موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٢١ يوليو / تموز ٢٠١٥
النبي ايليا وتـل مار الياس (ايليا)

فادي شوكت حداد، دليل سياحي أردني :

يقع تل مار الياس في محافظة عجلون ويمكن الوصول اليه بالاتجاه يمينا بالقرب من الفندق على طريق القلعة باتجاه الوهادنه ومن ثم باتجاه اشتفينا أو من جهة اشتفينا بالاتجاه جنوبا. وبالقرب من التل الكبير (مار الياس) الى الشمال الغربي تقع قرية لستب، وهناك ايضا بالقرب من مثلث اشتفينا المؤدي الى مار الياس يقع موقع ام الهيدموس (قرب مكتب البريد) وجميعها مواقع مرشحة لأن تكون بلدة (تشبى) مسقط رأس النبي أيليا (الياس). وسيتم التركيز هنا على تل مار الياس الذي يحوي آثار المجمع الكنسي الذي بني في الفترة البيزنطية تكريما للنبي العظيم ايليا.

على قمة التل المسمى (مار الياس: القديس ايليا) قام المسيحيون الأوائل ببناء دير ومجمع كنسي وجدت منه الى الان كنيستان. وعند الوقوف على اعلى التل والنظر الى الغرب تظهر آثار قرية (لستب) القديمة حيث عثر على بقايا تعود للعصور الرومانية والبيزنطية والاسلامية المتأخرة ولم يعثر على دلائل تشير الى استيطان في فترة العصر الحديدي مما دعا بعض علماء الآثار الى الاشارة لموقع (ام الهيدموس) القريب من التل ليكون مرشحا كموقع لقرية (تشبى) الكتابية وهناك تم العثور على دلائل تعود للعصر الحديدي (فترة أيليا ) (ب. مكدونالد).

وقد ذكرت تشبى في كتاب الأسقف يوسيبيوس القيصري (الأنوماستكون) حيث سماها (ثسبا: حيث كان ايليا) ووصفت لنا الحاجة أيجيريا (394م) خلال رحلة حجها الى الأرض المقدسة مسار رحلتها الذي تضمن تشبى: "وسافرنا عبر وادي الأردن وكانت الطريق تمر بجانب ضفة النهر. وبعدها رأينا (تشبى) المدينة التي اخذ منها النبي ايليا لقبه (التشبي). الى هذا اليوم لا يزالون يحافظون على الكهف حيث عاش، وكذلك على قبر (يفتاح) المذكور في سفر القضاة. وهناك قدمنا الشكر لله بطريقتنا المعتادة وتابعنا المسير. وفي الطريق شاهدنا وادي على يسارنا وفيه مياه تنحدر باتجاه نهر الأردن. في هذا الوادي كان يقيم أحد الأخوة الرهبان وسألته عن سبب اقامته في الوادي وهذا ما أخبرني به: هذا هو وادي الكريت حيث اقام النبي ايليا خلال حكم الملك آحاب اثناء المجاعة وأرسل له الله الطعام بواسطة الغربان وكان يشرب من هذا الوادي..." (رحلة ايجيريا فصل 16 بحسب ويلكنسون 1999).

أن وادي كريت المذكور هنا هو وادي اليابس (المطران سليم الصايغ) ولو ان بعض الباحثين يعتقدون انه في منطقة المغطس.

الكنيسة الأولى (الصغرى) تقع الى الغرب من التل على يمين الدرج الرئيسي، وهي منخفضة عن قمة التل والاعتقاد بأنها بنيت قبل الكنيسة العليا (يرجح القرن السادس الميلادي) ويمكن بوضوح مشاهدة الحنية الشرقية للكنيسة.

الكنيسة الثانية (الكبرى) تقع أعلى التل وهي كبيرة نسبيا (طولها حوالي 33م) وبنيت على شكل صليب باتجاه الشرق كالعادة في الكنائس البيزنطية. وقد كانت ارضيتها مرصوفة بالفسيفساء حيث عثر على نقشين واضحين للزائرين أحدها بالقرب من المدخل الغربي على خلفية حمراء اللون وفيه طلب بركة القديس ايليا للكاهن (صابا) وزوجته ويعود لسنة 622م.

والى الشمال من المدخل الرئيسي للكنيسة تقع غرفة المعمودية والتي يبدو انها كانت منفصلة عن بناء الكنيسة وفيها جرن المعمودية وارضية فسيفساء مع كتابة جميلة تقول: ان الطفل المعمد هو تقدمة لله لمغفرة خطاياه ولحياة طويلة (ب.مكدونالد). وتم ايضا العثور على عدد من القبور والغرف خصوصا جنوب الكنيسة العليا.

ايليا (الياس)

هو نبي العهد القديم (أيليا) ومعنى اسمه: الهي هو يهوه، ينحدر من منطقة جلعاد من مدينة تدعى (تشبى) لذلك كان دوما يدعى أيليا التشبي (1 ملوك 17: 1 ، 21: 17 ، 21: 28 ، 2 ملوك 1: 3 ، 1: 8، 9: 36). والنبي ايليا كان نبي معجزات: انزال المطر، حرق الثور الذي قدم محرقه امام الملك وانبياء بعل الأربعمائة والخمسون وحتى اعادة الروح الى ابن ارملة صرفة صيدا المتوفى…، الى ارتفاعه الى السماء بعربة من نار على ضفاف نهر الأردن. وقد عاش ايليا في القرن التاسع ق.م وعاصر الملك آحاب والملك أخزيا الذي تنبأ ايليا بموته على فراش المرض ( ملوك 1 : 4).

وايليا كان بحسب النبوءات سيعود ثانية قبل مجيء المسيح (ملاخي 3: 1 ، 3: 23) ولذلك نجد رؤساء اليهود يسألون السيد المسيح في اكثر من مناسبة بأنه اذا كان (يدّعي) انه المسيح المنتظر فأين هو ايليا في مجيئه الثاني والذي بحسب النبوءات سيأتي قبله، ويجيبهم السيد المسيح بأن ايليا قد عاد فعلا بشخص يوحنا المعمدان (… ففهم التلاميذ انه كان يكلمهم عن يوحنا المعمدان. متى 17: 9-13) (مرقس 9: 11-13). وهو اي يوحنا الذي قال عنه ملاك الله في بشارته لزكريا ابيه "ويسير أمام الناس بروح ايليا وقوته .." (لوقا 1: 17 ).

ولا شك ان عظمة ايليا تظهر بوضوح في جبل التجلي حيث يظهر مع موسى النبي ويقف بطرس ويعقوب ويوحنا ينظران الى السيد المسيح وهو يكلم ايليا وموسى (متى 17: 1-8 ، مرقس 9: 2-8، لوقا 9: 28-36).

بعد ان حانت ساعة رحيلة للسماء، ذهب ايليا ومعه اليشع من الجلجال الى بيت ايل ومنها الى اريحا حيث توجها الى الجهة المقابلة من نهر الأردن (منطقة المغطس) ومن هناك انتقل ايليا الى السماء بعربة من نار تجرها الخيول في منظر مهيب تاركا الرداء الذي كان يضعه على كتفيه للنبي اليشع (2 ملوك 2).

ولد ايليا في جبال الأردن وانتقل الى السماء من الأردن على الضفة الشرقية للنهر المقدس، لقد كان قطعا نبيا أردنيا!!