موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٢ يناير / كانون الثاني ٢٠١٧
بين القبح والجمال..

د. لانا مامكغ :

المهم أن يتحقّق الهدف، سواءً أكان حقيقياً أصيلاً، أو مصنوعاً مزيّفاً... وماكيناته تعمل بدأبٍ ليل نهار، وتدرّ أرباحاً فلكية على أصحابها، وتبثّ الفضائيات يومياً آلافاً من الإرشادات والنصائح والوصايا التي تصبّ باتجاه الغاية... جمال المرأة !

لكن متى تستعصي المرأة على ما سبق كله وتبدو مغرقة في القبح ؟

خطر على بالي هذا السّؤال قبل أيام فيما كنتُ أقود ببطء في شارعٍ مزدحم وقت الذّروة، لألمحها صدفة خلفي تلّوح بيدها لي أن أفسح لها الطريق، ولمّا كان الأمر مستحيلاً، لم أتحرّك، لأراها قد بدأت تلّوح بيديها الاثنتين، فيما بدا أنها كانت تتكلّم بغضب وهي تنظر نحوي مباشرة، وقرّرت ألا أتحرّك حتى لو كان ثمّة مجال لذلك... ثم شعرتُ في لحظة مجنونة بالرّغبة في النزول والتوّجه نحوها للقيام بالّلازم... أما ما هو ذلك الّلازم، فلا أعرف حتى اللحظة ! ما أدركته حينها هو أني كنتُ على وشك تقمّص شخصية رجل ومعايشة السيناريو الرّديء الذي يحدث بين السّائقين في مثل هذه الحالات، لكنّي سرعان ما طردتُ الخاطر الأبله وسيطرت على أعصابي حتى خفّ الاحتقان المروري ومضت في سبيلها !

والموقف ذاك أعاد إلى ذاكرتي ما رأيته ذات مرّة، امرأة أخرى في سيارة باذخة بدا أن أحدهم لم يعطها أولوية المرور، فما كان منها سوى أن وجّهت له إشارة سوقية مبتذلة بيدها... لأدرك يومها السّبب الذي لأجله بدأنا، نحن النّساء، نفقدُ امتيازاتنا الرّقيقة على الطرق خلال القيادة، تلك التي كانت تعزّز إحساسنا بالتّميّز والأنوثة، وتؤشّر في الوقت نفسه إلى أخلاق الفرسان لدى الرّجال !

وبعيداً عن موضوع قيادة المركبات وعلاقتها بالفنّ والذّوق والأخلاق، أقول: لو خرجت كل امرأة من بيتها في الصّباح وقد قرّرت أن تكون « سيّدة » أولاً في سلوكها، قبل بديهيّات التحرّر والمساواة والاستقلالية، لاكتسبت احترام الجميع؛ من يعرفها ومن هي بالنسبة له مجرّد امرأة تقود مركبة... ولو خرج كل رجلٍ وهو يذكّر نفسه بمقتضيات الرّجولة والنّخوة والشّهامة؛ لبثّ الطاقة الجميلة الإيجابية حوله على الطرّيق وأينما وجد.

وقد يقول قائل، ما أسهل التّنظير ! لكن ما ينبغي أن نسلّم به هو أن التوتّر معدٍ، والغضب كذلك، والبشر الموجودون حولنا على الطّرق لا علاقة لهم بمشاكلنا وأزماتنا الخاصّة، هم بريئون منا، فلا داعٍ لمعاقبتهم على ذنوبٍ لم يقترفوها في حقّنا.

وثمّة دائرة لئيمة من « الّلاذوق والّلاأخلاق » تترّبص كلاً منّا يومياً كالثقب الأسود... إما أن ننزلق لها طوعاً وبمنتهى الرّعونة، فنندم لا محالة، أو نكظمُ الغيظ ونمضي، وفي داخلنا ومضة مريحة من الإحساس بالزّهو !

وفي عودةٍ إلى ما استهللتُ به هذه المقالة؛ موضوع صناعة الجمال، أوّجه السّؤال لنا نحن النّساء: ما الجدوى من هدرِ الوقت والمال والجهد لاكتساب ملامح أجمل أو أكثر شباباً أو جاذبية إذا كنّا سنضيّع ذلك كلّه في موقف قبيحٍ واحد ؟