موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ٥ مارس / آذار ٢٠١٩
بشار جرار يكتب من واشنطن عن ’أربعاء الرماد‘ ورحيل ’أبو العود‘

واشنطن - بشار جرار :

عظّم الله أجرنا جميعًا في رحيل نجمنا الكبير نبيل المشيني، الفنان النبيل الأصيل الجليل "أبو العود" التي تبكيه كل حارة والديرة كلها.. أراد رب العالمين سبحانه أن يسترد أمانته قبل أيام من "أربعاء الرماد" ليرقد صاحب مقولة "ششي غاااد" الشهيرة بعيدًا عنا، هناك في عالم آخر ينتظرنا جميعًا.

تركنا "أبو العود" لصومنا الكبير كل على دينه وطائفته. لعل رسم الصليب برماد سعف نخيل عيد شعانين العام الماضي على جباهنا أو جباه جيراننا في الحارة وشركائنا في الوطن من العلم وحتى الرقم الوطني مرورًا بوشم موحد على ما يلف جثامين شهداء الواجب (مدنيًا أكان أم عسكريًا) وشم موحد مثلث أحمر تتوجه نجمة ثمانية بيضاء. وشم لن ينال منه يومًا أي وسم لا في عالم الميديا الافتراضي، ولا ما يتلون خلفها من تعليقات سمّية الأثر، قطعية الدلالة على الجهالة أو النذالة أو العمالة أو الخيانة.

قد آلمني وآلم الكثيرين ما تنضح به منصات "التناحر" غير الاجتماعي من مقولات ما زلنا مقصرين في أخذها على محمل الجد. فأي مخلوق هذا الذي استطاع أن يتسلل عبر طلبات الصداقة ليطل وكأنه "دعدوش" من الخلايا النائمة أو الذئاب المنفردة. شاركت كغيري في التعبير عن صدمتي وحزني على رحيل من أبكاني فرحًا وحزنًا في أدائه الفني العملاق على مدى عقود نجمنا الكبير نبيل، سليل أحد أكثر عشائرنا المسيحية عراقة وعطاء وفداء للأردن والأمة "خير أمة أخرجت للناس" وعلى امتداد شاشات وفضائيات "بلاد العرب أوطاني".

هكذا وفي غفلة من فارق التوقيت بين الأردن وأميركا، أفقت على تعليق مخلوق عاتبني على الترحم على روحه الطاهرة بدعاوى أقل ما يقال فيها إنها نتنة. لست أدري لماذا خطر على بالي فورًا الكثير الكثير من الرسائل السياسية والإعلامية من رسالة عمّان إلى منتديات حوار الأديان في الأمم المتحدة في نيويورك وفي جنيف وبيروت وأبو ظبي. أعلم تمامًا أن ذلك المخلوق لا يمثل إلا القلة القليلة، لنقل إنها القلة النادرة الشاذة. لكن إلى متى تترك دون حساب رادع!

لا أذيع سرًا إن اعترفت في كنف أربعاء الرماد أنني لم أعد أطيق جعجعة الاعتذاريين. يبدو أنها بركات حبيبنا "أبو العود". فتلك الشخصية الخالدة أحبها الأردنيين والعرب لبساطتها وصدقها، وشجاعتها في كشف المتحذلقين من "بياعي الحكي"، جماعة "بوس اللحى" و"الطبطبة"، و"الكنس تحت السجاد"، يعني بالعربي جماعة "ذر الرماد بالعيون".

علينا أن نجاهر ونبادر، كل في موقعه، أنا بدوري أقوم بشطب التعليق المسيء وأرد عليه بما يغيظه ثم أقوم بواجبي في التبليغ عنه للفيسبوك كمثير لخطاب الكراهية. ويخلف على "مارك" يتخذ اللازم من الإجراءات. فعقبال عند جماعتنا. تراها مسألة في غاية الخطورة يا "قرابة" كون كثيرًا من أولئك المشطوبين تسللوا إلى شبكة علاقات الصداقة الافتراضية عبر أسماء ووظائف ومعارف حقيقية لا مفبركة. وهذه عينة بسيطة "عشوائية": أحدهم جامعي أكاديمي في موقع قيادي، وآخر متقاعد برتبة عالية، وآخر عامل في موقع حساس وآخر تزدحم معارفنا المشتركة بأسماء لامعة لازالت حاضرة في وسائل الإعلام الرسمي من قائمة "استقبل وودّع"؟!

تلك طامة كبرى، فإن أردنا مكافحة الإرهاب والفساد على نحو وقائي استباقي ورادع، علينا استئصال أولئك لأنهم وبدون مبالغة ومن وحي ما يجري من حولنا هم مشاريع إرهاب وإفساد.

اللهم ارحم فقيدنا نبيل المشيني، واجعل مثواه الجنة في عليين مع الصديقين، آمين أجمعين. ربنا وتقبل صلاتنا وصيامنا. أربعاء رماد مبارك لأردن الطهر والقداسة..