمهور بأن نعطيه وجهتي النظر&raquo;.<br /><br />ويرى د. عبد الرحيم أن &laquo;هذه الضوابط هي المسؤولية الحقيقية والتحدي الحقيقي لقناة (ماريا)، إلى جانب إدراك أن مفاهيم الاتصال تغيرت بسبب التطورات التكنولوجية التي تسود العالم، وما لم يكن القائم بالاتصال في ذهنه أن يواكب هذه الثورة الإعلامية وأن يكون ملمّا بها فسيخسر جمهورا كبيرا، كما أن عليها أن تقدم وظائف الإعلام مجتمعة، من مراعاة البيئة وشرح ما يحدث في المجتمع ونقل التراث الثقافي والمعرفي والترفيه الإعلامي الهادف&raquo;.<br /><br />وفي مقابل ذلك، يفند ما يسوقه البعض من أن عدم ظهور وجه القائم بالاتصال هو سلب لحق للمشاهد، مبينا أن &laquo;المشاهد له أن تغطي له القناة ما يحدث حوله في المجتمع وهل تلبي القناة احتياجاته أم لا، فهذا هو المهم وليس الشكل أو المظهر، وعلى المشاهد أن يحترم من تظهر أمامه على الشاشة، فهي مقتنعة بالنقاب وعلينا أن نحترم ذلك&raquo;.<br /><br />في ذات الإطار، نقلت إذاعة &laquo;دويتشي فيللي&raquo; الألمانية عن الدكتورة عندليب فهمي، عضو هيئة التدريس بكلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية، دهشتها من فكرة القناة، التي اعتبرتها تنفيذا خاطئا لفكرة القنوات المتخصصة، متسائلة: &laquo;ما معنى قناة للمنتقبات؟ هل هي لعرض مشكلات المنتقبات أم هي قناة دعوة دينية أم ماذا؟&raquo;، لافتة إلى أن القناة لا تشعر بأن لها هدفا محددا، كما أبدت اعتراضها على اسم القناة (ماريا)، إلا أنها أكدت على حق المنتقبات في الطهور والتمثيل الإعلامي، معربة عن رفضها وجود قناة مختصة بذاتها للمنتقبات، معللة ذلك بأن &laquo;ذلك بالطبع يعزز فكرة التمييز التي يجب أن تكون مرفوضة&raquo;.</p>