في الأساطير الرومانية، لا يمثل يانوس (يونس) آلهة الأبواب والمداخل فحسب، ولكنه يمثل أيضاً آلهة البدايات والنهايات. يانوس (يونس) هو آلهة بوجهين. وجهٌ ينظر إلى الماضي، والآخر إلى المستقبل. وهكذا الحال مع شهر كانون الثاني.

تنفتح الأبواب ثم تدور. هناك أبواب مقدسة. الباب المفتوح يشير إلى بداية جديدة، وسيلة للخروج، أو ترحيب بالدخول. وقد يشير أيضاً إلى ما ينتظرنا في المستقبل. أما الباب المغلق فقد يرمز إلى طريق مسدود أو السجن، أو قد يكون إشارة إلى "عدم الإزعاج". وفي "جحيم دانتي"، في الجزء الأول من هذه "الكوميديا الإلهية"، يتدلى على أبواب الجحيم الآية المخيفة: "تخلوا عن الأمل يا جميع الداخلين إلى هنا". الأبواب الدوارة دلالة على حركة دائرية دون هدف. ليس هناك مخرج.

الأبواب والتحليل النفسي

في فيلم هيتشكوك "المسحور" بطولة انغريد بيرغمان وغريغوري بيك، يجب تفسير شعور الرجل بالذنب منذ مرحلة الطفولة. ويتم ذلك من خلال التحليل النفسي، وهي الطريقة التي يعامل بها العلم الحديث المشاكل العاطفية للأشخاص العاقلين. يسعى المحللون لحث مرضاهم على الحديث عن المشكلات الخفية فقط. وتُطرح عليهم بعض الأسئلة مثل: "لماذا تكرر هذا الشيء الذي ما هو إلا سلوكٌ مدمِّرٌ للذات؟ متى بدأ هذا الأمر، ولماذا؟". وعندما يقوم المرضى بالإجابة على هذه الأسئلة، فإنه سيصبح بالإمكان فتح أبوابهم المغلقة، ويصبحون في طريقهم إلى الشفاء.

أبواب الكتاب المقدس

بالنسبة لليهود المعاصرين، فإن وضْع مخطوطة تحتوي على آيات من الكتاب المقدس، على يمين قوائم أبوابهم، تذكِّرهم بنجاتهم الإلهية من العبودية في مصر. كان الله وفياً بوعده وخلَّصهم بطريقته هو وليس بطريقتهم هم. وكان مهماً بالنسبة لليهود ألا ينسوا أبداً أن الله هو إله مُخلِّص. وهذه المخطوطة تذكير لهذه الحقيقة العظيمة.

لاهوت الباب المقدس

تهدف هذه المقدمة الطويلة عن الأبواب إلى تسليط الضوء على معنى الباب المقدس. منذ القرن الخامس عشر، تم استخدام الباب المقدس كرمز ليتورجي لتوبة القلب. يقومُ الحجاج بالمرور عبر الباب المقدس كتعبير عن ترك الخطيئة وراءهم والعبور من الخطيئة إلى النعمة، من العبودية إلى الحرية، ومن الظلمات إلى النور. في هذا المقام العلاقة أو الرابط واضح بالنسبة لليهود. أما بالنسبة للمسيحيين فإن الباب يستمد معناه من يسوع المسيح الذي هو الباب، أو البوابة، أو الطريق إلى الحياة (يوحنا 14: 6).

باب الرحمة المقدس

بدأت سنة يوبيل الرحمة يوم 8 كانون الأول، وهو يوم الاحتفال بعيد الحبل بلا دنس. وفي روما، قام البابا فرنسيس بفتح الباب المقدس لكاتدرائية القديس بطرس، لإعلان بداية سنة اليوبيل. وبهذه المناسبة تم إعداد احتفالات كُبرى في روما وجميع أنحاء العالم الكاثوليكي لمجموعات معينة.

كان يسوع نفسه هو وجه الرحمة. لقاءاته والأمثال تكشف عن رحمته، الإمرأة التي أخذت في الزنا، والسامري الصالح، والابن الضال، والراعي الصالح. في نهاية يوم طويل مع الحشود، أخذته الشفقة عليهم لأنه لم يكن لديهم ما يأكلون أو يشربون، فقام بتكثير أرغفة الخبز والسمك. واتسعت شفقته لتشمل مرضى البرص المنبوذين، وكذلك الأغنياء والأقوياء. وقد احتضنت شفقته الكل ولم تستثنِ أحداً.

والهدف من سنة الرحمة المقدسة هذه أن تُعاش على أنها رحلة حج. والمطلوب من الرجال والنساء خلال سنة الرحمة المقدسة تكثيف صلواتهم من أجل جميع المحتاجين إلى الرحمة، ومطلوب منهم أيضاً أن يقدموا تضحيات (إماتات) شخصية لهذه الغاية. كما أننا نشجع أيضاً أن يقوم البعض بجزء من رحلة إلى كاتدرائية ما سيراً على الأقدام. وقد دعا البابا فرنسيس الكاثوليك وغيرهم إلى ارتداء ثوب الرحمة تجاه أنفسهم أولاً، ومن ثم تجاه الذين يحتاجون إلى لاأعمال الرحمة الروحية والجسدية. وأن يقوموا كذلك بممارستها كما فعل يسوع.

رؤية فعاليات الرحمة

إن الرحمة، التي مارسها البابا فرنسيس، هي القلب النابض للإنجيل. في الواقع، هناك ما لا يقل عن خمسة وثلاثين إشارة محددة إلى عبارة "رحيم" و "رحمة" في الكتاب المقدس، مع إشارات أخرى إلى الرحمة والشفقة. ونقدم بعضاً من هذه المراجع إلى القارئ ليستعملها في صلاته:

(الرحمن) سفر التكوين 19:16؛ 1 ملوك 20:31؛ مزمور 86:31؛ يوحنا 4: 2؛ متى 5: 7؛ لوقا 06:36؛ عبرانيين 8:14. (الرحمة) التكوين 42:14؛ الخروج 33:19؛ سفر التثنية 7: 2؛ 1 نحميا 1:11؛ مزمور 51: 1؛ 103: 4؛ ارميا 31:20؛ 42:12؛ مراثي 03:33؛ دانيال 02:18؛ العبرانيين 3: 2؛ هوشع 6: 6؛ متى 09:13. 12: 7؛ 15؛ 33؛ 20:30؛ 23:23؛ مرقس 5:19؛ لوقا 1:50؛ 1:72؛ 10:37؛ 16:34؛ 18: 38؛ رومية 9:15؛ 9:23؛ 11:30؛ 2 كورنثوس 4: 1؛ فيليبي 2:27.

عندما يغسل البابا فرنسيس أقدام السجناء، أو عندما يعانق مرضى الإيدز، ماذا علينا أن نستنتج؟. عندما يفتح ملجأً للمشردين بسعة 30 سرير على بعد خطوات قليلة من الفاتيكان. عندما يتيح غرف إستحمام للمشردين بالقرب من ساحة القديس بطرس، وعندما يضع صالون حلاقة لخدمة الرجال (المشردين) ماذا نستطيع أن نستنتج؟

عندما يتبرع البابا بأموال للفقراء ليتيح لهم فرصة الاستمتاع برحلات ثقافية مجانية لكنيسة سيستين، وإلى مزار الكفن المقدس في تورينو، ماذا يمكننا أن نستخلص؟ إنه يريد لهم أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم وأن يشعروا بأنهم ذات قيمة. فهنا نرى الرحمة في أبهى تجلياتها. الرحمة تجعل الشخص يضع نفسه في مكان قريبه، في محاولة لفهم ما يعاني منه هذا الشخص وبعد ذلك، بكل طيبة قلب يساعد ذلك الشخص. ومن الواضح أن البابا فرنسيس لديه السلطة والقدرة على مد يد الرحمة الخاصة نحو الفقراء.

افتحوا هذه الأبواب

إن أعمال البابا في روما دفعت رؤساء مجموعة تسمى (افتحوا هذه الابواب) أو هاتشتاغ #OpenTheseDoors، لإرسال رسالة إلى كاردينال نيويورك تيموثي دولان تطالب فيها أن يُصار فوراً إلى فتح "الأبواب الحقيقية" لمبانٍ فارغة تعود ملكيتها إلى الكنيسة للمساعدة في تخفيف أزمة التشرّد في مانهاتن. يوجد هنا، ما يقرب من 60 ألف شخص يقضون لياليهم في الملاجئ. استجاب هؤلاء المناصرون لدعوة البابا الأخيرة لتأمين سكن لائق للمشردين. ولهذا السبب، يمكن التغاضي عن نبرتهم الحادة في هذا المضمار وتفسيرها على أنها تحمُّسٌ لقضية نبيلة.

رحمة شكسبير

يقدم شكسبير أفكاراً عن الرحمة في مقاطع شعرية من مسرحية "تاجر البندقية":

جمال الرحمة أن تكون خياراً لا اضطراراً،
فهي كماء السماء ينهمر بالخير،
ويهطل باليمن عفواً ممن وهب، وبركة ممن كسب.
فإذا كانت الرحمة عفواً صادراً عن مقدرة فهنالك بهاء قدرتها، وازدهار جلالها.
أما تراها إذا تحلى بها الملك القائم كانت لهامته أزين من التاج،
وفي يده أرقى من صولجان الأمر والنهي،
وكان عرشها المنصوص في قلبه أعظم تمكيناً له من عرشه الذي يستوي عليه،
لأنها من صفات الله عز وجل،
ولا يكون السلطان الدنيوي أقرب شبها إلى السلطان العلوي منه،
إذ يلطف العدل بالرحمة.