موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٦ يونيو / حزيران ٢٠١٨
ترشيح كاردينال من كراتشي، سيعزز العلاقات بين الكرسي الرسولي والباكستان

بقلم: كريستوفر لامب ، ترجمة: منير بيوك :

قال سياسي مسلم بارز من الباكستان إن ترشيح البابا فرنسيس رئيس أساقفة كراتشي ليكون كردينالاً سيعمل على تحسين العلاقات بين البلاد والكرسي الرسولي.

ورحب شهريار خان نيازي، الذي يقوم بتغطية قصيرة للشؤون الدولية والأمور السياسية في حزب باك سارزامين في الباكستان، بالقرار مضيفًا أنه يفتح الباب أمام البلاد لتعيين سفير دائم لها في الفاتيكان. وأضاف، بعد زيارته مع رئيس حزبه لتهنئة الكاردينال المرشح: "هذه لحظة تجلب فخرًا كبيرًا لباكستان، ولجميع الشعب".

وأقام الكرسي الرسولي والباكستان علاقات دبلوماسية كاملة عام 1961. وفي الوقت الذي يوجد فيه سفارة بابوية في إسلام أباد، فإن بعثة باكستان الدبلوماسية إلى الفاتيكان تعمل من سويسرا، بحيث يقوم بها مبعوث غير متفرغ.

وعقب تعيين رئيس الأساقفة كوتس، قال المستشار السابق للمفوضية العليا البريطانية في الباكستان خان نيازي إنه سيحاول إقناع الحكومة بإرسال سفير مقيم لضمان وجود تمثيل دبلوماسي كامل مع الكرسي الرسولي. وأوضح قائلاً: "لدينا الكثير من المصالح المشتركة على مستوى العالم".

وسيصبح رئيس أساقفة كراتشي البالغ من العمر اثنان وسبعين عامًا الكاردينال الثاني الذي تم ترشيحه من دولة ذات أغلبية مسلمة، علمًا أنه يشارك عن كثب في الحوار بين الأديان، ويتمتع بعلاقات جيدة مع القادة المسلمين.

وأضاف خان نيازي: "إنه يحظى بكثير من الاحترام. فهذا الترشيح سيخلق المزيد من الوعي حول الفاتيكان في البلاد. إنني أرى ترشيحه خطوة إيجابية للغاية حيث سيساعد ذلك على خلق علاقة بين الباكستان والفاتيكان، كما يجسر فجوة الاتصال الموجودة حاليًا".

أما السياسي الذي عمل على تقديم المشورة للمفوضية العليا البريطانية في الباكستان، فلفت إلى أن مستوى المشاركة السياسية بين الكرسي الرسولي والباكستان "ليس مرتفعًا"، وهو أمر سيحرص فرنسيس على معالجته نظرًا لتركيزه على بناء علاقات مع العالم الإسلامي.

وفي الوقت نفسه، يشعر الفاتيكان بالقلق أيضًا إزاء وضع المسيحيين في البلاد. ففي شباط، التقى البابا فرنسيس بعائلة آسيا بيبي، وهي المرأة الكاثوليكية المحكوم عليها بالإعدام بموجب قانون التجديف الباكستاني، حيث أنها تقبع في السجن منذ العام 2009.

وعمل خان نيازي عن كثب مع الكنيسة في الباكستان في مجال التعليم والرعاية الصحية. وأشار إلى أن العديد من القادة السياسيين في البلاد، خاصة النساء منهم، قد تلقوا تعليمهم في المدارس التي تديرها الكنيسة الكاثوليكية.

وتضم مدرسة للبنات في كراتشي -دير المسيح ومريم- مجموعة رائعة من الخريجات بمن فيهم بينظير بوتو، وهي أول رئيسة وزراء باكستان، تم قتلها بالرصاص عام 2007. كما هناك عالمة الفضاء نرجس مافالفالا، وأصغر وزيرة خارجية باكستان هينا رباني خار، وأول أمينة عام وزارة الخارجية في الباكستان تهميانا جانجوا، إضافة إلى الرئيس السابق الجنرال برويز مشرف الذي تلقى تعليمه في مدرسة كاثوليكية.

أنشأت رهبنة ’يسوع ومريم‘ الدينية، والتي تأسست في القرن التاسع عشر، مدرسة في كراتشي إلى جانب عدد آخر في الباكستان. وتعمل الراهبه بيرشمانز في البلاد منذ ستين عامًا، حيث كانت رائدة في التدريس في النظام المدرسي. واشتمل ذلك على بينظير بوتو التي كانت إحدى تلاميذاتها السابقات.

في العام 2012، حصلت على إحدى أعلى الجوائز المدنية الباكستانية نتيجة عملها في مجال التعليم وفي تعزيز الوئام بين الأديان. وفي هذه الأثناء، تعمل شقيقة الكاردينال المرشح ماريا كوتس كمديرة مدرسة يسوع ومريم في موري.

في أعقاب أخبار ترشيح رئيس الأساقفة كوتس كاردينالاً، قامت تهمينا جانجوا، السفيرة السابقة في إيطاليا والتي قد قابلت الكاردينال المرشح عدة مرات، بإرسال رسالة تهنئة له. ومن المتوقع أن يصل وفد من الباكستان إلى روما لحضور الإحتفال الذي يقدم خلاله البابا إلى رئيس أساقفة كراتشي قبعته الحمراء.

وسيتم إدخال رئيس الأساقفة كوتس رسميًا في مجلس الكرادلة في الثامن والعشرين من حزيران، مع ثلاثة عشر آخرين، خلال احتفال يقام في كنيسة القديس بطرس بالفاتيكان. ويأتي تعيينه في وقت يزداد فيه التوتر الديني في البلاد، وتقوم محاولات كبيرة للقضاء على التطرف.

تأسست الباكستان عام 1947 كدولة إسلامية في شبه القارة الهندية حيث تتبع قوانين تتوافق مع التعاليم الإسلامية. وأشار خان نيازي إلى أنه في حين يعتقد حزبه السياسي أن البلاد تبقى مسلمة، إلا أنها تنتمي إلى جميع الناس، بما في ذلك المسيحيين والهندوس والسيخ.

وعندما سئل عن قضية آسيا بيبي التي تمت مقاضاتها بموجب قوانين التجديف الباكستانية، قال خان نيازي: "لن يكون من المناسب بالنسبة لي التعليق على قضية ما زالت مستمرة". لكنه شدد على أن الجيش الباكستاني "يقوم بعمليات مكافحة الإرهاب، وأنه عمل بشكل جيد على هزيمة الإرهاب والمتطرفين".

وأضاف: "إن الكاردينال المرشح كوتس يسعى للقيام بمهمة إحلال السلام في المجتمعات، والعمل مع الملالي والزعماء الدينيين حيث هناك قضايا تتعلق بالدين، في حين أنها ترتبط مع الحكومة. واستطرد في حديثه قائلاً: "إنه يتعامل مع مجموعة من المجتمعات، وهذا هو النهج الصحيح".

اختار رئيس الأساقفة، الذي قاد أبرشية كراتشي منذ العام 2012، كلمة "الوئام" كشعاره الأسقفي. وفي العام 2007 حصل على جائزة السلام من قبل الجامعة الكاثوليكية في إيخستات أنجلوستادت. واليوم، هو الأسقف الأكبر في الباكستان رغم أنه لم يعد رئيسًا لمؤتمر الأساقفة، في كنيسة تشرف على مجتمع مؤلف من ملايين الكاثوليك ويشكلون أقلية صغيرة في بلد يزيد عدد سكانع عن المئتي مليون نسمة.

قال الأب روبرت مكولوتش، عضو جمعية القديس كولومبان الإرسالية، الذي قضى سنوات عديدة في الخدمة الدينية في الباكستان: إن لدى رئيس الأساقفه "خبرة واسعة في الوضع التمييزي للمسيحيين في الأبرشيات الثلاثة حيث كان أسقفًا، كما أنه يدرك الضغوط التي يشهدها الهندوس كمؤمنين". وأضاف: "بينما كان بطلاً قويًا مدافعًا عن الحرية الدينية، فقد عمل باستمرار على تعزيز علاقات الوئام وإقامة الإتصالات مع الزعماء الدينيين المسلمين في الباكستان".