موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الخميس، ٢٨ مارس / آذار ٢٠١٩
بشار جرار يكتب من واشنطن عن عيد البشارة وفن العمارة وأشياء أخرى..

واشنطن - بشار جرار :

ظننت مخطئا، أن مقولة "لكل من اسمه حظ ونصيب" فرضية كتبها الله على العرب والمشرق والشرق فقط، حتى سنوات الغربة فالهجرة إلى بريطانيا فأميركا. اسمي بشار وكنيتي أبو حسين وكلا الاسمين فيه تحديات لغوية في النطق لغير الناطقين بالعربية. ورغم أن الغرب عموما، لا يتوقف عند معاني الأسماء أو دلالاتها، إلا أنك تجد نفسك في موقف لا تحسد عليه عندما تستخدم اسمك خاصة عبر الهاتف حيث تضطر لتهجئة الاسم حرفا حرفا. ومن الطرائف أن يصادفك متحذلق زار مرة الشرق الأوسط أو قرأ كتابا عنه فيسارع إلى تكوين انطباعات مضحكة مبكية كمن سألني مرة إن كنت شيعيا لأن اسمي ولدي حسين وعلي، ومن سألني إن كان اسمي كاسم رئيس سورية أم السودان لصعوبة تشديد الشين فينقلب الاسم من بشار إلى بشير!

دارت الأيام، وجاء يوم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان فاستضافتني محطة إخبارية قدمتني فيها المذيعة على أني بشارة حتى سارعت بعض ثوان إلى تصويب نفسها بعد تصحيحها على ما يبدو من قبل منتج النشرة! ولاسم بشارة معي قصة حقيقية تعود إلى عام ثلاثة وستين من القرن الماضي، تحديدا في مستشفى في العاصمة الكويتية. لعدم انتشار الاسم في ذلك الحين خارج سورية ودول "الهلال الخصيب"، سمعت الممرضة خطأ اسمي من والدي -على روحه الطاهرة السلام- على أنه "بشارة". وبالفعل تم تسجيل اسمي في وثيقة الميلاد "بشارة". لكن الطبيب المناوب وهو من إحدى الدول العربية التي لا ينعم فيها المسيحيون -أصحاب الأرض التاريخيين- بحقوق مدنية وسياسية عادلة، "انتفض" وسارع إلى توبيخ الممرضة وقال لها المولود اسمه بشار وليس بشارة، وكان ينبغي لك الانتباه إلى أن والدين مسلمين وبالتالي فإن اسمه بشار وليس بشارة لأن بشارة اسم مسيحي!

بالتداعي الحر، أذكر بمحبة واعتزاز وفخر كأردني وكأحد أبناء مؤسسة الإذاعة والتلفزيون العرقية، أن زميلا قديرا من المشهود لهم بالخلق الرفيع والأدب الجمّ والأداء المهني المميز، قد تم تنسيبه لبعثة المؤسسة إلى الحج. وحتى لا أذيع سرا من أسرار المؤسسة، فإن اسم الزميل الأول اسم "مسلم" واسم عشيرته لا يدل بوضوح على دينها. فما كان من الزميل إلا وسارع إلى تقديم الشكر لرئيسه على الثقة والتكريم، مضطرا إلى التذكير بأن ترشيحه قد يتسبب بحرج كونه مسيحيا سيترأس بعثة حج من الأخوة المسلمين.

ما أردته في هتين الحادثتين الحقيقيتين، الإشارة إلى أن البشارة عيد استحق الاحتفال منذ لحظة التبشير، تبشير الملاك سيدتنا مريم بالحبل المقدس وقبل الميلاد بتسعة أشهر.

البشارة يا أخوة تأتي من ربنا، البشارة يا ناس ليست بيان قسم ولادة في مستشفى ولا شهادة ميلاد من دائرة الأحوال المدنية ولا تنسيب رئيس قسم لمدير عام! البشارة عمارة، فابشروا أحبتي بالخير ولنغني معا بفرح: عمّر يا معمّر البلاد وعلّيها.. مبارك علينا جميعا مسلمين ومسيحيين عيد البشارة ومبارك علينا جميعا أردنيين ومشرقيين تسلم سيدنا الهاشمي عبد الله الثاني مصباحا للسلام من اسيزي الإيطالية إلى قدس أقداس مشرقنا العظيم..

من جميل أمثالنا الشامية "هات بشارة"، وأقول بلا تردد أن البشارة آتية لا ريب فيها..