موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٣١ أغسطس / آب ٢٠١٦
الهند تحت الأضواء قبل إعلان قداسة الأم تريزا والاحتفال بذكرى شهداء اوريسا

بقلم: باولو افاتاتو ، ترجمة: سامح مدانات :

 

كل الشروط متوفرة، وقد أعرب رئيس مؤتمر الأساقفة الكاردينال اوسوالد جراسياس عن أمله في أن يصار إلى الاعتراف بشهادة المسيحيين المئة وواحد الذين قُتلوا في موجة أعمال الحقد ضد الإيمان، والتي اندلعت في ولاية أوريسا الهندية عام 2008.

 

وحيث أن تاريخ إعلان قداسة الأم تيريزا لكالكوتا في الفاتيكان يقترب، ويوافق الرابع من أيلول الحالي، وأن حكومة ناريندرا مودي تعلن بأن وفدًا رفيع المستوى (لا يشمله هو) سيُرسل بهذه المناسبة، فهناك أمرٌ آخر يستحوذ على اهتمام المحكمة بخصوص الكنيسة الهندية. وهي تخص العلاقات الحساسة مع الحكومة الوطنية والتي تقود حاليًا أكبر ديموقراطية في العالم.

 

إنه حدث مؤلم، يتحدث عن الألم، العنف، الاغتصاب، الاعتداء، التدمير والتشريد: العنف الذي لا مبرر له والموجه ضد المدنيين العزل، والذي أدى إلى مقتل 101 ضحية، وأعمال التدمير المدبرة علميًا لـ8500 منزلاً و395 كنيسة  وتهجير 56000 من المسيحيين، الذي تم نفيهم من قراهم بشكل دائم، فقد فقدوا منازلهم وممتلكاتهم وكل وسيلة للرزق.

 

وبعد ثمان سنوات من هذا الحدث والذي يرتقي أساسًا إلى التطهير العرقي، تاركًا ندبًا دائمًا في قلب الجماعة الكاثوليكية في البلاد (وقد كان الحدث الأكثر شراسة في العنف الجماعي ضد المسيحيين)، تحتفل كنيسة وسط-شرق الهند بـ"يوم الشهداء" سنويًا على مدار ثلاثين عامًا الماضية. وتتوقع أن تقوم كل الأمة، ابتداءً من مؤتمر الأساقفة المحليين أن يعترفوا  بهذه القضية، وبذلك يصبحون وكلاء لإجراءات إعلان قداسة حقيقية.

 

إن أسقف كتاك بهوبانيسوار، المطران جون باروا، نشيط جدًا في هذا المضمار. إنه رئيس أساقفة مقاطعة اوريسا، التي اختارت أن تحتفل بذكرى الشهداء في اليوم التالي من الاحتفال بذكرى استشهاد يوحنا المعمدان. وقد شرح المطران لاروا لوكالة أنباء الفاتيكان قائلاً: "كان هذا القرار قد اتُخِذَ لتكريم واحترام هؤلاء الذين فقدوا حياتهم في المذبحة ضد المسيحيين في عام 2008 في مقاطعة  كاندهامال". وأضاف أنه تم مناقشة هذا الأمر في اجتماع الجمعية العامة لأساقفة الهند والذي عقد في مدينة بانجالور في الربيع المنصرم.

 

وفي هذه الأثناء عينت الكنيسة فريقًا خاصًا من الكهنة والباحثين ليقوموا بتوثيق الأحداث التي أدت إلى مقتل 101 مسيحيًا في أوريسا، وذلك تحضيرًا لمرحلة الأبرشية في إجراءات إعلان الاستشهاد. لكن الإيمان ليس الموضوع الوحيد هنا، ولكن هناك أيضًا تداعيات إنسانية وقانونية يجب أن تؤخذ بالاعتبار: إن الجماعة تواصل المطالبة بعدالة كاملة وتعويضات مناسبة للناجين من المذبحة.

 

وفي المعركة القانونية التي تم اطلاقها، حصل المسيحيون مؤخرًا على حكم مؤآتٍ لصالحهم: فقد أيدت المحكمة العليا استئنافًا فدمه رئيس الأساقفة السابق رفائيل شيناث، الذي توفي قبل عدة أيام، معتبرة أن التعويضات التي مُنحت حتى الآن ليست مناسبة، وأصدرت أمرًا إلى حكومة أوريسا لتزويد تعويضات إضافية للعائلات المسيحية. كما قررت المحكمة بأن تُعاد دراسة وفحص 315 قضية عنف. وكان قد تم الابلاغ عن كل هذه القضايا في مركز الشرطة، لكن مركز الشرطة فشل بإجراء تحقيقات مناسبة ومنصفة في الشكاوى.

 

ونتيجة لهذه الخطوة الأولى، حتى بعد ثمان سنوات، فإن حكومة الولاية ما زالت ملزمة بواجب ضمان ألا يترك منفذو هذه الجرائم بدون عقاب. كما أنها تؤكد أيضًا أن عنف كانهامال لا يُتَغَاضى عنه. لهذا السبب تدعم صحيفة دلهي الأسبوعية "انديان كارانتس"، التي يديرها الراهب الكبوشيي سوريش ماتيو، الحاجة إلى تكريس يوم لهذه الذكرى، مخصصة عددًا خاصًا يسلط الضوء بشكل حصري على شهداء اوريسا، ومتحدثة عن "صورة العدالة الزائفة".

 

فمن جهة، تعيد الصحيفة إلى الأذهان أن ما يقارب ثلث الشكاوي البالغ عددها 827 وقدمها المسيحيون، قد تم تأجيلها ووضعها على الرف، لأن الشرطة كانت غير قادرة على تعقب المسؤولين عنها. ومن بين 362 قضية رُفعت، تم الاستماع إلى 78 قضية فقط في المحكمة. ومن جهة أخرى فقد خسر المسيحيون معظم القضايا لأنه تم تهديد شهود العيان، ولم تقم الحكومة بتأمين الحماية لشهود أكثر الجرائم رعبًا.

 

ومنذ ثمان سنوات، لم تقم حكومة اوريسا بأي عملٍ لضمان عودة النازحين إلى منازلهم، سامحة بالاحتلال غير الشرعي والقسري لممتلكات يملكها آخرون، وهي أعمال تظهر جليًا أن الحكومة لا ترغب في طرحها للتساؤل.