نحتفل بأسبوع الصلاة من أجل وحدة المسيحيّين بين 18 و25 كانون الثاني 2019 تحت عنوان «انسانيّة قلّ نظيرها» (أع 28/ 2).

هيّأت صلوات هذا الاسبوع، لجنة مسكونيّة من مالطا ضمّت ممثلين عن الكنائس الكاثوليكيّة والأرثوذكسيّة والبروتستانتيّة، وقدّمتها إلى فريق دولي مؤلّف من ممثّلين عن المجلس الحبري لتعزيز وحدة المسيحيّين والمجلس المسكونيّ للكنائس.

تتمحور الصلوات حول نصّ أع 27/ 18 - 28/ 10 الذي يروي سَفَر بولس الى روما، ونجاته مع الركاّب من الغرق، وملاذهم الى جزيرة مالطا حيث إستضافهم شعبها «بانسانيّة قلَّ نظيرها» (أع 28/ 2).

إنّ مضمون هذا النصّ الكتابيّ يلقي أنواره على المسعى المسكونيّ. فنحن المسيحيّون المنتمون الى كنائس مختلفة، نعاني من إنقسامنا الذي يُضعِف قوة شهادتنا في العالم؛ ولكننا نؤمِن بأن العناية الالهيّة التي رافقت مار بولس وركّاب السفينة، ترافقنا جميعًا وتساعدنا لنوحِّد قِوانا في مَسعانا الى الوحدة، ولشهادة مؤثرِّة.

وما يُسهم في التقدّم نحو الوحدة، هو التحلّي بما تحلّى به أهل مالطا في ضيافتهم من «انسانيّة قلّ نظيرها ». فنحن مدعوون لنتعامل في ما بيننا بانسانيّة مماثلة تظهر في مجالات شتّى، كالضيافة التي ليست مجاملة إجتماعيّة خارجيّة، بل تعبير عن حبٍّ صادق، وانفتاحٍ على الآخر وقبوله كأخ، والحوار معه والإصغاء إليه. وتظهرُ في الإكتراث بالآخر، بهمومه وصعوباته وآلامه، والتضامن معه.

وهذه الإنسانيّة، كما يدلّ اختبار بولس وركّاب السفينة مع أهل مالطا، هي تعبير عن عناية الله بالآخر. فالله يُخاطبنا ويوصل عنايته عبر إنسانيّة بعضنا البعض. فالطبيعة الإنسانيّة في هويّتها العميقة، منفتحة على الله الخالق والمخلّص، لأنها مخلوقة على صورته ومثاله. فبقدر ما تكون إنسانًا، بقدر ما تكون منفتحًا على الله. وبقدر ما تكون منفتحًا على الله، بقدر ما تكون انسانًا.

إنّ الإنسانيّة الحقّة المُعاشة بين المؤمنين من مختلف الكنائس، هي منفتحة على عمل الروح القدس ومطواعة له. وهذا الروح يقودنا الى كمال الوحدة التي أرادها السيّد المسيح وأوصانا بها. بالإنسانيّة المفعمة بعمل الروح القدس نتحابّ، ونجدّد مسيرتنا نحو الشركة الكاملة في الايمان.

المطران جوزف معوّض
رئيس اللجنة الأسقفيّة للعلاقات المسكونيّة
في مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان