موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٧ سبتمبر / أيلول ٢٠١٨
تقديم رسالة البابا في اليوم العالمي للرسالات في المركز الكاثوليكي للإعلام

بيروت – الوكالة اللبنانية :

عقد رئيس اللجنة الأسقفية للتعاون الرسالي بين الكنائس ولرعوية المهاجرين والمتنقلين المطران جورج بو جوده والمدير الوطني للاعمال الرسولية البابوية في لبنان الخوري روفايل زغيب، قبل ظهر اليوم، مؤتمرا صحافيا في المركز الكاثوليكي للاعلام، قدما في خلاله رسالة قداسة البابا فرنسيس، بمناسبة "اليوم العالمي الثاني والتسعين للرسالات مع الشبيبة، فلنحمل الإنجيل إلى الجميع"، شارك فيه مدير المركز الخوري عبده أبو كسم وعدد من الإعلاميين والمهتمين.

ولفت بيان للمركز الكاثوليكي، الى ان "الأسبوع الإرسالي العالمي يمتد من 15 إلى 21 تشرين الأول 2018 والقداس الإلهي لهذه المناسبة يوم الأحد 21 تشرين الأول المقبل".

بداية، رحب الخوري أبو كسم باسم رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام بالحضور، وقال: "يشرفنا اليوم أن نستقبل صاحب السيادة المطران جورج بو جوده، ليعلن عن رسالة قداسة البابا فرنسيس لليوم العالمي الثاني والتسعين للرسالات تحت عنوان "فلنحمل الإنجيل إلى الجميع"، وبالأب روفايل زغيب ليحدثنا عن الإعمال الرسولية البابوية في لبنان لهذه السنة والتطلعات المستقبلية".

اضاف: "نصلي لكي ما تظل الكنيسة حاملة مشعل الرسالة في كل العالم، وبنوع خاص إلى الأماكن الأكثر فقرا وحاجة في العالم، ونصلي من أجل الشبيبة ويقول عنهم قداسة القديس يوحنا القديس بولس الثاني هم أمل الكنيسة"، محييا "اللجنة البابوية للاعمال الرسولية في لبنان على عملها الصامت والفاعل في الرعايا والأبرشيات وفي المدارس وفي لجان التنشيط الرسولية في مختلف الأبرشيات"، داعيا "جميع المؤمنين إلى المساهمة في تعزيز عمل هذه اللجنة من خلال المساهمات المادية التي يمكن أن نقدمها دعما في رعايانا وأبرشياتنا".

ثم قدم المطران بو جوده أفكار حول "إرتباط رسالة البابا فرنسيس إلى الشبيبة "برسالة الفادي" للبابا يوحنا بولس الثاني"، فقال: "وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى الشبيبة بمناسبة اليوم العالمي الثاني والتسعين للرسالات وإنعقاد سينودس الأساقفة في روما، الذي سيبحث في موضوع الشبيبة وتمييز الدعوة، قال لهم فيها: "أيها الشبيبة الأعزاء، أود أن أُفكر وإياكم في الرسالة التي إئتمننا عليها المسيح وأتوجه إلى جميع المسيحيين الذين يعيشون في الكنيسة مغامرة وجودهم كأبناء لله. وإن ما يدفعني إلى التوجه إلى الجميع محاورا إياكم، هو التيقن أن الإيمان المسيحي يبقى شابا على الدوام عندما ينفتح المرء على الرسالة التي يعهد بها المسيح إلينا. ويقول قداسته، مستشهدا بكلام البابا القديس يوحنا بولس الثاني في رسالته العامة "رسالة الفادي" إن الإيمان يتقوى عندما نعطيه (رسالة الفادي عدد2). يقول قداسته في رسالته أن كل رجل وكل إمرأة رسالة، وهذا سبب وجودهما على الأرض. فإن كل واحد منا، مدعو للتأمل في هذا الواقع: إنني رسالة على هذه الأرض، ولذا أنا موجود في هذا العالم، ويضيف قداسته متوجها مباشرة إلى الشبيبة ليقول لهم: لا تخافوا من المسيح ومن كنيسته، ففيهما يكمن الكنز الذي يملأ الحياة فرحا، ويؤكد لهم أن الشر بالنسبة إلى من يحيا مع المسيح هو حافز إلى محبة أكبر. كلام يذكرنا بليتورجية ليلة الفصح في الطقس اللآتيني التي تقول: "ما أسعد الخطيئة التي إستحقت لنا هكذا مخلص" وبكلام بولس الرسول الذي يقول "حيث كثرت الخطيئة فاضت النعمة".

اضاف: "كلام البابا هذا يذكرنا بقول البابا يوحنا بولس الثاني: "يا أيها الشعوب جميعا، إفتحوا الأبواب للمسيح! فإنجيله لا ينتقص من حرية الإنسان شيئا، ولا من الإحترام الواجب للثقافات ولا من كل ما هو صالح في كل ديانة. فبتقبلكم المسيح، تنفتحون على كلمة الله النهائية، على الذي به عرفنا الله بذاته بصورة كاملة وبه أظهر لنا الطريق التي نسلكها إليه. إن نقل الإيمان الذي هو قلب رسالة الكنيسة، يقول البابا، يتم بعدوى المحبة، حيث يعبر الفرح والحماس عن المعنى الجديد للحياة وملئها. ويتطلب نشر الإيمان في جذب الأشخاص، قلوبا منفتحة وسعتها المحبة، ولا يجوز وضع حدود للمحبة، لأن الحب قوي كالموت" (نشيد الأناشيد8/6). نعود هنا أيضا إلى كلام البابا يوحنا بولس الثاني الذي يقول إن الإيمان لا يمكن أن يكون إنغلاقا على الذات، ولا يكفينا المحافظة عليه. إنه كالشمعة التي تحتاج بإستمرار إلى الأوكسيجين لتبقى مشتعلة. أما وضعها تحت المكيال فيعرضها للانطفاء تدريجيا، أما إذا تغذت بالأوكسيجين فهي تتجدد شعلتها ويزداد نورها إذا أعطته لغيرها. فالرسالة تساعد وتساهم على ترسيخ إيمان الجماعات المسيحية الحالية. أما الإكتفاء بالمحافظة على الإيمان "سلبيا" قد يكون من نتيجتها خطر كبير، لأن المحافظة على هذا الإيمان إلى درجة "تعليبه" تجعله لا يبقى حيا إلا لفترة قصيرة من الزمن. فالمطلوب إبقاؤه نضرا وحيا، مشتعلا ومنيرا ومعديا. وأختصر هذا الكلام باللغة الفرنسية لأقول: "A VOULOIR CONSERVER SA FOI, ON EN FAIT UNE FOI CONSERVE".

وتابع: "يقول البابا فرنسيس في رسالته: إن نقل الإيمان الذي هو قلب رسالة الكنيسة يتم "بعدوى" المحبة. وإن البيئات البشرية والثقافية والدينية التي لا تزال غريبة عن إنجيل يسوع يفرض ما نسميه" الرسالة إلى الأمم". وإن الناحية المحزنة للانسانية التي هي بحاجة إلى المسيح هي اللامبالاة حيال الإيمان، أو الكراهية تجاه ملء الحياة الإلهية. وإن كل فقر مادي وروحي، وكل تمييز بين الإخوة والأخوات هما دوما نتيجة رفض الله ومحبته. بهذا الموضوع يقول يوحنا بولس الثاني: "إن هذا الوضع يسبب في الواقع قلقا وتساؤلا إذ إن صعوبات داخلية وخارجية أضعفت دفع الكنيسة الرسولي نحو غير المسيحيين. وهو واقع يجب أن يقلق كل المؤمنين بالمسيح. ففي تاريخ الكنيسة، في الواقع، كانت الدينامية الرسولية دائما علامة حياة، كما أن ضعفها بات علامة أزمة إيمان"(رسالة الفادي)".

واعتبر أن "ما يدعو إلى التبشير بالإيمان المسيحي، يقول يوحنا بولس الثاني: ليس مجرد إرادة زيادة عدد المسيحيين، إنما القناعة الراسخة بأن ذلك واجب المؤمنين الذين حصلوا على كنز ثمين وهم يريدون إشراك الآخرين في الإستفادة منه. وإن الكنيسة تشعر بأن عندها كنزا ثمينا عليها أن تعطيه للبشرية وللعالم المعاصر. عالم اليوم يتطور وينمو بسرعة مذهلة على جميع الصعد، العلمية والتقنية والثقافية. لكنه يبقى عائشا في الضلال والتيهان وعدم الإستقرار على الصعيد الروحي، وذلك لأنه يعتقد أنه بفضل الإكتشافات والإختراعات الحديثة، وبفضل الإمكانيات الهائلة التي وصل إليها، أصبح بإمكانه أن يبني ذاته بذاته وأن بإمكانه الوصول إلى السعادة وتحقيق ذاته بدون الله وضده. وهو، إن كان قد إعتنق الإلحاد نظريا وفلسفيا، أو مارسه عمليا، كما هو الأمر في مختلف المجتمعات الحديثة، ففي كلتا الحالتين قد وصل إلى درجة "فقدان معنى الحقائق النهائية لوجوده (رسالة الفادي)".

واردف: "الكثيرون من أبناء جيلنا أصبحوا يعيشون في قلق دائم وضيعان، وهم لا يفهمون للوجود معنى. فوحده المسيح يستطيع أن يساعدهم على إعطاء هذا المعنى لحياتهم، لأنه بموته وقيامته، أعاد للإنسان الرجاء وساعده كي يفهم أن حياته ليست فقط مادية وأرضية، إنما هنالك حياة أخرى بعد الموت. حيث لا ألم ولا عذاب ولا موت، بل حياة دائمة مع الله. البابا فرنسيس يدعو الشبيبة للقيام عمليا بهذه الرسالة، عملا بقول المسيح للرسل قبيل صعوده إلى السماء: "تكونون لي شهودا حتى أقاصي الأرض" (أعمال1/7-8). ويضيف: أيها الشبيبة الأعزاء! إن أقاصي الأرض، بالنسبة إليكم، هي نسبية جدا، ويمكنكم "التجوال" فيها، بكل سهولة. فإن العالم الرقمي، والشبكات الإجتماعية التي تجتاحنا وتعبرنا، يلغيان الحدود ويسقطان الهوامش والمسافات، ويحدان الإختلافات. فكل شيء يبدو في متناول اليد، كل شيء قريب للغاية وفوري. ويمكننا، حتى دون أي بذل للذات، أن نقيم أعدادا لا تحصى من التواصل، أما الرسالة إلى أقاصي الأرض فتتطلب هبة الذات في الدعوة التي أوكلها إلينا من أوجدنا على هذه الأرض (لوقا9/23-25)".

وختم المطران بو جوده: "يختم قداسة البابا رسالته إلى الشبيبة ليقول لهم: "لا تفكروا أبدا في أنه ليس عندكم ما تعطونه أو أنكم لستم بحاجة لأحد. فالكثير من الناس بحاجة إليكم. فليفكر كل منكم في قلبه "الكثير من الناس بحاجة إلي" (لقاء البابا مع شبيبة شيلي). إن شهر تشرين الأول المقبل هو شهر الرسالة وشهر السينودوس المكرس لكم، إنه مناسبة إضافية كي تجعل منا تلاميذ مرسلين أكثر شغفا بيسوع وبرسالته إلى أقاصي الأرض".

واختتم المؤتمر بكلمة للخوري زغيب، حول نشاطات الأعمال الرسولية البابوية في لبنان، فقال: "في عالم يتغير بسرعة فائقة ويتسم بالتواصل كقيمة كبيرة، وأمام كنيسة تحاول أن تعيد اكتشاف الإيمان بروح الشباب الخلاقة، يأتينا هذه السنة اليوم العالمي للرسالات والذي يصادف نهاية أعمال السينودوس الذي أراده البابا فرنسيس من أجل الشبيبة وتمييز الدعوة تحت عنوان: "مع الشبيبة، فلنحمل الإنجيل إلى الجميع".

اضاف: "إن عالم اليوم، بما يطبعه من العولماتية والتكنوقراطية والميل إلى العلم والتعددية الثقافية والدينية، والميل المفرط نحو الربح والعيش في نسبية يطرح على الأجيال الجديدة تحديا على صعيد حمل الإنجيل إلى الجميع. هذا التحدي يقع خاصة على عاتق الشبيبة الذين يعيشون في هذا المجتمع والذين يحاولون أن يميزوا فيه علامات الأزمنة. ما هو جميل في عمر الشباب هو حس المغامرة والروح الخلاقة التي تستطيع أن تعطي للانجيل آفاقا جديدة لإعلانه، بعيدا عن كل تكرار رتيب للماضي أو تغليفه بغلافات جذابة لكن بعيدة كل البعد عن الجدة، أو عن أيديولوجية تجعل من التقليد شيئا عفى عنه الزمن ومن التأقلم مع المجتمع معيارا لكلمة الله فيتم تحويرها. إن الجديد أبدا هو المسيح والذي في لقائنا له يجعلنا نكتشف فرح الحياة. إن كل رجل وامرأة هو رسالة بحد ذاتها لأن الحياة بحد ذاتها رسالة. إن لقاء المسيح والعيش بشركة معه لهما طاقة تجدد وفرح نعيشها بتآزر مع الروح الذي يقودنا دائما إلى طرقات جديدة للرسالة. وما خبرة التطوع الذي يعيشها الكثير من الشبان في لبنان والعالم، إلا خبرة مميزة تطلقنا على دروب الالتزام اليومي بخدمة الفقراء والمهمشين، والالتزام بإنجيل الفرح والسلام وتحرير الإنسان من كل ما يقيده وتحرير الطبيعة من كل ما يجعلها فرسية جشع الإنسان".

وتابع: "إن نقلة الإيمان التي نحن مدعوون كشبان إلى أن نعيشها بفعل معموديتنا هي في صلب رسالتنا المسيحية وهي ليست اقتناصا، إنما هي خبرة "جذب" الأشخاص إلى المسيح، حينئذ تصل البشارة إلى أقاصي الارض إذ إنها في متناول اليد بوسائل التواصل الإجتماعي التي تربط الارض كلها بعضها ببعض. لكن هذه الشركة التي يتوق إليها العالم وبخاصة الشبيبة منهم لا تتحقق بوسائل التواصل الإجتماعي فقط، لأن التواصل يمكنه أن يبني الشركة ولكنه لا يكفي. إن الشركة لا يمكننا بناؤها إلا بهبة الذات من أجل الآخر".

واردف: "إن المحبة والغيرة على الرسالة هما اللتان دفعت قلوبا شابة إلى تأسيس الأعمال الرسولية البابوية كتعبير عن شركة بالصالة والعطاء مع كل المرسلين في كل أقطار العالم. واليوم العالمي للرسالات مناسبة خاصة لكي تتجدد الرسالة بطريقة إنجيلية تطلقُ العنان لخلاقة الشبيبة في إعلان المسيح. ونحن بالمساهمة البسيطة في صواني الرسالات نعبر عن مشاركتنا للكنائس الأشد فقرا. ولكي يتجدد الشغف والحماس، اللذان هما المحرك للرسالة، قبل قداسة البابا اقتراح الأعمال الرسولية البابوية بالتعاون مع مجمع تبشير الشعوب إعلان شهر تشرين الأول 2019 زمنا خاصا بالصلاة والتفكير في الرسالة إلى الأمم. وهي مناسبة لنتحضر لهذه السنة بعيش الرسالة في قلب الإيمان المسيحي ومن قلب الإيمان المسيحي، فتكون رسالتنا فعل محبة ينبع من فرح لقاء المسيح. وفرح العطاء الذي نحياه في اليوم العالمي للرسالات، من أموالنا ومواهبنا وصلواتنا وقداساتنا ما هو إلا فعل بركة، لأن الرب يبارك المعطي الفرحان".

وقال: "لذا نرجو من أصحاب السيادة والآباء كهنة الرعايا والرهبان والراهبات ورؤساء المدارس الرسمية والخاصة ومعلمي ومنشطي التعليم المسيحي والأساتذة وطلاب المدارس والجامعات ووسائل الإعلام، تفعيل هذا الشهر المبارك، وبخاصة الأسبوع الإرسالي العالمي (15-21 تشرين الأول 2018)، والقداس الإلهي لمناسبة اليوم العالمي للرسالات الـ 92 يوم الأحد 21 تشرين الأول 2018، كل في أبرشيته ورعيته ومدرسته وجامعته من خلال الصلاة وجمع الصواني والتبرعات. كما وسنعلن لاحقا عن المكان والزمان للاحتفال معا باليوم العالمي للرسالات نهار الأحد 21 تشرين الأول 2018. ويسرني أن أعلمكم بان الأعمال الرسولية البابوية تساعد كنائسنا الكاثوليكية سنويا من خلال دعم الطلبات المرفوعة إلى مؤسساتها في روما بما يقارب الـ 173،000 دولار أميريكي، مُقسمة على الشكل التالي: الكنيسة المارونية: 113،500$؛ كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك: 20،000$؛ الكنيسة اللاتينية: 34،500$؛ الكنيسة السريانية الكاثوليكية: 5،000$؛ عدا المساعدات التي ترسلها إلى المجمع الشرقي لمساعدة الكهنة الدارسين في روما وتأمين منح دراسية لهم بقيمة ما يوازي أيضا الـ 150،000$ سنويا".

وختم: "كما يسرنا أن نطلعكم على اختبارنا الإرسالي الثاني لصيف 2018، والذي كان في كينيا (من 23 تموز إلى 6 آب) مع 15 شاب وصبية عند راهبات الأم تيريزا، وأختم بتقرير مصور عن هذا النشاط".