موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٢٥ أغسطس / آب ٢٠١٦
الوطن العربي حقل تجارب

د. صلاح جرّار :

ما يشهده الوطن العربيّ الممزّق من تداعي الأمم عليه كما تتداعى الأكلة على قصعتها له أسبابٌ كثيرة قد يختلف الناسُ (والخبراء الاستراتيجيون العرب الذين لا يعدّون لكثرتهم!) في ترتيبها، فمنهم من يقدّم العامل الأخلاقي، ومنهم من يقدّم العامل الديني، ومنهم من يقترح العامل الجينيّ، ومنهم من يقدّم العامل الثقافي، ومنهم من يقدّم العامل السياسي، ومنهم من يرى أنّ الأمر لا يتجاوز المصالح الاقتصادية للدول العظمى، ومنهم من يردّ كلّ شيء إلى تواطؤ الغرب والشرق على العرب، ومنهم من يتحدث عن تنظيم عالمي خفيّ لا يعلم أهدافه ومخططاته إلاّ الله تعالى والراسخون في العلم، ومنهم من يردّ ذلك كلّه إلى المخططات الصهيونية العالمية لخدمة الاحتلال الصهيوني في فلسطين.

وفي رأيي أنّ هذه العوامل قد تكون كلّها صحيحة وقد تجتمع على الوطن العربيّ في وقت واحد ويعزّز بعضُها بعضاً، فالاقتصاد يوجّه سياسات الدول ويحدّد مساراتها، والسياسة تستثمر الدين و الخصائص الثقافية للشعوب لتحقيق غاياتها، وأقطاب الاقتصاد العالمي ورموزه يخططون سرّاً مستفيدين من عباقرة علم النفس والاجتماع والتربية والإعلام والحرب النفسية والإشاعة في تنفيذ مخططاتهم.

ولكنّ ذلك كلّه لا ينفي وجود مآرب أخرى من وراء ما يجري في بعض ساحات القتال مثل إيجاد سوق لبيع منتجات مصانع الأسلحة التي انتهت مدّتها، وإيجاد ميادين لتجربة الأسلحة الحديثة جدّاً، فقد وفّرت هذه الحروب الدموية على امتداد ساحة الوطن العربيّ فرصاً لكل الدول المنتجة للأسلحة لتجريب أسلحتها الجديدة وإجراء مناورات حيّة وبالذخيرة الحيّة وعلى أهدافٍ حيّةٍ حقيقية. إلى أن اضطرّت جميع الدول الراغبة في بيع أسلحتها القديمة وتجريب أسلحتها الحديثة إلى اقتسام مناطق نفوذها الجوي والبري في الوطن العربيّ فيما بينها، كما لو كان ما يحدث في الوطن العربيّ مناورةً عالميّة مشتركة.

أمّا دورنا نحن العرب في هذه المناورة العالمية فهو تقديم التسهيلات اللازمة و الذرائع الكافية لجميع القوى المشاركة في هذه المناورة.

ولعلّ ذلك ما يفسّر صمت ما يسمّى بالمجتمع الدوليّ إزاء استخدام أجيال حديثة من الطائرات المقاتلة والصواريخ بعيدة المدى والقنابل الفراغية وقنابل النابالم والقنابل العنقودية والقنابل الكيماوية والطائرات بلا طيّار والبوارج الحربيّة ضدّ أهداف مدنية ومدارس ومستشفيات ومخيمات وأسواق ومساجد وكنائس ومعالم أثرية بالغة الأهميّة في الأرض العربيّة.

(نقلاً عن جرية الرأي الأردنية)