موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٥ يناير / كانون الثاني ٢٠١٨
المسيحيون يصلون من أجل وحدتهم: مسيرة ’للتذكير والتحفيز‘، وخبرٌ مفرح

هالة حمصي – النهار اللبنانية :

اليوم لقاء البقاع، وغدا الشمال، ثم الجنوب، قبل اختتام اسبوع الصلاة من اجل وحدة المسيحيين. في مواعيد هذا الاسبوع السنوي (18- 25 ك2)، لقاء صلاة يجمع المسيحيّين في ساعة واحدة. من خلال هذه الصلاة، "يكمّلون المسيرة نحو الوحدة"، على قول الامين العام لمجلس كنائس الشرق الاوسط رئيس الجامعة الانطونية الاب الدكتور ميشال الجلخ الانطوني لـ"النهار".

المسيحيّون مواظبون على أسبوعهم، و"المسيرة نحو الوحدة تشكل تحفيزا وتذكيرا بانهم منقسمون"، وفقا له. خطوات "كثيرة" تحققت، و"لا نزال نحتاج الى تحقيق تقدّم في أمور كثيرة". اصرار على مواصلة الحوارات والتفاؤل. وهناك ايضا خبر مفرح. "مجلس كنائس الشرق الاوسط تجاوز ازمته المالية" التي عصفت به من اعوام عدة. وردا على اي تشكيك، يؤكد الجلخ ان بقاءه "ضرورة، لان من دونه لا تواصل بين مختلف الكنائس".

"للتذكير والتحفيز"

بدءًا بـ"اسبوع الصلاة من اجل وحدة المسيحيين". وهو ابعد من ان يكون مجرد محطة رمزية بالنسبة الى الجلخ. "صلاتنا في هذا الاسبوع تكمّل صلاة يسوع نفسه على جبل الزيتون (يوحنا 17)، ويكمّل من خلالها المسيحيون المسيرة. هذه المسيرة هي الاهم، وليس الذكرى السنوية بذاتها. مسيرتنا نحو الوحدة هي التي ستبقى. نواصل الصلاة. ربما نصل، وقد لا نصل الى نتيجة"، على قوله. في الاعتبارات ايضا، هذه المسيرة "تشكل تحفيزا وتذكيرا بان المسيحيين منقسمون. وبقاؤهم منقسمين يعني ان جسد يسوع المسيح السري منقسم".

بهذه "الحقيقة" خصوصا، يجدّد اسبوع الصلاة التذكير. وهذا يعني ايضا "اننا في انتظار دائم لتحقيق هذه الوحدة"، بتعبير الجلخ. "لو لم تكن مهمة، لما صلّى يسوع المسيح من اجلها. لقد شكّلت همّا لديه". لذلك يصلي المسيحيون معًا في هذا الاسبوع، "ونكبّ صلاتنا وآمالنا عند يسوع، وهو الذي يضمن الوحدة".

لماذا نلقي بهذه المسؤولية على يسوع المسيح، فيما الانقسام بين المسيحيين من صنع المسيحيين انفسهم؟ يجيب: "الوحدة عطية من الروح القدس، وليست عقدا نجريه بين الكنائس. الوحدة لا تصنعها فقط ارادة البشر. هل تعتقدين ان اي مسيحي مؤمن بالتجسد والثالوث الأقدس والفداء يتمنى ان يكون منقسما عن البقية؟

*نعم. هناك من يريدون ان يبقوا منقسمين، والا تكون هناك وحدة.

-لا، لا اوافقك الرأي. ربما هناك اشخاص يودون ان يكونوا وحدهم، والا يتبعوا احدا، او يريدون من الآخرين ان يتبعوهم. من يفكرون بهذه الطريقة، ليس لديهم الفكر اللاهوتي الصحيح الذي يقول باننا جميعنا مسيحيون، ونشكّل معا جسد يسوع المسيح السري. وجسده واحد. صحيح انهم حاليا كنائس عدة. لكن الاعتقاد بان هذا الواقع عاديٌ امر خاطئ.

سؤال آخر عما يسمّيه "عطية الروح القدس" ومقدار قبول المسيحيين لها. في رأيه، الامر يستوجب التمييز، مع فهم فوارق دقيقة. "صحيح ان الوحدة تستوجب التزاما من المسيحيين، غير ان هذا الالتزام ليس كافيا. لهذا السبب نقول انها عطية من الروح القدس. منطق الله، لا سيما حول الزمن، يختلف عن منطق البشر. ويجب ان نفهم ان الخطأ فِعلٌ بشري دائما، والاصلاح يأتي من الله. الله هو الذي يصلح خطأنا البشري. ولكن هذا لا يعني الا يلقى تعاونا من البشر".

"رؤية واحدة الى الكنيسة"

انقسام بين المسيحيين منذ اكثر من الف عام. المدة دهرية، "لكن امورا تحققت خلالها"، على ما يلاحظ، "والصلاة من اجل وحدة المسيحيين تدخل ضمن هذه الخطوات التي تحققت. نتقدم خطوات صغيرة، ربما كل 10 سنوات. هذا الامر لا يهم، لكنه يساعد".

في دفتر ملاحظاته ايضا، خطوات "كثيرة" تحققت على كافة الأصعدة، ابرزها "نزع الكنيستين الارثوذكسية والكاثوليكية العام 1965 الحرم الكنسي المتبادل". ويتكلم على الحاجة الى "وقت لتحقيق تقارب" بين الكنائس، لا سيما بعد "مدة طويلة من التباعد بينها". يستحضر الحوار الذي بدأ يتكثف منذ العام 1980 "بين الكنيسة الكاثوليكية والكنائس الارثوذكسية كافة، من خلال لجنة حوار. والافرقاء يلتزمونها".

تقارب كنسي واجتماعي، زيارات كنسية متبادلة، بيانات مشتركة... في مقابل عقبات امام الوحدة تتمثل في ما يسميه الجلخ "نظرة الكنيسة الى نفسها". "اذا اصبحت لدينا جميعا رؤية واحدة الى الكنيسة، تحلّ كل المشاكل"، على قوله. الجواب على اي عقبات "مزيد من الحوارات". وفي غضون ذلك، تنتظر الوحدة، و"لا نزال نحتاج الى تحقيق تقدم في امور كثيرة. 30 سنة ليست شيئا" في الحوار المسكوني، في رأيه.

مجلس الكنائس "ضرورة"

في التقويم الايجابي للامور، مجلس كنائس الشرق الاوسط الذي تأسس العام 1974 هو "احدى نتائج هذا التقارب الكنسي ورغبة الكنائس في الحوار"، على قوله. من الاهتمامات العملية للمجلس حاليا، تقديم "خدمات اجتماعية" (دياكونية) في مختلف البلدان العربية. "لكن بقدر ما يقدِّم مساعدات، يقوم ايضا على تلقي المساعدات المالية. المجلس يعيش منها. وهو يُساعِد بقدر ما يُساعَد".

اوضاع المجلس واهتماماته تعرضها غدًا الخميس 25 ك2 2018، لجنته التنفيذية. ومن المتوقع ان تتخذ خلاله قرارات قيادية. "نعم، المجلس ضرورة، لان من دونه لا تواصل بين مختلف الكنائس". هل تجاوز ازمته المالية التي عصفت به قبل اعوام؟ يجيب: "نعم، تجاوزها. ولا يعاني حاليا صعوبات مالية".

ويتدارك: "المجلس قد يمر، على غرار بقية المؤسسات، بـ"نزلات وطلعات". لقد واجه صعوبات كبيرة في احدى المراحل. وكأي مؤسسة اخرى، يحتاج الى ادارة صحيحة، واقعية، وايضا قادرة على التأقلم مع وضعه الحالي. فهو لا يعيش حاليا سوى من اشتراكات مالية تدفعها الكنائس التي تشكّله، لكنها لا تغطي سوى 3 اشهر تقريبا من حاجاته. لذلك، تقع على امينه العام مسؤولية العمل والبحث عن تمويل ومساعدات له. ولحسن الحظ، لدى المجلس كنائس شريكات في الخارج تساعده".

خلال الاعوام الخمسة الماضية التي تولى خلالها الجلخ الامانة العامة للمجلس (2013)، ركّز على ترتيب محاسبته المالية وتوضيحها. ما يحتاج اليه المجلس حاليا هو "رؤيا"، على قوله. وما يقترحه لها هو ان "تكون لنا اولا رؤيا مشتركة بين كل المسيحيين في الشرق الاوسط الى اوضاعهم. من المهم ان نضع وثيقة بهذا الخصوص. ثانيا، يجب الاستمرار في تحقيق التواصل بين مختلف الكنائس لتحقيق مزيد من التقارب بينها، والعمل من اجل الوحدة".

للمجلس حاجات اخرى، منها تعزيز المساعدات الاجتماعية التي يقدمها، وهي بمثابة "فلس الارملة" لا اكثر، بتعبير الجلخ، و"تقوية حضوره، اعلاميا وميدانيا، وايضا دعم فريق عمله بمتطوعين يتكرسون له مجانا لنشر رسالته المكسونية". المستقبل "ليس متفائلا به او متشائما تجاهه". لا تزال لدى المجلس "امور كثيرة ليحققها ميدانيا"، على قوله. و"يجب الا ننسى انه منظمة غير ربحية، وتكمن فرادته في الشرعية التي له وحده في التكلم باسم جميع المسيحيين في الشرق الاوسط، وفي ان كل الكنائس تريده".