موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الخميس، ٢٨ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٧
المفوض السامي لحقوق الإنسان لن يترشح لولاية ثانية حفاظا على "نزاهة صوته"

فرانس 24 :

لا "يلتمس" زيد رعد الحسين الترشح لولاية ثانية بعد انتهاء الأولى في أيلول 2018. فقد أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في 20 كانون الأول لفريقه أنه لن يواصل مهمته، معتبرا أنه من المستحيل الدفاع دون أي تنازلات عن الصبغة الجامعة لحقوق الإنسان في ظل الأوضاع العالمية الراهنة.

وأوضح الدبلوماسي البالغ من العمر 53 سنة في بريد إلكتروني موجه لفريقه: "إذا كان علي أن أفعل ذلك ضمن السياق الجيوسياسي الحالي، فكأنني أركع وأتوسل وأقلل من استقلالية ونزاهة صوتي – الذي هو صوتكم". وكان الحسين قد اعتبر عند توليه وظيفته أن هذا المنصب لا يجب شغله سوى لولاية واحدة، لأجل تفادي الضغوط والمساومات في الكواليس.

زيد رعد الحسين ينتمي للعائلة الملكية الأردنية، وكان أول مسلم وعربي يشغل منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة. وهو متمرس بطرق العمل داخل المنظمة، ففي تسعينيات القرن الماضي شارك في مهمة تدخل القبعات الزرق في يوغوسلافيا السابقة، ثم أصبح سفير بلاده لدى الأمم المتحدة في سنة 2000 ليشغل المنصب مدة عشر سنوات.

زيد رعد الحسين لا يتخاذل أمام الانتقادات

في المشهد الدبلوماسي، ثبات صوت زيد رعد الحسين أمر غير قابل للنقاش. وقد جعله حضوره الإعلامي وهيبته شخصا مسموعا. فمنذ بداية ولايته، لم يتردد "الفارس الأبيض للأمم المتحدة" أبدا في انتقاد علني للبلدان، كبيرة كانت أم صغيرة، حين لا تحترم حقوق الإنسان الأساسية.

فأدان اضطهاد الروهينغا في بورما أونغ سانغ سو تشي، وندد بدعم روسيا لحكومة بشار الأسد، كما لم يسلم الأوروبيون من انتقاداته.

وفي خطاب ألقاه في لاهاي في عام 2016، انتقد زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" الفرنسي اليميني المتطرف مارين لوبان، والبريطاني نايجل فاراج المتطرف والمدافع عن بريكسيت، وكذلك الزعيم اليميني الهولندي غيرت فيلدرز، والذي يعرب علنا عن كرهه الأجانب.

فلم يتردد زيد رعد الحسين في مقارنة وسائل هؤلاء المتطرفين اليمينيين بتلك التي يعتمدها تنظيم "الدولة الإسلامية". وقال: "تستخدم دعاية تنظيم الدولة الإسلامية، من خلال أسلوب الاتصال وأنصاف الحقائق والتبسيط المفرط، تكتيكات مماثلة لتلك التي يتبعها هؤلاء الشعبويون. وكل عنصر من هذه المعادلة يعود بالنفع على الآخر".

لكن اليمين المتطرف لم يكن الهدف الوحيد لسهام الدبلوماسي الأردني. ففي مناسبات عديدة، أعرب عن قلقه بشأن موقف الحكومات الأوروبية إزاء الإرهاب وأزمة الهجرة. وفي مقابلة مع صحيفة "لا كروا" الفرنسية في 18 ديسمبر/كانون الأول، أدان "ميل السلطات في أوروبا إلى الإفراط في رد الفعل بعد الأعمال الإرهابية".

بالنسبة لمفوض حقوق الإنسان، "الخطر على أوروبا في خضم أزمة المهاجرين هو إنكار قيمها عبر عدم احترامها المعايير الدولية التي ساهمت في إنشائها عقب الحربين العالميتين".

تراجع الالتزام الأمريكي بشأن حقوق الإنسان

انتقد زيد رعد الحسين خصوصا ومرارا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. فخلال الحملة الانتخابية الأمريكية وصف تصريحات المرشح الجمهوري للبيت الأبيض بشأن المسلمين بأنها "غير مسؤولة بتاتا". في 18 كانون الأول 2017 حذر الحسين في مقابلة مع وكالة فرانس برس من تهجمات ترامب المتكررة على وسائل الإعلام، وقال إنها قد تؤدي إلى ارتكاب أعمال عنف ضد الصحافيين.

أمام موظفي وزارة الخارجية الأمريكية، كان ريكس تيلرسون واضحا في أيار 2017 عندما أكد أن حقوق الإنسان، والتي سماها "القيم الأمريكية"، مهمة لكن أهميتها لا تضاهي المصالح وأمن الولايات المتحدة. وقد كان دونالد ترامب وبعد فترة وجيزة من تنصيبه، قد مهد لهذا التحول بقوله إن التعذيب مبرر باسم الأمن الوطني. ولم يبخل زيد رعد الحسين بانتقاداته عندما ضاعف ترامب عمليات التراجع عن الالتزامات مع المؤسسات الأممية.

في أكتوبر/تشرين الأول انسحبت واشنطن من اليونسكو وفي وقت سابق، تحديدا في سبتمبر/أيلول 2016، انسحبت من الاتفاق العالمي حول اللاجئين والمهاجرين الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي 20 كانون الأول، وجه دونالد ترامب تحذيرا صارما للأمم المتحدة مهددا بوقف تمويلات بلاده، وهي المساهم الرئيسي، في حال أدانت المنظمة اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل.

احتمال أن يكون أنطونيو غوتيريس قد طلب من زيد رعد الحسين تهدئة الأجواء

إذا كان الحسين لم يذكر دونالد ترامب مباشرة في البريد الإلكتروني الذي يوضح فيه نيته عدم الترشح لولاية ثانية، ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الإلكترونية أن مفوض حقوق الإنسان كان محل ضغوط الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريس من أجل العدول عن انتقاداته للرئيس الأمريكي.

أحدث منصب المفوض السامي لحقوق الإنسان عام 1993، ويقضي أن تكون وظيفته مستقلة فيما يتعلق بالمصالح الجيوسياسية لمختلف الأعضاء لذلك يعينه الأمين العام للأمم المتحدة مباشرة.

ويبدو اليوم أن العلاقة مع الأمين العام للأمم المتحدة تشهد بعض الفتور، وإن كان الناطق الرسمي باسم غوتيريس قد أكد أن "يحظى المفوض السامي بدعم الأمين العام" دون أن يقال إن الأخير يدعم ولاية ثانية للأردني.