موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٣ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٩
المطران يلدو يكتب: النخوة والغيرة العراقية تجدهما في ساحة التحرير

المطران باسيليوس يلدو :

عندما توجهنا يوم السبت 2 نوفمبر 2019 الى ساحة التحرير مع الكردينال ساكو للتبرع بالادوية الى الجرحى، قالوا لنا لا يمكنكم الدخول الى الساحة المركزية إلا بواسطة التوكتوك (وهي مركبة صغيرة لأصحاب الدخل المحدود انتشرت في العراق بالآونة الاخيرة)، فناديت الى احد اصحاب التوكتوك لينقلنا الى ساحة التحرير وجاء الأخير مسرعًا، وكان شابًا صغيرًا، وصعدنا في عربته، وقبل وصولنا طلب مني غبطة البطريرك أن اكرمه لموقفه هذا، لكنه رفض ان يأخذ مني اي مبلغ وقال لي بالحرف الواحد: مستحيل، هذا شرف لي ان اوصلكم؟ رغم انه من الطبقة الفقيرة ويحتاج الى هذا المبلغ، لكن غيرته ونخوته العراقية لم تسمح له! اما انا فلم يبقى امامي سوى ان احترمه واقبله وانحني امامه.

هذا كان الموقف الاول، ثم ما ان وصلنا الى ساحة التحرير حتى رأيناها خلية نحل من الشبان والشابات العراقيات، منهم من ينظف الشوارع (خاصة الفتيات) ومنهم من يطبخ للمتظاهرين ويجهز الطعام ومنهم من يوزع العصائر مجانا، ومنهم من يغني ويهتف لغدٍ افضل، ام القوات الامنية فكانت تسهل عملية السير وتساعد من يطلب منهم.

بعد ذلك توجهنا الى وسط الساحة قرب المطعم التركي (مبنى من 14 طابق) وفيه اعداد هائلة من الجماهير التي ترفع كلها العلم العراقي، وفعلا اصبح هذا العلم الذي يحمله الجميع رمز هويتهم ومفتاح الدخول الى ساحة التحرير.

الشيء الاخر هو التلاحم الكبير بين ابناء الشعب العراقي بكل مكوناته وطوائفه، فهناك راينا المحبة الحقيقية عندما كانوا يهتفون امام موكب البطريرك: اهلا بإخواننا المسيحيين، تحية للبابا، شرفاء انتم، والنعم منكم، انتم تاج على الرأس…

ماذا نكتب ونقول بعد:
عن الاطباء والمتطوعين وهم يداوون جراح اخوانهم،
المحامين وهم ينصبون خيمة لهم ليدافعوا عن شعبهم،
العسكريين وهم مرابطون ليل نهار لأجل حماية بلدهم،
الفنانين وهم يرسمون على جدران نفق التحرير اجمل لوحات عراقهم،
هذا هو العراق الذي نعرفه، اهل الشهامة والطيبة والكرم.
إن شاء الله تعود يا عراق سالمًا منعمًا وغانمًا مكرمًا.