موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٧
النجوم الجدد

د. صبري ربيحات :

قبل أن تصل ثورة الاتصالات مداها الذي نعرفه اليوم كان الاشخاص يكسبون شهرتهم ومكانتهم من المواقع التي يشغلونها والمنجزات التي يحققونها في ميادين الفكر والعلم والسياسة والاقتصاد والفن والاخلاق والمجتمع والرياضة وغيرها من المجالات والمهن والانشطة التي يقوم بها الافراد ويبدعون فيها.

القادة والرواد والنجوم يتميزون عن بقية الافراد بأنهم موضع للاهتمام وللتقليد والاعجاب والتقدير، فهم شخصيات مؤثرة يتطلع الناس الى ما يقومون به، ويتابعون سِيَرَ حياتهم، ويشعرون بأنهم يعرفونهم جيدا وعلى صلة بهم يلاحقونهم ويقلدونهم، وقد يتعلق البعض بهم لدرجة التعصب لهم والتوحد معهم كما يفعل الصغار مع نجوم الكرة او الشخصيات الكرتونية، فيلبسون لباسهم ويحرصون على محاكاتهم في المظهر واللباس والتصرف.

في عصر الإقطاع كان غالبية النجوم يأتون من الطبقات الحاكمة وبعض الفرسان الذين يولّدهم المخيال الشعبي على هيئة ثوار ولصوص ظرفاء وصعاليك في محاولة لامتصاص الاستياء الشعبي من الممارسات الجائرة للطبقة الحاكمة. أما في عصر الصناعة والتحضر فقد اصبح النجوم يتوالدون في مختلف ميادين ومجالات الحياة، ومن بين الذين أتقنوا اعمالهم ووضعوا بصماتهم على المجالات والمهن والاعمال والميادين التي دخلوا اليها.

في وسائل التواصل الاجتماعي هناك اشخاص يعيشون على شاشات اجهزتهم. فقد قرروا ان يبثوا تفاصيل حياتهم اليومية لجمهور المتابعين على شبكات التواصل الاجتماعي. في الأردن الذي يعتبر من المجتمعات المحافظة نسبيا هناك العديد من الصبايا والشباب الذين لا يترددون في نقل انشطتهم والحديث عن خياراتهم وموجودات غرف نومهم واصدقائهم طمعا في كسب المزيد من المتابعبن والمعجبين.

بعض الاشخاص يجدون في العالم الوهمي المتعة التي افتقدوها في حياتهم الطبيعية فتجدهم يحدّقون لساعات بشاشات اجهزتهم الخلوية بانتظار فيض التعليقات والاعجاب من جموع المتابعين الذين يتزايدون بعد كل دفقة من مخزون الوعظ والحكمة والانسانية المذابة في رسائلهم.

أعداد المتابعين والمعجبين ببعض نجوم الانستجرام والسناب شات يفوق تعداد سكان محافظات الاردن مجتمعة. كما تحظى الإطلالة الصباحية لبعضهم على إعجاب الملايين ممن يجدون في دعوات المتابعة وموضوعها إثارة تتفوق على كل البرامج وخطط الانتاج والاعداد والاخراج التلفزيوني التي يجري تنفيذها بعناية وتحت اشراف العشرات من المختصين والفنيين.

النجوم الجدد في مجتمعنا ظاهرة ملفتة تؤشر على قوة وتأثير الادوات والاسلوب والاشخاص في الوصول الى الناس وتحريك مشاعرهم. في الاردن اليوم اكثر من مئة نجم يحظون بمتابعة ما يزيد على ثلاثين مليون شخص او ما يساوي ثلاثة اضعاف سكان الاردن. الكثير من الاشخاص الذين حققوا هذه المستويات من الجماهيرية ليسوا اثرياء ولا ساسة او حتى إعلاميين حسب التعريف التقليدي للإعلامي.

بعض النجوم الجدد هواة لا خبرة اعلامية لديهم، فالكثير منهم ربات بيوت واقارب لمشاهير ومتنفذين وطلبة جامعات واشخاص عرفوا بغرائزهم ما يمكن ان يثير الاهتمام وعبروا عن اختلافهم وتميّزهم واستعدادهم للبوح خارج الاطر الرسمية وبعيدا عن قوالب الرسائل التي غالبا ما تدفن المعاني والمضامين التي أُعدت من اجلها. اقبال الجمهور على متابعة الرسائل ومعرفة "السنابرز" بما يستميل الجمهور ويديم تواصله مع قضايا يمكن ان يستفيد منها الاعلام الرسمي والاهلي الذي ما يزال يعتقد بان الجمهور يحتاج الى ديكورات جديدة ونظام بث احدث لكي يعود لمتابعة برامجهم.

الاشخاص الذين يملكون القدرة على الاتصال والتأثير بأدوات العصر موارد مهمة للمجتمع وطاقات خلّاقة تكشف عن مدى العجز في خطابنا الاعلامي ودوراننا في حلقة مفرغة بحثا عن التحديث المنشود.
استمرار اعتقادنا بان قادة مجتمعنا وشخصياته المؤثرة هم المخاتير وشيوخ القرى والمتقاعدون والمتعاونون مع الحكام الإداريين والاجهزة الامنية والسابقون من الوزراء والنواب صحيح من الناحية الشكلية لكنه بحاجة الى مراجعة وإعادة تصنيف ليشمل الشخصيات المؤثرة الجديدة من السنابرز ونجوم التويتر والانستجرام والفيس بوك ممن يزيد أعداد عشائرهم الجديدة عن عدد افراد الكثير من عشائرنا.

(نقلا عن الغد الاردنية)