موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
أشاد أمين عام الأمم المتحدة بجهود البابا فرنسيس الرامية إلى معالجة القضايا البيئية مثل تغير المناخ. وقال انه يعول على الحبر الأعظم لتقديم دعم معنوي لإطلاق مبادرات سياسية عالمية ترمي إلى معالجة هذه المسألة بصورة مباشرة.
افتتح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مؤتمراً في الفاتيكان لنقاش القضايا البيئية أن بعد عقد لقاء على انفراد مع البابا فرنسيس في وقت سابق، حيث قال مسؤولون أن الزعيمين ناقشا الرسالة البابوية العامة المتوقع صدورها حول القضايا البيئية.
وأكد في مؤتمر صحفي أن الأمم المتحدة قد حصلت على دعم من القادة السياسيين والمنظمات غير الحكومية في جميع أنحاء العالم لمعالجة تغير المناخ، وقال بان: "السبب لمجيئي إلى البابا يعود إلى أنني الآن بحاجة إلى دعم معنوي".
تابع الامين العام قائلاً: "لا أعتقد أنه يجب أن يكون الزعماء الدينيون علماء. لكن ما هو واضح، وما هو مهم هو تعبئة إرادة الشعب وقيادة الشعب" في معالجة هذه الموضوع. وكان يتحدث على هامش قمة الفاتيكان الخاصة بتغير المناخ الذي يعتبر ركناً أساسياً لإطلاق الرسالة البابوية المتوقعة المتوقع في حزيران أو تموز.
وشهد المؤتمر، الذي استمر ليوم واحد بعنوان "أحم الأرض، واحفظ كرامة الإنسانية: الأبعاد الأخلاقية لتغير المناخ والتنمية المستدامة"، مداخلات من بان كي مون وعدد من المسؤولين في الفاتيكان، إضافة إلى الخبير الاقتصادي الأميركي جيفري ساكس، وغيرهم.
لم يحضر البابا فرنسيس هذا الحدث، الذي استضافته الأكاديمية الحبرية للعلوم.
لدى افتتاحه للمؤتمر، قال أمين عام الامم المتحدة أنه يتطلع "بشده" إلى الرسالة البابوية وأنه سوف "يبلغ العالم أن حماية بيئتنا هو واجب أخلاقي عاجل وواجب مقدس على جميع المؤمنين وأصحاب الضمائر الحية". كما خاطب بأن رجال الدين والعلماء الحضور قائلاً: "من المهم جدا أن يسمع الناس وقادتهم صوتكم الأخلاقي القوي في الأشهر المقبلة".
قال الأمين العام للأمم المتحدة أن البابا فرنسيس قد أبلغه خلال اجتماعهما أن الرسالة قد تم إنجازها عملياً، ولكنها بحاجة فقط إلى أن تترجم إلى لغات مختلفة قبل أن يتم نشرها.
وعقب الكاردينال بيتر تيركسون على تصريحات بان في حديث موسع على ضرورة ما أسماه "ضرورة إحداث تغيير جوهري" فيما يتعلق بكيفية تعامل البشر مع الأرض. وأضاف، وهو رئيس المجلس الحبري للعدل والسلام، أن "اليوم، ومن خلال تهورنا، فإننا نتخطى معظم الحدود الطبيعية الأساسية للكوكب، فالتكنولوجيا التي جلبت فائدة عظيمه تتهيأ الآن لتسبب خراباً كبيراً".
واقتبس من تصريحات البطريرك الأرثوذكسي برتلماوس من أن "ارتكاب جريمة ضد الطبيعية يشكل خطيئة"، قال الكاردينال إن القادة الدينيين والأخلاقيين بحاجة لصقل "تحول كامل من القلوب، والعقول، والعادات، وأنماط الحياة، والمؤسسات".
ومتحدثاً عن الشركات والمؤسسات المالية قال تيركسون أنها "يجب أن تتعلم أن تضع الأولوية للاستدامة على المدى البعيد كأولوية تسبق موضوع الربح على المدى القصير، إضافة إلى الاعتراف بأن تحقيق الربح أو الخساره المالية يأتي في المرتبة الثانية... أمام الصالح العام". كما قال تيركسون أن الجميع مدعو لمعالجة هذا الأمر.
وقال الكاردينال "إن لكل شخص ذي نوايا حسنة دعوة ذاتية لاحتضان الفضائل الشخصية التي ترسي الأساس للتنمية المستدامة". وأضاف "نحن بحاجة إلى الابتعاد عن الإعجاب الخالي من العقلانية والإعجاب الشديد بالناتج المحلي الإجمالي والحماس لتراكمه. نحن بحاجة إلى أن نتعلم العمل معاً في سبيل تحقيق التنمية المستدامة، في إطار يربط بين الازدهار الاقتصادي من ناحية مع كل من الاندماج الاجتماعي وحماية الطبيعية من ناحية أخرى".
هذا وربط الأمين العام للأمم المتحدة بين إطلاق الرسالة البابوية وبين عدة أحداث أخرى ترتبط بتغير المناخ في عام 2015، قائلاً إنه يجب أن تكون "سنة للعمل العالمي" لمعالجة هذه المسألة. فمن بين أحداث العام المقبل ستقام قمة خاصة للأمم المتحدة في أيلول، حيث سيعمل قادة العالم على وضع جدول أعمال للتنمية العالمية في مرحلة ما بعد العام 2015. ومن بين الموضوعات الستة المقترحة لهذا الحدث هو "معالجة تغير المناخ وتحقيق أسلوب حياة يمنح استدامة أكثر للحياة".
وسيلقى البابا فرنسيس خطاباً في الأمم المتحدة خلال زيارته إلى الولايات المتحدة يوم 25 أيلول المقبل، وهو في اليوم الأول من القمة. وقال بان أن كلمة البابا ستكون الأولى من نوعها لخطاب يلقيه حبر أعظم أمام اجتماع عمل في الأمم المتحدة. كما سيجتمع زعماء العالم أيضاً في تشرين الثاني وكانون الأول المقبلين في باريس لحضور مؤتمر الأمم المتحدة حول تغير المناخ 2015.
جذب المنشور البابوي بخصوص البيئة انتقادات من بعض الجهات، خصوصاً من أولئك الذين يعبرون عن شكهم بتحقيق إجماع علمي واسع يتعلق بتغير المناخ العالمي. فقد عقدت اثنتان من هذه المجموعات مؤتمراً صحفياً في وقت سابق بالقرب من الفاتيكان، منتقدة بشدة لقاء اليوم وحذرتا بقوة البابا فرنسيس طالبة منه البقاء بعيداً عن هذا الموضوع.
في تصريحات له، قال تيركسون بصورة لافتة للنظر أنه على أغنى دول العالم يجب أن يتحمل العبء الأكبر في التصدي لآثار تغير المناخ. وعقد مقارنة لعشرة أشخاص يسيرون في الصحراء حيث شرب اثنان من المجموعة نصف ما لديهما من الماء. وتابع "في مثل هذه الحالة اليائسة، فإن الذين قد شربوا كل ما لديهم من الماء عليهم واجب أخلاقي للبحث عن واحة. عندما يجدونها، فعليهم واجب أخلاقي وهو إرشاد المجموعة اليها، والتأكد من صيانة حياة الجميع".
وأضاف تيركسون "هذا يشير إلى أن أغنى البلدان والأكثر استفادة من الوقود الأحفوري مجبرة أخلاقياً على المضي قدما وايجاد حلول لأمور ذات الصلة بتغير المناخ وذلك لحماية البيئة والحياة البشرية". وأضاف "يجب على مواطني البلدان الأكثر ثراء الوقوف جنباً إلى جنب مع الفقراء، سواء في الداخل أو الخارج. فلديهم التزام خاص لمساعدة إخوانهم وأخواتهم في البلدان النامية للتكيف مع تغير المناخ من خلال التخفيف من آثاره، والمساعدة على التكيف عليه".
كما تحدث أمين عام الأمم المتحدة بان في مؤتمر صحفي عقده هذا الأسبوع في إيطاليا، مع رئيس الوزراء ماتيو رينزي، حول أزمة المهاجرين الذين يموتون خلال عبورهم البحر المتوسط. ففي الأسبوع الماضي، قتل نحو 900 شخص عندما غرق قارب يحمل مهاجرين. فكثير من المهاجرين يغادرون ليبيا، وبعضهم يعبر عدة أميال من مناطق النزاع في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وتحدث بان بحزم ضد بعض الدعوات التي تطالب قوات عسكرية أوروبية بإغراق قوارب خطيرة وعشوائية يستخدمها مهاجرون ومهربون، معتبراً أن هذه "ليست الطريقة المثلى" للعمل. وقال "في كل حالة، وفي كل صراع، قد تكون الأعمال العسكرية فعّالة... ولكن ليس هناك بديل عن الحل السياسي".