موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
العالم العربي
نشر الإثنين، ٢٩ سبتمبر / أيلول ٢٠١٤
المطران لحّام يحتفل بالقداس في كنيسة القديس ميخائيل في الشارقة
فادي مرجي، مندوب أبونا في الإمارات :

ترأس المطران مارون لحّام، النائب البطريركي للاتين في الأردن، القداس الإلهي الذي أقيم في كنيسة القديس ميخائيل الكاثوليكية في إمارة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة، بمشاركة الأب آني كزافيار، كاهن الرعية، والأب وسام مساعدة، كاهن الجالية العربية في الرعية.

وتأتي زيارة المطران لحّام بالتزامن مع انعقاد اجتماع الأساقفة اللاتين في البلدان العربية، حيث تبدأ فعالياته مساء اليوم الاثنين في كنيسة القديس أنطونيوس البادواني في رأس الخيمة.

وبعد أن رحب به الأب وسام مساعدة، كاهن الجالية العربية في الرعية، كان للمطران لحّام العظة التالية، المخصصة للأحد السادس والعشرون من الزمن العادي:

ليست هذه المرّة الأولى التي يقول فيها السيد المسيح أنه لا يريد أقوالاً بل أفعالاً. "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات، بل من يعمل بمشيئة أبي الذي في السموات هو الذي يدخل ملكوت السموات". نفس معنى إنجيل اليوم. ابن يقول لأبيه: "نعم أذهب" ولا يذهب، والابن الآخر يقول: "لا أريد أن أذهب"، ثم يندم ويذهب.

الدرس من هذا المثل درسان.

الدرس الأول واضح. الله تعالى لا يريد مظاهر، لا يريد الكلام المعسول، الكلام الجميل. لا يريد اللسان الحلو، بل يريد القلب المحب والعمل الجاد. يريد منا إن قلنا أمراً ما أن نعنيه وأن نقوم به بالفعل. كيف يحصل هذا؟ يحصل عندما نعمل بمشيئة الله. عندما يكون فكرنا مطابقاً لفكر الله ومشاعر قلبنا متطابقة مع مشاعر قلب الله، وعملنا متطابقاً مع مشيئة الله. هنا يصبح السؤال: وما هي مشيئة الله كي نقبلها ونعمل بها؟ مشيئة الله هي مشيئة الوالد في مثل اليوم: "إذهب واعمل في الحقل". مشيئة الله تقول للمؤمن اليوم: "إذهب واعمل في الحقل". الله له حقل؟ نعم، له حقل. العالم كلّه له حقل الله. والمسيحي مرسَل (إذهب) ليعمل في هذا الحقل الواسع. إذهب واعمل. اعمل في جميع المجالات التي أرسلك إليها. إليكم أمثالاً على هذه المجالات:

المجال الأول هو الإنسان نفسه. المؤمن نفسه، المسيحي نفسه. المسيحي يجب أن يعمل على ذاته، على ميوله، على نقاط ضعفه. يجب أن يعمل كي يصبح فيه، كما يقول بولس الرسول: "من الأفكار والأخلاق ما في الرب يسوع". من منا أفكاره وأخلاقه مثل أفكار وأخلاق الرب يسوع. لهذا السبب يجب أن نعمل على ذواتنا، أي أن نُصلح ذواتنا باستمرار.

المجال الثاني هو الأسرة. المسيحي المؤمن مُرسل ليعمل مشيئة الله في نطاق أسرته، مهما كان دوره بالأسرة: أب، أم، ابن، ابنة، جد أو جدة. ما هو المطلوب في العائلة؟ المطلوب أن تصبح العائلة كنيسة بيتية. أن تكون العائلة مكاناً للصلاة، مكاناً يُذكر فيه اسم الله ويُحترم فيه اسم الله وتُقرأ فيه كلمة الله وتُعاش فيه كلمة الله كما تعاش فيه القيم المسيحية من محبة ورحمة ومغفرة وتسامح وتعاون.

المجال الثالث هو الرعية. إذا كانت الأسرة كنيسة بيتية، فالكنيسة أيضاً بيت الله. بيت الله المزروع بين بيوت البشر، بين بيوتكم. والعمل بمشيئة الله في الرعية معناه الإلتزام بحياة الرعية من خلال الصلاة والقداس والمناولة وقبول الأسرار، ومن ثم من خلال العمل فى مختلف نشاطات الرعية (مجلس رعية، أخويات، شبيبة، عائلات مريم، تعليم مسيحي، ترتيل...) كل حسب وقته وطاقاته.

المجال الرابع هو المجتمع. هذا هو حقل الله الواسع الذي يرسل الله إليه كل إنسان معمّد، وبالخصوص أنتم المؤمنون العلمانيون. رسالة العلماني في المجتمع هي أن يحمل وأن ينشر القيم المسيحية في مكان عمله: العدل، المحبة، الاستقامة، حب الفقير والمحتاج. هذا هو الدرس الأول.

الدرس الثاني في إنجيل اليوم نأخذه من موقف الابن الأول الذي قال: "لا أريد أن أذهب"، ثم ندم وذهب، فنال رضى والده. ما هو الدرس؟ الدرس هو أننا في علمنا لا نستجيب دوماً لمشيئة الله. نقول: "لا أريد". المهم، كي ننال رضى الله، ألا تكون كلمة "لا أريد" الكلمة النهائية. فكما أن الابن ندم فيما بعد وذهب وعمل في الحقل، هكذا نحن مدعوون إلى الندامة عندما نرفض العمل بمشيئة الله لسبب ما (ضعف أو تعب أو ملل...). المفروض أن نعود إلى رشدنا ونستغفر الله ونعود إلى العمل بمشيئته، أي إلى العمل في الحقل. نحن نعلم أن الله أب، والأب لا ينتقم من الابن الذي يخالف أوامر أبيه أو يبتعد عنه كما فعل الإبن الأصغر في مثل الابن الضال، بل ينتظر عودته بفارغ الصبر، وعندما يراه مقبلاً من بعيد يسرع إليه ويعانقه ويغفر له ويعيد إليه كرامة الابن.

أيها الإخوة والأخوات، هذا ما يقوله لنا الله في إنجيل اليوم. لنطلب منه النعمة كي لا نقول أبداً له: "لا أريد"، كما نطلب منه النعمة إن قلنا "لا أريد"، أن نعود ونطلب المغفرة ونعمل في حقله الواسع.

أخيراً، أقدم التهاني لكاهن الرعية ولكم جميعاً بعيد الملائكة القديسين، شفعاء هذه الرعية. ليبارككم الله ولتسهر عليكم مريم البتول وليحميكم شفعاؤكم رؤساء الملائكة. آمين